الدُّروسُ المستفادةُ مِن رِحلة الإسراءِ والمعراج

  • 5/12/2018
  • 00:00
  • 20
  • 0
  • 0
news-picture

ينبغي أن يكونَ المسلمون حريصين على الانتفاع بالأحداث التاريخية والمناسبات المباركة التي تمر بهم, ولا ينبغي أن تمر بهم هذه الأحداث وتلك المناسبات مرور الكرام, ومِن ذلك على سبيل المثال: مُناسبة الأسراء والمعراج التي نعيش أيامها في هذه الأيام المباركة, ينبغي ألا يقتصر استقبالهم لهذه المناسبة على الخطب الرنانة أو الحلوى التي تعرف بحلوى المعراج, وإنما عليهم أن يأخذوا مِنها الجانب العملي والدروس المستفادة مِن هذه الرحلة, منها: 1-كانت هذه الرحلةُ بشارة للرسول -صلى الله عليه سلم- بالنَّصر القريب كما كانت تأييدا له مِن قِبل الله عز وجل. كأن الله عز وجل يقول له: إذا ضاقت عليك أرجاء الأرض وأُغلقت في وجهك أبوابها فعندي مُتسع لك في السماء, وإذا ضاق بك أهل الأرض فسيُرحِّب بك أهل السماء, وإذا لم تر مِن قومك ما يسُرُّ خاطرك فسترى مِن آياتي ما يُسرِّي عنك ويسرّ عينيك وقلبك. ولذا نجد سورة النحل التي سبقت سورة الإسراء تنتهي بالآيتين الكريمتين (واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون, إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون) الآيتان 127-128 بينما بدأت سورة الإسراء بقوله تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا مِن المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير) آية رقم 1. وهذا يعطىي إشارة عظيمة مُفادها: أنه إذا صبرت يا محمد على ما أصابك مِن ضيق بسبب المشركين فإن الله تعالى سيقوِّيك على تحمل هذا الصبر, وحينما تنجح في هذا التحمل ستكون في معية الله تعالى التي هي مع المتقين والمحسنين, وإذا كنت في معية الله تعالى ظفرت بالنصر وهو رحلة الإسراء والمعراج تلك الرحلة العظيمة التي ما نالها نبي مرسل ولا ملك مقرب ودائما يكون النصر مع الصبر. 2-كانت هذه الرحلة بيانا واضحا على فضل المسجد الأقصى المبارك الذي هو كما يقول الإمام القاسمي في تفسيره: مُتعبَّد الأنبياء السابقين, ومسرى خاتم النبيين ومعراجه إلى السماوات العلا, وأولى القبلتين, وثالث الحرمين, ولا تُشدُّ الرِّحال بعد المسجدين إلا إليه. وروى الإمام أحمد والنسائي والحاكم: أن سليمان -عليه السلام- لما بنى بيت المقدس سأل ربه ثلاثا فأعطاه اثنتين, سأله حكما يصادف حكمه فأعطاه إياه, وسأله ملكا لا ينبغي لأحد مِن بعده فأعطاه إياه, وسأله أيما رجل خرج مِن بيته لا يريد إلا الصلاة في هذا المسجد إلا خرج مِن خطيئته كيوم ولدته أمه.. قال النبي-صلى الله عليه وسلم-: وأنا أرجو أن يكون الله أعطاه الثالث. 3-في عروج الرسول -صلى الله عليه وسلم- مِن المسجد الأقصى وليس مِن المسجد الحرام إشارة إلى انتقال ميراث النبوة مِن ولد إسحاق –عليه السلام- إلى ولد إسماعيل -عليه السلام- فالقدس مدينة الأنبياء ومسجدها معراجه -صلى الله عليه وسلم- فحين يأتي إليها ويصلي بالأنبياء في مسجدها فإن هذا يعني أن دينه سيصل إليها بعد ذلك, وهذا ما حدث بالفعل بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- بخمس سنوات حين فتحها الخليفة الثاني عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- سنة 15 هجرية, وأصبحت مدينة القدس ضمن الدولة الإسلامية وتحت إمرة المسلمين. 4-ينبغى أن تغرس فينا ذكرى هذه الرحلة ضرورة أن تحذو هذه الأمة حذوَ نبيها -صلى الله عليه وسلم- صاحب هذه الرحلة في الدفاع عن المقدسات الإسلامية, فهذا المسجد الأقصى مسرى خاتم النبيين وأولى القبلتين وثالث الحرمين أسير عند يهود إسرائيل, والمسلمون اليوم ينظرون إليه وكأن الأمر لا يعنيهم, فهل مِن صلاح الدين يعيد أمجاد المسلمين ويحرر الأقصى مِن أسر يهود إسرائيل؟ 5-الحكمة في كون الصلاة هي الفريضة الوحيدة التي فرضت في السماوات ليلة المعراج هي: عِظم شأن هذه العبادة دون غيرها مِن العبادات. قال السُّهيلي: وأما فرض الصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم- هنالك ففيه: التنبيه على فضلها حيث لم تفرض إلا في الحضرة المطهرة، ولذلك كانت الطهارة مِن شأنها ومِن شرائط أدائها والتنبيه على أنها مناجاة الرب تبارك وتعالى, ومِن هنا كانت فرضيَّة هذه الفريضة في السماوات ليلة المعراج ولم تفرض بواسطة جبريل -عليه السلام-. الشيخ عثمان إبراهيم عامر

مشاركة :