الخرافات الدينية في الثقافة الشعبية

  • 5/12/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

في جميع العبادات، هناك خرافات فكرية أو ثقافية أو سلوكية أو حركية وهذا الموضوع يختلف عن التدين الشكلي أي ممارسة ظاهر العبادات من دون أن يطبع هذا التدين سلوك الإنسان. فنشأت خرافات في المساحة الفاصلة بين التساهل والتشدد في الدين. ففي مجال الصلاة، ينبه الإمام إلى ضرورة سد الفرج عند الوقوف في الصلاة فيعمد البعض تطبيقا لذلك إلى الالتصاق بمن يقف بجانبه، حيث فهم الفرج هي المسافات وكأن هذه الفرج يملأها الشيطان، كما يعمد الواحد منهم إلى لصق قدمه بقدم من يجاوره، ما يسبب ضيقا عند المصلين المجاورين. ومن الخرافات في هذا الباب أن مرور الكلب في الشارع أو المنزل ينقض وضوء المتوضئ ووجوده في المنزل يطرد الملائكة وغير ذلك من عشرات الخرافات التي يزدحم بها باب الصلاة. ومن الخرافات في الصلاة وضع اليدين عند الوقوف في الصلاة على الصدر من أعلى أو على الوسط، أو عدم وضع الأيدي أصلا. وبعض المصلين عند التشهد يحرك الإبهام بشكل متصل أو يرفعه طوال فترة التشهد، ومنهم من يكثر من الدعوات عند السجود والركوع بشكل هستيري وكأنه يسابق الزمن، بل بعضهم بصوت كطنين النحل. وفي مجال الصوم بدع من التساهل والتشدد. ويرجع ذلك في الصوم والصلاة إلى بلبلة تحدثها الفتاوى المعاصرة الهادفة إلى تخفيف أعباء هذه العبادات، وبلغت بعض هذه الفتاوى حدودا دفعت الناس إلى التشكيك في مقاصدها كقول أحد المفتين الكبار ان شرب الخمر لا ينقض الوضوء، وإذا أراد الفرد الصلاة يكفي المضمضة من أثر الخمر، ما فتح الجدل حول شرب الخمر وهل يتفق مع أخلاق المسلم، كما صدرت فتاوى متطرفة من هذا النوع في صدد علاقة الصائم بزوجته في نهار رمضان وفي سياق الكفارات صدرت العديد من الفتاوى الغريبة. وفي مجال كفارات الحج، وخاصة مسألة الهدي، قيل فيه الكثير، وخاصة مع ظهور البنوك التي تنوب عن الحاج في الهدي بما يتناسب مع تطور الحياة وكثرة عدد الحجاج. كذلك ظهرت فتاوى للزكاة تحاول الجمع بين الأحكام الفقهية القديمة، وتطور الظروف والحالة الاقتصادية وتغير القيمة الشرائية للسلع والنقود. وفي مجال المعاملات اكتسحت الحياة الحديثة المجتمعات الإسلامية فرأى البعض ضرورة توثيق الطلاق واعترض البعض على ذلك وآثارت هذه القضية جدلا واسعا بين الأزهر والرئاسة في مصر مما كثرت معه التأويلات السياسية. كذلك ثار الجدل الديني حول الربا وفوائد البنوك، وحول الحجاب والنقاب ومدى الإلزام الديني في هذه الملابس، ولابس ذلك كله اعتبارات لا علاقة لها بالدين. ولايخفى أن بعض الفقهاء القدامي قد نبه إلى أن التشدد لتنقية الدين مما علق به من خرافات هو من ضرورات الدين حتى شاع أن المذهب الحنبلي وتطبيقاته هو المذهب المتشدد عند العامة ويردد الناس «لا تكن حنبليا» أي متشددا. ومما أضاف إلي هذه البلبلة ظهور بعض المسؤولين في الإعلام يخلطون بين الأقوال السائرة وبين القرآن والأحاديث أو حث الناس على سلوك سياسي معين بمرجعية دينية، وكلها أمور تربك العامة خاصة ظهور بعض المرجعيات الدينية لكي يغلب اتجاهه السياسي على صحيح الدين، وأعتقد أن مثل هذه الممارسات أضعفت سلطة الدين في النفوس ودفعت بعض الشباب إلى الانفلات من الدين أو التشدد فيه.

مشاركة :