في ذكرى النكبة: أهداف أعظم الثورات في تاريخ فلسطين 

  • 5/12/2018
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

في زمن مبكر، وقبل النكبة العربية الكبرى، 15 مايو/ آيار 1948 ، كان الشعب الفلسطيني واعيا، لحجم المؤامرة التي تحيط بالوطن، ودور السياسة البريطانية التي تلعب بأقدار المنطقة وبمن عليها، وأن الحارس الواقف على بوابات فلسطين بالإنتداب، يمهد الأرض للمستوطينين اليهود والأفواج القادمة منهم، ويغض الطرف تماما عن العمليات الإرهابية العدوانية وممارسات العصابات الصهيونية .. فاندلعت نيران الثورة في فلسطين في 17 إبريل / نيسان  1936 وأعلنت إضرابا عاما لم يسبق له مثيل في الوطن العربي، قدم الشعب الفلسطيني خلاله أقصى ما يمكن أن يقدمه شعب مستميت في البسالة والتضحية والثبات والصبر.            أعظم الثورات في تاريخ فلسطين وتعد هذه الثورة من أعظم الثورات في تاريخ فلسطين في القرن العشرين، وتمكنت هذه الثورة في بعض مراحلها من السيطرة على كل الريف الفلسطيني، بل والسيطرة على عدد من المدن، بينما انكفأت السلطات البريطانية في بعض المدن الهامة، وقدمت الثورة نموذجا عالميا هو أطول إضراب يقوم به شعب كامل عبر التاريخ الحديث حيث استمر 178 يوماً، وربما لو كان الأمر مقتصراً على الصراع بين شعب فلسطين وبين الاستعمار البريطاني لنالت فلسطين حريتها واستقلالها منذ تلك الثورة، إذا ما قارنا هذه الثورة بثورات الشعوب التي نالت استقلالها، ولكن وجود مخطط  أخطر مؤامرة في التاريخ، بتأثير الحركة الصهيونية في بريطانيا والدول الكبرى جعل الأمر أكثر صعوبة وتعقيداً.. ومن أهم المعارك التي خاضتها الثورة الفلسطينية :  معركة نور شمس( 23 / 5 / 1936)..معركة عنبتا (38 / 6) .. معركة وادي عزون (28/ 6)..معركة الفندقومية (30 /6)..معركة باب الواد (26 /7)..معركة رأس عامر (3 /8)..معركة صفد (9 /8)..معركة بلعا الاولى (10 /8|)..معركة عصيرة الشمالية (17 /8)..معركة وادي عرعرة (20 /8)..معركة عين دور (29 /8).. معركة بلعا ( 3 /9) ..معركة الجاعونة (9 /9)..معركة ترشيحا (9 /9)..معركة حلحول (24/9|)..معركة جبع (24 /9)..معركة بيت مرين (29 /9)..معركة الخضر (6 /9)..ومعركة كفر صور (9/10/ 1936) كانت أهداف ثورة 1936 – 1939 هي الأهداف نفسها التي ثار الفلسطينيون من أجلها، والتي قاموا في سبيلها بالمظاهرات والاضرابات والاصطدامات العنيفة مع الأعداء منذ 1919 حتى ربيع 1936، وهذه الأهداف هي صيانة عروبة فلسطين، والحفاظ على أراضيها، ومنع تهويدها، وإعلان استقلالها في وحدة عربية شاملة.   إضراب لم يسبق له مثيل في الوطن العربي وقرر أهل يافا في إجتماع عقده فريق منهم في 20 أبريل/ نيسان، الإضراب العام «برا وبحرا»، وأصدروا بيانا وافقت عليه جميع المدن والقرى في فلسطين، وشمل الإضراب جميع مرافق الحياة الإقتصادية والإجتماعية ، فأغلقت جميع المخازن والمصانع والمقاهي، وتوقفت الحركة التجارية، فلم يرق ذلك لحكومة الإنتداب البريطاني، وحاولت إرغام التجار على فتح مخازنهم، فنقلوا بضائعهم إلى بيوتهم، وكتب عدد منهم على مخازنهم «برسم الإجار والمخابرة مع الحكومة !!»..وعقد رؤساء البلديات إجتماعا سريا في بيت رئيس بلدية رام الله ، في 31 مايو/ آيار،  وقرروا إيقاف أعمال البلديات، وإستثنوا من ذلك أعمال التنظيف حفظا للصحة العامة، إلا أن «عمال الكنس» أصروا على المشاركة في الإضراب، وساءت حالة المدن، فخابرت حكومة الإنتداب أحد مشايخ شرق الأردن ليرسل رجاله للقيام بأعمال «كنس» مدينة القدس، فأجاب ذلك الشيخ قائلا : ليس رجالي أقل وطنية من «كناسي» مدينة القدس .       أول لجنة عربية لتوجيد القيادة وتركت الأحزاب السياسية  الفلسطينية تخاصمها، وإجتمع رؤوساؤها وقرروا تأسيس « لجنة عربية عليا»  لتوحيد القيادة، وللإشراف على الحركة الوطنية، وتألفت  اللجنة العربية العليا من رؤساء الأحزاب الخمسة، وخمسة آخرين من رجالات فلسطين، وكان أعضاؤها : الحاج أمين الحسيني، راغب النشاشيبي، أحمد حلمي عبد الباقي، الدكتور حسن الخالدي، يعقوب فراج، عوني عبد الهادي، عبد اللطيف صلاح، الفرد روك، جمال الحسيني، ويعقوب الغصين .. وانتخب الحاج أمين الحسيني «مفتي فلسطين»رئيسا ، وأحمد حلمي عبد الباقي أمينا للصندوق، وعوني عبد الهادي سكرتيرا، وأعتقل «عوني» فانتخب مكانه السيد «دووزة»، وأعتقل أيضا ، فانتخب السيد «فؤاد سابا» خلفا له.       الثورة تتمدد رغم سطوة الانتداب البريطاني وأخذ الإضراب السلمي يتسع رغم تعسف القوات البريطاني واعتداءاتها على الشعب الفلسطيني، والتمادي في سياسة الإعتقال والحبس .. وظهرت عمليات مسلحة للمقاومة الفلسطينية قادها الشيخ عزالدين القسام والذي أستشهد في معارك الثورة ، وحمل معظم القرويين وكثير من أهل المدن السلاح، وأخذوا يقاومون القوة بالقوة، وكان القتال في كل مكان في الليل والنهار، ولجأت حكومة الإنتداب البريطاني إلى عنف المواجهة، وفرض الغرامات، ومصادرة الأموال والأملاك، والتفتيش وإلقاء القبض والإعتقال لمجرد الشبهة، وتم نسف قسم كبير من مدينة يافا القديمة، وأحرق اليهود عشرات المنازل للعرب معظمها في منطقة تجاور تل أبيب .. وتأججت نيران الثورة ، وتدخل ملوك وأمراء، بتوجيه نداء إلى اللجنة العربية العليا، بإعطاء فرصة للحكومة البريطانية لإعادة تقييم الأمور، وإستجابت اللجنة العربية العليا في 31 أغسطس / آب 1936 لنداء الوساطة العربية.     ولم تفعل الحكومة البريطانية «الصديقة للعرب» شيئا، وعادت نيران الثورة تتأجج مرة أخرى، وتواصلت على مدى ثلاث سنوات، حتى أضطرت الحكومة البريطانية إلى عقد مؤتمر دولي في لندن سنة 1938 بمشاركة بعض الدول العربية، وأصدرت بريطانيا «كتاب أبيض» سنة 1939 يشرح تصورها لحل المشكلة الفلسطينية، ويتضمن إستقلال مشروط لدولة فلسطينية بعد فترة إنتقالية مدتها عشر سنوات، مع السماح بدخول 15 ألف مهاجر يهودي كل سنة إلى فلسطين لمدة خمس سنوات !!         الثورة ترفض مؤامر التقسيم..وتطالب بدولة فلسطينية مستقلة كانت الثورة الفلسطينية مفاجأة قاسية لسلطة الإنتداب البريطاني، ومفاجأة صادمة لحركة الإستيطان الصهيوني، وقررت الحكومة البريطانية أن تبعث بلجنة تحقيق تتقصى أسباب الثورة، وجاءت اللجنة برئاسة اللورد« بيل »، وأصدرت توصية بتقسيم فلسطين إلى دولة يهودية، ودولة عربية يتم دمجها مع شرق الأردن، على أن يظل الإنتداب البريطاني قائما عبر الضفتين، ورفضت قيادة الثورة الفلسطينية إقتراح التقسيم ، وطالبت بإنشاء دولة فلسطينية واحدة مستقلة توفر الحماية والحقوق المشروعة لليهود وغيرهم من الأقليات ..    واستمرت الثورة تهز فلسطين، وقدم الشعب الفلسطيني خمسة آلاف شهيد في معاركها.

مشاركة :