ذكرت في مقالي السابق المساهمات المصرية الملموسة في مجال القانون والتشريع والقضاء والدستور.. وسأتكلم هنا عن موضوع مكافحة الفساد، فما صلة مصر وأهلها بهذا الموضوع؟! السبب هو خبر لفت نظري تم في مصر الأسبوع الماضي، وحزَّ في نفسي عدم سماعنا أخباراً من تلك الشاكلة في بلدنا الحبيب الكويت، على الرغم من أننا بلد صغير! الخبر هو عن مكافحة الفساد في مصر بشكل عملي وملموس، ومع علمنا بأن تلك المكافحة لن تطول كل الفساد في مجتمع يزيد تعداد سكانه على 90 مليوناً، ويتسم اقتصاده بالضعف بالنسبة إلى اقتصادات بلد مثل بلدنا صغير وفاحش الثراء! الخبر يقول: «أعلنت هيئة الرقابة الإدارية في مصر توقيف مسؤولين حكوميين في قطاعات مختلفة على خلفية اتهامهم بجرائم رشوة وإفساد مالي وإداري».. وأشارت الهيئة إلى أن قيمة المخالفات تجاوزت نحو 20 مليون جنيه، أو ما يعادل 1.13 مليون دولار تقريباً.. وقالت الرقابة الإدارية إن أجهزتها تمكنت من القبض على مدير عام سابق في أحد البنوك لتقاضيه مبلغاً مالياً كرشوة من صاحب إحدى الشركات الخاصة مقابل سرعة إنهاء وتسهيل الحصول على تسهيلات مالية وقروض من البنك من دون توافر ضمان.. وفي ما يتعلق بوزارة المالية، ألقت الرقابة الإدارية القبض على مسؤول كبير في أحد قطاعات المالية ومديري عموم أثناء تلبسهم بتقاضي رشوة من صاحب شركة توريدات ومقاولات، لتمكينه من تنفيذ أعمال لمصلحة وزارة الصحة بالمخالفة للقانون.. وفي واقعة لافتة قالت الهيئة إنها ضبطت موظفاً في مؤسسة خيرية خلال إجرائه عملية سحب وتحويل لحسابه الخاص بملايين الجنيهات من أموال الجمعية الخيرية، وكان يحاول انتحال صفة شخص آخر…». أكتب وأسرد هذه الحكايات عن الفساد المضبوط في مصر والتي أسعدتني وأحزنتني في الوقت نفسه.. أسعدتني صحوة الجهات الرقابية المحاسبية في مصر على وقائع الفساد، مهما بلغت تفاهتها حسب المعايير المصرية والكويتية في آن واحد!.. وأحزنتني لأننا نسمع ونرى ونتيقن من عشرات قصص ووقائع الفساد في الكويت بعشرات أو مئات أضعاف وقائع الفساد المصرية من دون رادع من ضمير أو أخلاق أو قانون! فالأجهزة الرقابية – عدا ديوان المحاسبة – لدينا ما زالت وبحق هي تستحق تسميتها أجهزة «الفرجة على الفساد» بدل أن تسمى أجهزة «مكافحة الفساد»، وقد بحت أصواتنا في إلقاء الضوء على ذلك التقاعس غير المفهوم من تلك الأجهزة وعلى ضرورة تفعيل قوانينها وأجهزتها للضرب بيد من حديد رادعة على الفساد والمفسدين، بكل أشكالهم وألوانهم ومسمياتهم وانتماءاتهم.. لكن لا حياة لمن تنادي..! ونقول لتلك الأجهزة ولكل أهلنا في الكويت المنتقدين لأشقائنا المصريين تلميحاً أو تصريحاً المثل الكويتي «العياب عند الباب».. لأنكم شئتم أم أبيتم فلكم في مصر أسوة حسنة. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. علي أحمد البغليAli-albaghli@hotmail.com
مشاركة :