بحلول الذكرى الـ 70 لتأسيس دولة إسرائيل تُعتبر العلاقات الألمانية الإسرائيلية وثيقة ومستقرة. ولا أحد كان يتوقع ذلك بعد الهولوكوست. لكن القضية الفلسطينية تثير دوما التوتر. العلاقات بين ألمانيا وإسرائيل ذات نوعية خاصة، وستظل دوما مطبوعة بالهولكوست أي عمليات القتل الجماعي التي نفذها النازيون بحق ستة ملايين يهودي. وبالرغم من ذلك تطورت العلاقة منذ 1965 عام بدء العلاقات الدبلوماسية من قبل الحكومة الألمانية بصفة مثيرة. ووقف وراء المصالحة المبكرة على وجه الخصوص ديفيد بن غوريون. ورغم الهولوكوست كان رئيس الوزراء الأول لإسرائيل يدافع عن النظرة إلى "ألمانيا الأخرى". بن غوريون وكونراد أديناور أول مستشار ألماني التقيا فقط مرتين ـ في 1960 و 1966 ـ وعلى الرغم من ذلك بدا رجلا الدولة كصديقين بعيدين. وانطلقت المباحثات الرسمية الأولى بين الجمهورية الاتحادية وإسرائيل في 1952. في البداية تعلق الأمر باتفاقية التعويضات، ثم حصلت اتصالات سرية لصادرات أسلحة ألمانية لصالح إسرائيل. وعندما عُرف هذا في منطقة التوتر الشرق الأوسط في 1964 كان القلق كبيرا. وكان ذلك في النهاية بمثابة الدفعة الأخيرة لبدء علاقات دبلوماسية كاملة. تحذير بسبب بناء المستوطنات وتم تعزيز العلاقة الثنائية والتضامن بفضل مناسبات مشتركة وزيارات لممثلي الحكومة الألمانية. لكن هلموت كول سافر خلال السنوات الـ 16 من حكمه كمستشار فقط مرتين إلى إسرائيل. بخلاف أنغيلا ميركل التي زارت إلى حد الآن إسرائيل ست مرات. لكن سفرياتها تقل. وقد يكون لذلك علاقة بنهج بنيامين نتانياهو اليميني القومي في تدبير الشأن الحكومي. وتشدد المستشارة وحكوماتها باستمرار على حق وجود إسرائيل. وبالنظر إلى سياسة الاستيطان الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية يؤكدون دوما على حل الدولتين بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وكل بناء مستوطنات إسرائيلية ترافقه تحذيرات من ألمانيا بعدم إثقال الوضع المتوتر في البلاد. وفي صيف 1994 انتقل مارتن كوبلر الذي هو اليوم سفير في باكستان كأول دبلوماسي أجنبي إلى أريحا في المكتب التمثيلي لجمهورية ألمانيا الاتحادية. لكن الأمل الذي انبعث في الماضي بتحقيق مكسب سلام للجانبين لم يتحقق. وزير الخارجية الألماني الجديد هايكو ماس في إسرائيل المسؤولية الخاصة لألمانيا في إسرائيل تتمتع ميركل رغم الاختلافات في الرأي بشأن القضية الفلسطينية بتقدير عال. ففي 2008 تحدثت كأول ممثلة حكومية أجنبية للمرة الأولى على الإطلاق في الكنيسيت. وذلك باللغة الألمانية لغة الجناة(جناة الهولوكوست). وأمام البرلمان الألماني لم يتحدث من الجانب الإسرائيلي سوى الرئيس شيمون بيريس الذي تمت دعوته لحضور الاحتفال بالذكرى السنوية للبرلمان ترحما على ضحايا القتل الجماعي الذي نفذه النازيون. وفي خطابها التاريخي أمام الكنيسيت في 2008 ظهرت المستشارة متأثرة عندما قالت هذه الكلمات:" بالتحديد في هذا الموقع أقول بكل وضوح إن كل حكومة ألمانية وكل مستشار قبلي كانوا ملتزمين بالمسؤولية التاريخية الخاصة لألمانيا بالنسبة إلى أمن إسرائيل. وهذه المسؤولية التاريخية لألمانيا هي جزء من سياسة الدولة التي تتبناها بلادي. وهذا يعني أن أمن إسرائيل بالنسبة لي كمستشارة ألمانية غير قابل أبدا للمساومة". وكلمات ميركل يتم إلى اليوم ذكرها، لكن تُقابل أيضا بالانتقاد في ألمانيا. لأنه لا أحد يريد تصور وجود جنود ألمان حتى ضمن القبعات الزرق التابعين للأمم المتحدة في الجولان. إسرائيل كنظام فصل عنصري؟ والعلاقات مع إسرائيل تمثل بالنسبة إلى سياسيين ألمان دوما أرضية حساسة جدا كانت جيدة لاسيما في ظل وزير الخارجية وشكا فيشر الذي ينتمي لحزب الخضر . وفي 2001 شارك في مباحثات سياسية في تل أبيب عندما خلَّف اعتداء إرهابي نفذه فلسطينيون على كورنيش تل أبيب 21 شخصا. وبعدها بساعات حاول فيشر التوسط بين الجانب الإسرائيلي والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في غزة. إلا أن رئيس الدبلوماسية الألماني السابق زيغمار غابرييل عايش عكس ذلك توترات دبلوماسية. ففي 2016 ألغى رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو لقاء عندما وصل غابرييل إلى إسرائيل، لأن وزير الخارجية الألماني أراد لقاء ممثلين عن منظمات منتقدة للحكومة الإسرائيلية. وقبلها بسنوات زار رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي الخليل ووصف في الختام إسرائيل "كنظام فصل عنصري". وبناء المستوطنات الإسرائيلية يثير باستمرار خلافات في الرأي. ولذلك تم في السنة الماضية إلغاء مشاورات حكومية ثنائية. والآن يُراد تداركها بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيس دولة إسرائيل بالقدس. حل الدولتين كهدف وزير خارجية ألمانيا الجديد هايكو ماس، كذلك من الحزب الاشتراكي الديمقراطي يعمل جاهدا من أجل شعور دبلوماسي دقيق. ففي فترة قصيرة بعد شغله منصبه الحالي سافر إلى إسرائيل وبرهن على حس رفيع بشأن البعد التاريخي للعلاقات الألمانية الإسرائيلية. ولكنه يقف هو الآخر في السياسة الراهنة أمام قانون التوازن الذي مفاده "مستقبل سلمي لإسرائيل اليهودية والديمقراطية لا يمكن لنا تصوره سوى ضمن حل الدولتين"، كما قال في مؤتمر صحفي، ويواصل بذلك نهج سلفه غابرييل في هذه القضية. وفي ألمانيا يتم في كل وقت افتقاد إشارات تكشف عن التوافق السلمي بين الإسرائيليين والفلسطينيين. فيما أن ألمانيا تُعد منذ مدة طويلة بعد الولايات المتحدة الأمريكية ثاني أهم شريك تجاري لإسرائيل، وصدّرت بتكرار غواصات إلى إسرائيل. وتوجد مشاريع بحوث مشتركة كثيرة. لكن العلاقة السياسية لا تخلو من توتر. كريستوف شتراك/ م.أ.م
مشاركة :