شهر فضيل يهل علينا، شهر يعد بألف شهر، فرض من فروض الإسلام، وفيه ليلة هي بألف شهر، يهدف إلى تنقية النفس والروح والجسد، حتى أصبح اليوم يعادل عاماً بأكمله، ومحطة لمراجعة النفس، ويقرب الإنسان إلى ربه وخالقه العظيم بالابتهال والدعاء وطلب المغفرة، فهو بعظمته أقرب ما يكون للإنسان كما هو قريب دائماً. هذا الازدحام والتدافع الكبير في الشراء الذي نلاحظه في هذه الفترة يثير العجب والدهشة، اللهاث في الجمعيات والأسواق بهذه الصورة الكبيرة ينفي إلى حد ما الهدف السامي لهذا الشهر الكريم وفريضته، والغريب في الأمر أن الكثير من الناس أصبح في الفترة الأخيرة يعزف عن الطعام بقدر، خوفاً من «السمنة»، وخوفاً من الأمراض، ومن يعاني من أمراض يحدد له نوع من الأطعمة، وعلى رأسها السكريات والدهون في بال هؤلاء الذين يزدحمون على الشراء وملء عربات التسوق؟ فكما نلاحظ في ساعة الإفطار لا يتناول الكثير منه إلا القليل! قد يعزو الأمر في هذا كله ونضعه تحت نظرية «كل ممنوع مرغوب»، أو إذا حدد للإنسان وكلف بأمر ما فيحاول التمرد بهذا الشكل، وهنا يكون التفريق ما بين الصدق في التوجه إلى جوهر هذا التكليف والفرض الإلهي النبيل الذي يسمو بالإنسان إلى الأعلى والأسمى، والعادة تبقى هي التي تحرك تلك هذه الجموع في هذا التهافت الأكبر في العام بأكمله، فهنا تجتمع الأسرة كاملة نحو مائدة وسفرة الطعام، وهناك الدعوات «والغبقات» التي أصبحت عادة في كل رمضان بين الأسر بعضها وبعض بالتناوب، حتى وصلت إلى الغبقات الرسمية وهي فرصة للالتقاء الذي عز على الجميع الالتقاء به إلا بهذا الشهر الفضيل. الأيام تمضي سريعة والأوقات أصبحت مشحونة، والمشاغل والأعباء الحياتية في هذا الزمن المتسارع حدت من فسحة للتلاقي. هو شهر الخير والإحسان، ففي هذا الشهر تشف النفس الإنسانية ويتجه الإنسان إلى ربه لطلب المغفرة والدعاء وأن يمن الله بعودته العام القادم وهو على قيد الحياة. نبارك للجميع حلول شهر رمضان المبارك، وندعو الله تعالى للجميع بالصحة والعافية، وأن يعيده على الجميع بالخير والاحسان والأمن والسلام. فاطمة عثمان البكر
مشاركة :