أبوظبي: رشا جمال أكد خبراء وباحثون سياسيون أن قرار الدول العربية الأربع، الإمارات والسعودية والبحرين ومصر، بمقاطعة قطر كبّد الدوحة خسائر مالية واقتصادية كبيرة؛ أجبرتها على تسييل جزء من أصولها الاستثمارية الأجنبية، واستمرار السحب من الصندوق السيادي، وتراجع احتياطيها المالي، وازدياد أزمة السيولة في البنوك القطرية، فضلاً عما تعانيه في قطاعات السياحة والفنادق والإنشاءات، من ضغوط، مشددين على تراجع الدور القطري على مستوى الإقليم وانحسار قوتها الناعمة.وأجمع المشاركون، خلال حلقة نقاشية عقدها مركز الإمارات للسياسات في أبوظبي أمس لتقديم قراءة استراتيجية في مخرجات المقاطعة العربية لقطر،بعد مرور عام عليها، على أن الدوحة فقدت فاعليتها في الوساطة أو الأعمال الإنسانية، بالإضافة إلى انكشاف دورها في التضليل والتحريض للمنصات الإعلامية التي تدعمها. وأشاروا إلى أن المقاطعة تسببت في فقدان الدور الذي كانت اكتسبته الدوحة للدولة القطرية خلال ما يسمى بالربيع العربي حيث كان يتم استخدامها لتنفيذ أجندات تحقق مصالح دول بعينها.توقع المشاركون أن تواصل قطر سياسة المكابرة، بسبب اعتمادها على إمكاناتها المادية ومحفظتها الضخمة والتي يمكن أن تستمر لسنوات طويلة، كما توقعوا أن تستمر الدوحة في الاعتماد على منابر إعلامية شرسة تعطيها وهم القوة،وكذلك الاستناد إلى موقف أمريكي وأوروبي ملتبس،بالإضافة إلى الارتماء في أحضان إيران وتركيا، وإنفاقها ما يقارب من 250 مليار دولار على صفقات دفاعية.وقالت الدكتورة ابتسام الكتبي خلال كلمتها في افتتاح المؤتمر«بعدَ نحو عامٍ على أزمة قطر تترسّخ القناعة مجدداً بأن سياسات قطر لا تعمل لصالح مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ويتأكد يوماً بعد يوم أن الدوحة أقامت دورَها الإقليمي وتوجهات سياستها الخارجية على كل ما يُعاكس التوجهاتِ العامة للمجلس ومصالح دوله، وهو ما كان السبب الذي من أجله قررتْ السعودية ومصر والإمارات والبحرين في الخامس من يونيو 2017 مقاطعتها، في رسالةٍ مضمونها بأن استمرار الدوحة في دعمِ قوى التطرف والإرهاب في المنطقة والتحريض على دول الخليج، ومعاكسةِ مصالحها لا بد له أن يتوقف».وحول العلاقة الإيرانية القطرية قالت: «قطر تُقِيم علاقةً خاصة بإيران، وهذا شأن سيادي، إلا أنه يبدو غير ذلك حين يصبح مُهدِدَاً لمصالح «مجلس التعاون»، وهو المنظمة التي تنتمي إليها قطر، والتي من المفترض أن ترفض تدخل إيران في شؤونه الداخلية». وعقدت الجلسة الأولى تحت عنوان: «أثر المقاطعة على الاقتصاد القطري»، تحدث فيها المهندس عمر باحليوه، رئيس مكتب ديوان الأعمال الأساسية للاستشارات الاقتصادية، والذى أكد تأثر تجارة قطر بالمقاطعة ، إذ قال «بدأ الميزان التجاري بالانخفاض كما شهدناه في الربع الثاني والثالث من عام 2017، واستمرار هذا المؤشر في الانخفاض دليل على أن التجارة مع قطر أصبحت مكلفة بحكم المقاطعة، عقب المقاطعة حدث انخفاض في الحساب الجاري لقطر وصل إلى 35%، إذ صبحت قطر طاردة لرؤوس الأموال الأجنبية مرجعاً قدرة قطر على الصمود نتيجة امتلاكها أصولاً ثابتة واستثمارات خارجية».وقال الدكتور حمد التويجري، الخبير الاقتصادي والأستاذ بكلية الاقتصاد بجامعة الملك سعود:» حققت قطر نمواً اقتصادياً بمعدل 6% خلال عام 2016 قبل المقاطعة، إلا أن النمو في عام 2017 تراجع إلى 2.5%، وفي عام 2018 أصبح نحو 1.8%، أي النمو الاقتصادي القطري خسر 60% بالرغم من ارتفاع أسعار الغاز والنفط في عام 2017 مقارنة بعام 2016وتحدث الدكتور محمد بن هويدن استاذ مساعد ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الإمارات عن كلفة المقاطعة قائلاً:«تسببت مقاطعة الدوحة في كلفة كبيرة على المستوى السياسي وهي:انكشاف قطر حيث أصبحت مخططاتها واضحة، كما فقدت قوتها المتمثلة في الموارد المادية، وأيضا فقدت قبول الآخرين للدولة القطرية والذي كانت اكتسبته قبل الربيع العربي حيث كان يتم استخدامها من قبل الدول لتحقيق مصالحها».ومن جانبه قال الدكتور عبد الخالق عبد الله، استاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات سابقاً:«إنه بعد مرورعام على المقاطعة تبدو قطر متعبة ومنهكة سياسياً، ولكنها مكابرة ومستعدة لدفع فاتورة المقاطعة، ويبدو أنها قررت أن لا ترفع راية الاستسلام وتستمر في التغريد خارج السرب لسنوات قادمة. ولفت الدكتور سالم اليامي محلل سياسي، ومستشار سابق في وزارة الخارجية السعودية، أن ما يحدث من قطر نتيجة سياسات منفردة تتبعها منذ فترة طويلة، فيما رأى الدكتور عبد الله الجنيد، باحث سياسي أن قطر ارتكزت على تيارات إيديولوجية مختلفة ولكنها تعاني حالياً الثقل الاجتماعي.واشار الدكتور عبد العزيز الخميس، رئيس تحرير «العرب» اللندنية سابقاً، وباحث في شؤون الشرق الأوسط إلى أن المقاطعة تسببت في تصنيف قطر كدولة مشبوهة في المحافل الدولية، بالاضافة إلى الكلفة الاقتصادية التي تتحملها والتي بلغت 120 مليار دولار حتى الآن حسب التقارير الدولية.وتناولت الجلسة الثالثة تعامل الإعلام مع المقاطعة، وقال الدكتور علي النعيمي، رئيس دائرة التعليم والمعرفة:«إن المال السياسي والإعلام هما مرتكزات السياسة والنفوذ القطري وكان ذلك وفق استراتيجية، فكانت قطر تصنع الخبر ولا تكتفى بالنشر فقط، وتمكنت من إحداث اختراقات في عدة منصات اعلامية، فعلينا إعادة التموقع عن طريق صناعة الخبر، فيما أكد محمد الحمادي، رئيس تحرير صحيفة الاتحاد أن الإعلام القطري استخدم الهجوم ضد مصر والسعودية، والآن يجب أن نقوم بحوصلة إعلامية، من خلال استحضار الفبركات التي يصنعها الإعلام القطري مثل المظاهرات في لندن، وعديد من الأخبار الكاذبة.وانتهت المناقشات إلى أن سياسات قطر لا تعمل لصالح مجلس التعاون لدول الخليج العربية.وأشار المشاركون إلى وجود خمسة سيناريوهات ممكنة لمستقبل أزمة قطر، هي: استمرار الوضع الراهن، وهذا السيناريو هو الراجح في المدى القصير على الأقل، أو توسيع المقاطعة الاقتصادية؛ من خلال تحفيز عملية هروب رؤوس الأموال من قطر، أو منع الشركات من التعامل مع قطر من خلال فرض عقوبات ثانوية على الشركات المخالفة فيما يشير السيناريو الثالث، إلى تعزيز قطر تحالفها مع إيران وتركيا والقوى المناهضة مثل الحوثيين؛ لافتين إلى أن هذا السيناريو مستبعد في الوقت الحالي لأنه يُرتب كُلفاً إضافية على قطر، بينما يكون السيناريو الرابع، التوصل إلى مقايضة بين الدول الأربع وقطر؛ تقوم على تقليص هذه الدول مطالبها مقابل قطع قطر علاقاتها مع «الإخوان المسلمين» والفاعلين ما دون الدولة، بينما تقوم الدول الأربع بالمقابل برفع العقوبات، والعودة إلى علاقات ما قبل الأزمة تقريباً، أما السيناريو الأخير هو قبول قطر بالمطالب عقب زيادة العقوبات أو فرض مزيد من العزلة.
مشاركة :