الاقتصادات تزدهر في المناطق التي يبلغ متوسط درجة حرارتها حوالي 14 درجة مئوية، وهو ما ينطبق على الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة واليابان والكثير من دول أوروبا، ولكن استمرار الاحتباس العالمي سيحول المناخ بهذه الدول بعيدًا عن الدرجة المثالية مما سيؤدي إلى إبطاء النمو الاقتصادي. ولذا فمن الضروري صياغة تشريعات ملائمة لمعالجة هذا الخلل، بحيث تكون السياسات المناخية محفزة للنمو الاقتصادي وليس العكس========================================================================ذكرت دراسة حديثة لبنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند عاصمة ولاية فيرجينيا الأمريكية أن الاحتباس الحراري من شأنه أن يبطئ النمو الاقتصادي في الولايات الأمريكية بشكل ملحوظ.وأفادت الدراسة التي نُشرت في تقرير لصحيفة (الجارديان) البريطانية بأن ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف يهدد النمو الاقتصادي ولا سيما في الولايات الجنوبية مثل: فلوريدا، لويزيانا، تكساس، ميسيسيبي، أوكلاهوما، والتي هي بالأساس من أقل الولايات نموا، وفق مؤشر التنمية البشرية.ويقول التقرير إن الاقتصادات تزدهر في المناطق التي يبلغ متوسط درجة حرارتها حوالي 14 درجة مئوية، وهو ما ينطبق على الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة واليابان والكثير من دول أوروبا، ولكن استمرار الاحتباس العالمي سيحول المناخ بهذه الدول بعيدا عن الدرجة المثالية مما سيؤدي إلى إبطاء النمو الاقتصادي.وفي المقابل إذا نجحت دول العالم في تحقيق هدف اتفاقية باريس للمناخ نحو الحفاظ على مستوى ارتفاع درجة حرارة الأرض لأقل من درجتين، فإن النمو الاقتصادي الأمريكي لن يتباطأ إلا بنسبة تتراوح ما بين 5 و10%. ولكن إذا سارت الأوضاع بنفس الوتيرة الحالية بما في ذلك السياسات المناخية التي تم تنفيذها حتى الآن (والتي من شأنها ان تؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 3 إلى 3.5 درجة مئوية بحلول عام 2100)، فإن النمو الاقتصادي الأمريكي سيتباطأ بنحو 10 إلى 20%. وفي ظل الانبعاثات الكربونية المتزايدة (والتي سترفع درجة الحرارة 4 درجات مئوية بحلول عام 2100) فإن النمو الاقتصادي الأمريكي سيتباطأ بنحو 12 إلى 25% بسبب ارتفاع درجات الحرارة وحدها.وينوه التقرير إلى أن البحوث الاقتصادية أظهرت أن الفشل في كبح الاحتباس الحراري سيؤدي بالتاكيد إلى تقليص النمو الاقتصادي، ولكن المفارقة أن السياسات المناخية نفسها قد تعيق النمو الاقتصادي، ولذا فمن الضروري صياغة تشريعات ملائمة لمعالجة هذا الخلل، بحيث تكون السياسات المناخية محفزة للنمو الاقتصادي وليس العكس.ويقول التقرير إنه مما يرثى له أن الدول النامية ستكون الأكثر تضررا من تغير المناخ، حيث تقع العديد من دول العالم الثالث بالقرب من خط الاستواء، حيث تكون درجات الحرارة بصفة عامة مرتفعة. وتتوقع دراسة أخرى أن هذه الدول الاستوائية الأكثر فقرا ستشهد تقلبات أكبر في درجات الحرارة، وفي ظل نقص الموارد المتاحة للتكيف، فإن هذه الدول الأكثر فقرا ستكون هي الأكثر معاناة من آثار التغيرات المناخية.ويُمثل هذه الأمر بحد ذاته معضلة أخلاقية حيث إن الدول التي أسهمت بنسب ضئيلة في كارثة الاحتباس الحراري هي الأكثر عرضة لآثارها، في الوقت الذي نكصت فيه الدول الغنية بوعودها بشأن توفير مساعدات مالية للدول الفقيرة لمساعدتها في التعامل مع التغيرات المناخية.وينوه التقرير بأنه عند تقييم السياسات المناخية، من الأهمية مقارنة النتائج بالقاعدة الأساسية. ففي عالم خال من ضريبة الكربون أو أي جهود أخرى للتصدي لتغير المناخ، ستواصل درجات الحرارة ارتفاعها، مما سيبطئ النمو الاقتصادي، وهذه هي القاعدة الأساسية الذي ينبغي أن تكون حاكمة للسياسات المناخية.وبالتالي فحتى لو أدت ضريبة الكربون لإبطاء النمو الاقتصادي، فإن السؤال هو هل سيتباطأ النمو أكثر أم أقل مما هو عليه الآن في عالم أكثر سخونة بدون ضريبة الكربون. وهذا يعتمد إلى حد كبير على ما ستفعله بقية دول العالم، ولا سيما بعد خروج الولايات الامريكية من اتفاقية باريس للمناخ رغم أنها تسهم بحوالي 14% في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية.وينتهي التقرير إلى أن رفض السياسات المناخية مثل ضريبة الكربون سيفوت الفرصة على العالم لتحقيق أهداف باريس، مما يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي.
مشاركة :