استعادت السلطات المصرية رفات 20 من مواطنيها ذبحهم عناصر تنظيم «داعش» في مدينة سرت الليبية عام 2015، فيما عزز الجيش الوطني الليبي قواته في درنة؛ آخر معاقل الجماعات المتطرفة في شرق ليبيا. وقال الناطق باسم «عملية البنيان المرصوص» التابعة لحكومة الوفاق الوطني العميد محمد الغصري إن قواته سلمت الرفات إلى السلطات المصرية، «وتم نقله بطائرة خاصة تابعة لشركة الخطوط الجوية الأفريقية من مدينة مصراتة» في غرب ليبيا. وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الجانب الليبي احتفظ بالرفات في مقر جهاز مكافحة الجريمة في مصراتة، قبل إرساله إلى مصر، أمس، «إيذاناً بانتهاء محنة أهالي القتلى ومعاناتهم». وعُثر على جثث المصريين العشرين في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بعد استعادة المنطقة المدفونة فيها في سرت من قبضة «داعش» الذي كان يسيطر على المدينة. وسيطر التنظيم على سرت في 2015، لكنه سرعان ما فقدها أواخر العام الماضي بعد هزيمته على يد قوات محلية مدعومة بغطاء جوي أميركي. وقُتل 21 شخصاً في المجمل خلال الواقعة التي أظهر تسجيل مصور لها قطع رؤوس الضحايا على شاطئ في فبراير (شباط) 2015 وهم يرتدون ملابس برتقالية اللون. وقال مسؤول أمني إن أحد الضحايا من غانا، فيما بقيتهم من أقباط مصر. إلى ذلك، عزز الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر قواته في درنة. وقال الناطق باسم الجيش العميد أحمد المسماري إن قواته «اضطرت لبدء عملية تحرير درنة بعد فشل كل مساعي الوساطة المحلية والقبلية»، مشيراً إلى أن «المقاتلين الأجانب المتحصنين بالمدينة استغلوا العنصر الزمني لحشد وتجهيز أنفسهم لمواجهة الجيش». ورأى أن «كل الحلول انتهت الآن، وأهالي درنة معنا ونحن معهم، ونحن وهم في خندق واحد». وأكد أن «الجيش لم يعلن الحرب على مدينة درنة أو سكانها، بل على الإرهابيين فقط». وعدّ أن «الإعلان عن حل (مجلس شورى درنة) المتطرف يعكس الانهيار النفسي والمعنوي، ومحاولة الهروب من المصير المحتوم على يد الجيش». وعدّت منظمة «هيومان رايتس ووتش» الأميركية، أمس، أن نقاط التفتيش التابعة للجيش في درنة «تحد بشدة من قدرة المدنيين على مغادرة المدينة ودخولها»، ونقلت عن سكان هناك أن «الحصار يتسبب في ارتفاع أسعار المواد الغذائية وازدياد ندرة بعضها، إضافة إلى تراكم النفايات في مناطق مختلفة بسبب القيود المفروضة على استقدام الوقود اللازم إلى المدينة لقيام السلطات البلدية بتوفير خدمات النظافة الملائمة». وحذرت من أن «الأعمال العدائية المسلحة في مدينة درنة قد تؤدي إلى نزوح جماعي للمدنيين، مما ينطوي على خطر عدم السماح للأشخاص بالعودة إلى منازلهم». وقالت الباحثة في المنظمة حنان صلاح إن «سكان درنة الذين يعانون من حصار عسكري امتد نحو عامين، يستعدون لمعركة طويلة محتملة للسيطرة على مدينتهم. على كبار القادة ضمان اتخاذ المقاتلين تحت قيادتهم جميع التدابير الممكنة لتجنيب المدنيين الأذى». وفي سياق متصل، أكدت قيادة القوات الأميركية العاملة في أفريقيا «أفريكوم»، ضمناً، صحة معلومات عن رغبة أميركية بالمشاركة في عملية درنة، لكنها رفضت التعليق مباشرة على الموضوع. ورداً على أسئلة لـ«الشرق الأوسط»، قال الناطق باسم قيادة «أفريكوم» الميجور كارل ويست: «لا يمكن أن نعلق على أي عمليات مستمرة أو مستقبلية محتملة... لكن مع ذلك أستطيع أن أقول إنه بالتنسيق مع حكومة الوفاق الوطني الليبي، لن تنسى الولايات المتحدة مهمتها المتمثلة في تحطيم وتعطيل وتدمير المنظمات الإرهابية وتحقيق الاستقرار في المنطقة». وأضاف: «نحن ملتزمون بالحفاظ على الضغط على شبكة الإرهاب ومنع الإرهابيين من إنشاء ملاذ آمن». ولفت إلى أن «تنظيمي (داعش) و(القاعدة) استفادا من المساحات غير المحكومة في ليبيا لإنشاء ملاذات للتآمر وتوجيه الهجمات الإرهابية، بما في ذلك تجنيد المقاتلين الأجانب وتيسير حركتهم، وجمع ونقل الأموال لدعم عملياتهم». وأشار إلى أنه منذ أواخر عام 2014، فإن عدم الاستقرار الداخلي في ليبيا «وفر لـ(داعش) ملاذاً آمناً لتنظيم المقاتلين وتدريبهم وتجهيزهم»، مشيراً إلى أن التنظيم شجع عناصره على السفر إلى سرت التي كانت أكبر ولاية تابعة له خارج العراق وسوريا، قبل تحريرها في 2016. وأوضح أنه «رغم أن فقدان سرت مثّل انتكاسة كبيرة لـ(داعش)؛ إذ لم يعد بإمكان عناصره الاحتفاظ بالأراضي في ليبيا، فإن التنظيم لا يزال يحتفظ في المقابل بالقدرة على ضرب قوات الأمن المحلية والبنية التحتية الحيوية والأهداف المدنية». وشدد على أنه «لا تزال لدى (داعش) القدرة على زعزعة الأمن الداخلي الليبي، مما يهدد بشكل مستمر القوات المحلية والأهداف الإقليمية الغربية». من جهة أخرى، قالت حكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج في طرابلس إنها ناقشت مع أعضاء في مجلس النواب إمكانية تشكيل حكومة جديدة. وقال بيان للحكومة إن نائب رئيس الحكومة أحمد معيتيق بحث لدى اجتماعه، أول من أمس، مع عدد من أعضاء مجلس النواب الموجود في مدينة طبرق، مشروع الإعداد للتوسعة الوزارية لتحظى بثقة البرلمان «لتوحيد مؤسسات الدولة وإنهاء حالة الانقسام، وفق مخرجات الاتفاق السياسي».
مشاركة :