مفهوم العقل:العقل معناه الحبس والمنع ومنه عقلتُ البعير أي ربطته. وهو الغريزة المدركة في الإنسان التي بها يعقل ويعلم وهي كقوة البصر في العين. والعقل عقلان، عقل غريزي طبعي وهو أبو العلم ومربيه ومثمره. وعقل مكتسب مستفاد وهو ولد العلم وثمرته ونتيجته، فإذا اجتمعا في العبد، فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء واستقام له أمره وأقبلت إليه أسباب السعادة من كل جانب. والعقل لا يزال مراقباً للخلل الذي قد يعتري النقل وهو نصوص الشرع ولكن من دون إسراف العقلانيين الذين يردّون الآية والحديث لأي شبهة عقلية، ومثال ذلك قواعد علم مصطلح الحديث دراية ورواية فهو يعتبر نتاجاً عقلياً عظيماً لم تعرف له البشرية مثيلاً وهو علم يراقب الخلل الذي قد يعتري النقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم. ولهذا وضع علماء الحديث تعريفاً محدداً للحديث الصحيح وهو «كل حديث اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علّة»، وهذا مما يدل على دقتهم وأمانتهم في نسبة الحديث إلى الرسول صلى الله عليه وسلم. ولقد جاءت أحاديث كثيرة في العقل ولكنها مكذوبة غير ثابتة. قال العلامة الألباني: «ومما يحسن التنبيه عليه أن كل ما ورد في فضل العقل من أحاديث، لا يصح منها شيء وهي تدور بين الضعف والوضع وقد تتبعت ما أورده أبو بكر بن أبي الدنيا في كتابه العقل وفضله فوجدتها كما ذكرت لا يصح منها شيء».أيهما أفضل العلم أو العقل؟ وأجاب شيخ الإسلام حيث قال: إن أريد بالعلم علم الله تعالى وهو الشرع الذي أنزله فهذا الكتاب كما قال تعالى {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} آل عمران 61. فهذا أفضل من عقل الإنسان لأن هذا صفة الخالق والعقل صفة المخلوق وصفة الخالق أفضل من صفة المخلوق. وإن أريد بالعقل أن يعقل العبد أمر الشرع ونهيه فيفعل ما أمر به ويترك ما نهى عنه، فهذا العقل يدخل صاحبه به الجنة وهو أفضل من العلم الذي لا يدخل صاحبه به الجنة كمن يعلم ولا يعمل (مثل اليهود والنصارى). وإن أريد بالعقل الغريزة التي جعلها الله في العبد التي ينال بها العلم والعمل فالذي يحصل به أفضل لأن العلم هو المقصود به وغريزة العقل وسيلة إليه والمقاصد أفضل من وسائلها. وإن أريد بالعقل العلوم التي تحصل بالغريزة فهذه من العلم فلا يقال أيهما أفضل العلم أو العقل؟ ولكن يقال أيهما أفضل هذا العلم أو هذا العلم؟ فالعلوم بعضها أفضل من بعض فالعلم بالله أفضل من العلم بخلقه ولهذا كانت آية الكرسي أعظم آية في القرآن لأنها صفة الله تعالى. وكذلك سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن. أين العقل من جسم الإنسان؟ الحقيقة أن الأمر فيها واضح أن العقل في القلب وأن القلب في الصدر قال تعالى {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} الحج 46. وقال: {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} الحج 46. ولم يقل القلوب التي في الأدمغة، فالأمر فيه واضح أن مكان العقل هو القلب ويؤيد هذا قوله صلى الله عليه وسلم«إلا ان في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب» البخاري. dr.aljeeran2017@gmail.com
مشاركة :