أيهما أتى أولاً: النفس أم العقل؟

  • 4/20/2019
  • 00:00
  • 18
  • 0
  • 0
news-picture

إن لم يكن العقل موجوداً سوف لا ترى الأشياء على حقيقتها ولا حتى الطبيعة وربما حتى ذاتك لا تستطيع إدراكها ولا تشعر بلون الحياة ولا يكون لك موطن تتفسح في أرجائه ولا حتى أسرة تؤوي إلى أحضانها. فقط تأمل إلى هذا العقل العظيم الذي أمده الله ببصيرة حادة وجعله لا يتوقف عن التفكير، حتى وأنت في منامك تفكر، وأنت تعمل تفكر، وأنت تأكل تفكر، تفكيرٌ في تفكير إلى أن تجد نفسك في أغوار الحياة. خرجنا على الدنيا بعقولٍ خاوية صفحاتها بيضاء لا نعرف شيئاً ولا نشعر بجوانبنا؛ كل ما هنالك أن أجسادنا أشبه بالآلات الميكانيكية أو كأنها تعمل وحدها لا نفس تشعر بوجودها ولا روح تتحرك من ذاتها! وهنا صنعنا السؤال: لمَ عندما نضج العقل أخذ يحرك ويدير كل الأعضاء التي كانت بالأساس مستقلة وأخذ العقل يسيطر عليها؟! فالطفل الرضيع علامة جوعه الصراخ فهو لا يعي ماهية الطعام ولم يسبق أن تذوقه أو تعرف عليه، وإنما تقلصات معدته سببت له الآلام مما بعثت إشارات عاجلة إلى حواسه المرتبطة بالمخ لتنقذ الموقف. وهل شعرت الأم بطفلها قبل أن يجوع بلحظات أو ثوانٍ وإنما هي عناية ربانية جعلت أعضاءه تعمل تلقائياً منتظرة مستقبلاً نضوج عقله ليستلم مهامه الرئيسة. ويكمن السؤال الأكثر خطورةً وحيرة، فمع نضوج العقل ووعيه هل هو من فكر بماهية النفس وأمر وجودها؟ أم النفس هي من استحضرت العقل وجعلته يفكر ويتأمل بماهيات الحياة والوجود! وماذا عن العواطف، الحب والكراهية، الفرح والحزن، الرضا والغضب، الأمل والخوف؟! من أيقظها من سباتها العميق؟! أم هذه العواطف لا وجود لها! أو ربما ظهرت مع نضوج العقل وارتقائه وهذا أقرب إلى الصواب، والسبب أن بعض العواطف بدأت قبل أن يتهيأ العقل، فبعضها بدأت جزئياً كالسعادة والحزن وهذا ما يدعو إلى الدهشة والسؤال الأكثر جدلاً فالسعادة والحزن مرتبطان بفلسفة الحب والكراهية في حال وجودهما كظاهرة نفسية وكذلك في حال تعقل الإنسان. ومازلنا في حيرة هل العقل هو المسؤول عن مراكز الجسد؟! أم النفس هي القوة الكامنة المتحكمة بمفاصل الإنسان وأحاسيسه بما في ذلك أعضاؤه الجسدية؟! لعل جوابي المتواضع أن النفس هي الدافع الأقوى، وهي على دوام من النشاط، ودليل ذلك أنها أخرجت جميع بواطن عقلك المغمور في وقت منامك، وجعلتك تحلم إما بسعادة أو بؤس، وفي حال إصابتك بمرض ثنائي القطب حدث ولا حرج من الخروج عن الواقع. القوة والضعف يكمنان في النفس، والذكاء والغباء شأنهما في العقل، فالإنسان مميز عن الكائنات الأخرى، لديه عقل يعمل بدرجات عالية يمكنه من دراسة الماديات وأسباب وجودها، ولديه نفس قوية تشعره بظواهر الوجود.

مشاركة :