دبي - تمكّن باحثون في المركز الدولي للزراعة الملحية في دبي “إكبا” من زراعة خضروات تتأقلم مع ملوحة التربة والمياه ضمن ظروف الإمارات باستخدام “المياه الأجاج” الناتجة عن وحدات تحلية المياه المعالجة بمياه عادمة. وهذه المرة الأولى التي تزرع فيها النباتات الملحية ضمن المناخ الحار في الحقول المفتوحة، وكذلك داخل البيوت الشبكية البسيطة دون استخدام المياه العذبة بهدف توفير المياه وإدخال هذه المحاصيل ضمن سلة الغذاء المحلية، وبالتالي الإسهام في استدامة الأمن الغذائي مستقبلا. وبات بوسع باحثي “إكبا” في الوقت الحاضر بفضل هذا الإنجاز، التوصل إلى حلول زراعية متكاملة ومفصلة لكل منطقة على حدة آخذين بعين الاعتبار خصائصها المناخية وتلك المتعلقة بالتربة وكذلك الجوانب الاجتماعية والاقتصادية. وقالت ديونيسيا أنجليكي ليرا الخبيرة الزراعية لدى إكبا “نحن مسرورون لزراعة النباتات الملحية ضمن ظروف دولة الإمارات ونرى النتائج الأولية مبشرة جدا”. وأوضحت أنه بالإضافة إلى التوفير في المياه العذبة واستخدام المياه الأجاج الناتجة عن التحلية في عملية إنتاج النباتات داخل البلد، “ينصب تركيزنا في زراعة النباتات الملحية على دراسات علمية تظهر أن هذه النباتات غنية جدا بمضادات الأكسدة والأحماض الدهنية والفيتامينات وغيرها”. ديونيسيا أنجليكي ليرا: نحن مسرورون لزراعة النباتات الملحية ضمن ظروف مناخ الإمارات ديونيسيا أنجليكي ليرا: نحن مسرورون لزراعة النباتات الملحية ضمن ظروف مناخ الإمارات ويعكف باحثو المركز، حاليا، على زراعة 6 أنواع من الخضروات “المحبة للملح” ضمن محطة بحوث المركز في دبي ومن هذه النباتات الروثا وكريثمم البحري والبنجر البحري ونجم البحر والساليكورنيا والقطف الشائع. وأشارت ليرا، وهي رئيسة فريق البحث، إلى أن هذه الخضروات تحتوي على كافة العناصر الحيوية الأساسية لصحة الإنسان، كما يتسم بعضها بخصائص دوائية وطبية. فـ“البقلة” على سبيل المثال يمثّل المصدر النباتي الأغنى بحمض ألفا لينولينيك، أحد الأحماض الدهنية الأساسية الضرورية للصحة الذي لا يتم إنتاجه داخل جسم الإنسان. وتخضع هذه النباتات للاختبارات باستخدام المياه الأجاج الناتجة عن التحلية التي تمر عبر نظام تربية الأحياء المائية وبالتالي الاستفادة من المياه الغنية بالمغذيات. وخلصت دراسة أجريت على البقلة أن هذا النبات يتسم بخصائص مدرة للبول ومضادة للبثع ومبردة، ونظرا إلى غنى البقلة بالأملاح المعدنية ومحتواه المرتفع من المياه بنحو 95 بالمئة، فإنه يتسم بخصائص مهدئة لتهيجات المثانة والمسالك البولية. كما تبيّن دراسة أخرى أن نبات البقلة يحتوي على مستويات مرتفعة من الأحماض الدهنية أوميغا 3 فضلا عن كميات مهمة من فيتامين أ وفيتامين ج ومجموعة فيتامينات ب والمغنيزيوم والبوتاسيوم وكذلك الكالسيوم والحديد. ويمثّل البحث على النباتات الملحية أحد مكوّنات مشروع بعنوان “المزارع النموذجية الداخلية والساحلية المخصصة للتكيّف مع التغير المناخي في البيئات الصحراوية”. ويلقى هذا المشروع الدعم من برنامج منح الابتكار المؤثر من “إكسبو لايف” التابع لإكسبو 2020 دبي. ويكمن الهدف العام للمشروع في إنتاج محاصيل ذات منافع اقتصادية للمجتمعات المحلية في الأراضي المتدهورة أو القاحلة، وعلى تطوير وتحسين المزارع الداخلية منها والساحلية ذات المكوّنات المتعددة. وسيتم استخدام مصادر مائية مالحة وهامشية لزراعة محاصيل غير تقليدية بغرض رفع مستوى الأمن الغذائي والتغذوي وضمان الدخل لدى المزارعين الذين يواجهون تحديات إنتاج المحاصيل في البيئات الحارة والجافة. أما الغاية فتتمثّل في تطوير نظم زراعية تتسم بقدرتها على التكيّف مع المناخ، وتنوعها الحيوي وذات تكاليف مقبولة وسهولة استخدامها وغناها بالمغذيات لزيادة الأمن الغذائي في المناطق المتأثرة بالملوحة والبيئات الصحراوية والأراضي الهامشية، بالتزامن مع توفير أضعاف الدخل للمزارعين.
مشاركة :