قال الشيخ الدكتور سعود بن إبراهيم الشريم، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن قلوب البشر يعتريها ما يعتري غيرها من عوامل التأثير، فقد تصدأ كما يصدأ الحديد، وتجف وتيبس كما ييبس الزرع.وأوضح «الشريم» خلال خطبة الجمعة اليوم من الحرم المكي، أن قلب الإنسان أحوج ما يكون إلى ما يعيد مادة النماء إليه، فيجلي صدأه، ويدر جفافه، وينبت يبسه، منوهًا بأن النفس قد تلهو مع زحام الأيام وكدحها حتى تتراكم عليها الشواغل فتحجزها عن مقومات التصفية والتخلية فضلا عن شحذها وتحليتها.وأضاف أن شهر رمضان هو خير معين على ذلكم كله، مدللًا بقول الله تعالى: « شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ» الآية 158 من سورة البقرة، فهو شهر البر والصوم والصلاة والرحمة والتراحم، شهر لجام الشهوة.وتابع: وقصر النفس وأطرها على البر أطرا، وإخراجها من دائرة توهم الكمال الزائف الذي يشكل حاجزا وهميا آخر يحول دون اغتنام الفرص، وانتشال النفس كذلكم من كثرة الانشغال بمباحات تزاحم الطاعات فينغمس المرء فيها حتى يثقل ويركن إليها حتى يبرد فيفوت من الطاعات ما يجعله أسير هواه وكسله وركونه.وأضاف أن هذا الشهر شهر الاستزادة من التقوى، وليس ثمة أحد يستغني عن الاستزادة من الطاعة والتفرغ لها في شهر رمضان، قائلًا: نعم عباد الله لقد شغلتنا أموالنا وأهلونا عن صقل قلوبنا وتخليتها استعدادا لتحليتها، وإن في بعض القلوب لقسوة فلتستلهم خلق الرحمة من رمضان.واستطرد: وإن في بعض الأموال لجفاء فلتلتمس النماء والزكاء في رمضان، وإن في بعض الألسن لسلاطة وحدة فلتلتمس طيب الكلام في رمضان، وإن في بعض الجسوم لكسلا فلتلتمس القوة والهمة في رمضان، إنه شهر متكامل يجمع كل مقومات التقوى لمن يبحث عنها، مستشهدًا بقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» الآية 183 من سورة البقرة.
مشاركة :