حكومة «خلطة العطار»!

  • 5/19/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يونس السيد ثمة ما يشبه الإجماع لدى المراقبين والمحللين على أن الانتخابات العراقية هي الأسوأ منذ سقوط نظام صدام حسين، سواء من حيث التنظيم والإدارة أو من حيث التشكيك بنزاهتها ومصداقية النتائج التي أفرزتها، ناهيك عن العزوف الجماهيري وتدني نسبة المشاركة (نحو 45,5%) ومطالبة الكثير من الكتل السياسية بإلغائها. الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، إذ يبدو أن مختلف الأطراف الإقليمية والدولية لا تزال تتعامل مع العراق على أنه مجرد «ساحة» للصراع وليس «دولة» لها دستور وقوانين ومؤسسات، فعندما أعلنت مفوضية الانتخابات، نتائج أولية، عن تقدم تحالف «سائرون» الذي يتزعمه مقتدى الصدر في 10 محافظات عراقية من أصل 18، ما شكل مفاجأة بحد ذاته، سارعت إيران إلى إرسال صاحب المهمات المتعددة قاسم سليماني إلى بغداد في محاولة لفرملة اندفاع الصدر، الذي ابتعد كثيراً عن طهران، ومساعدة حلفائها الموثوقين عبر إحياء «التحالف الوطني» بزعامة نوري المالكي، مدعوماً بائتلاف «الفتح» الذي يضم فصائل «الحشد الشعبي» بزعامة هادي العامري، لتشكيل «الكتلة الأكبر» والتي يمكنها تسمية رئيس الوزراء الجديد، بحسب القانون العراقي، ولاحقاً التحكم في اختيار رئيسي البرلمان والجمهورية. هذا التدخل الإيراني المباشر، قابله أيضاً تدخل أمريكي مماثل، إذ سرعان ما دخلت واشنطن على الخط عبر المبعوث الرئاسي الأمريكي بريت ماكجورك الذي التقى عدداً من القيادات العراقية ورئيس حكومة كردستان بهدف ترتيب التحالفات الرامية لإبعاد حلفاء إيران عن مساعي إعادة ترتيب بيت الحكم في العراق، أو ما أصبح يعرف باسم الرئاسات الثلاث. اللافت أن عملية الانتخابات التي أريد لها أن تنجز بسرعة، وأدخلت فيها أحدث أنواع التكنولوجيا، تباطأت بعد إعلان النتائج الجزئية على نحو مريب، حتى بدأت كتل سياسية كثيرة تتحدث عن تلاعب وتزوير وضغوط هائلة تمارس على مفوضية الانتخابات مصحوبة بتهديدات بالقتل، ما دفع الكثيرين إلى المطالبة بإلغاء نتائج هذه الانتخابات وإجراء انتخابات جديدة في ظروف مناسبة. وسط كل هذه الصورة الضبابية، وحده مقتدى الصدر الذي كان يغرد بعيداً عن الطائفية والمحاصصة، ويصر على تشكيل حكومة تكنوقراط لإنقاذ البلاد من الفساد والفاسدين وإحداث النهوض المنتظر على كل المستويات، كان يرفض أيضاً ما يسميه «خلطة العطار» لتشكيل الحكومة الجديدة، في إشارة لمساعي سليماني الهادفة إلى تشكيل تحالف طائفي يقوده أحد أكبر رموز الفساد، عبر شق الائتلافات الانتخابية القائمة ومنها ائتلاف «النصر» بزعامة العبادي، الذي باتت كل الدلائل تشير إلى تحالفه مع الصدر لتشكيل «الكتلة الأكبر» وقطع الطريق على رغبات إيران. younis898@yahoo.com

مشاركة :