«لا نريد أن نعيش عالة على أحد ولا على أي مجتمع... نحن أشخاص منتجون»، تأكيد من إحدى السيدات السوريات اللواتي قدمت لهن شركة «تينه» الأردنية فرصة للاتّكال على أنفسهنّ وتوليد الدخل وقلب المعادلة بأن اللاجئ يتحوّل عالة على الدولة المضيفة». «إعادة التفكير، إعادة النظر، إعادة بدء»، شعار قد يختصر بالفعل ما تسعى شركة «تينه» لإنجازه من خلال نشاطاتها بتوفير العمل للفئات الأكثر عوزاً. وتخبرنا رنيم مقبل، المؤسسة الشريكة التي عمِلت وانخرطت في القطاع الإنساني منذ بداية الأزمة السورية وتدفق اللاجئين الى الأردن أن الحكاية بدأت نهاية 2016 عندما التقت بشريكتها في المشروع عن طريق المنتدى الاقتصادي العالمي. وتخبرنا «بعد أكثر من 4 سنوات من العمل في هذا القطاع، لاحظنا أنّ التحدي الأكبر هو إيجاد فرصة عمل ثابتة توفر مصدر دخل دائم، ولاسيما في بلد مثل الأردن الذي يُعاني أصلاً من البطالة حيث يسجل الأردن واحدا من أعلى مؤشرات الفقر والبطالة في العالم وزادت الأزمة السورية الوضع سوءاً». إلا أن رنيم وشريكتها أغنيس قلبتا المعادلة. وتقول رنيم «وجدنا الفرصة عند السيدات السوريات والأردنيات اللواتي يمتلكن المهارة ولكنهن حرمن فرصة العمل والتعليم. وبعد البحث ومقابلة مجموعات مختلفة من السيدات في شمال الأردن، ارتأينا أن نبدأ بمنتج للتصدير يحمل علامة «صُنع في الأردن بأيادي نساء سوريات وأُردنيات» على أن يكون بسيط التصنيع، لكنه يحمل قيمة عالية وتحت طلب كبير من السوق الأوروبي». وهكذا، في شهر مايو 2017، انطلق عمل «تينه» رسمياً لإنتاج الحقائب الدعائية القماشية وتصديرها. وعن اختيار اسم «تينه» للشركة، تشرح لنا رنيم: «تينه باللغة العربية هي شجرة التين واستلْهمنا الاسم منها بسبب انبهارنا بشجرة التين الدائمة الخضرة وذات الأوراق الكثيرة والفروع الكبيرة والممتدة، فتُتيح للكثيرين على مدار العام أن يستظلّوا تحتها». حالياً المشروع محتضن في حاضنة شمال ستارت-فاب لاب للأعمال في شمال الأردن كما أنه مدعوم من الاتحاد الأوروبي ومنظمة اليونيسف وتعمل الشريكتان على شراكة طويلة الأمد مع مجموعة «لومينوس». تتولى رنيم مسؤولية بناء وإدارة الفريق والعمليات في الأردن والمنطقة في حين شريكتها أغنيس مسؤولة عن المبيعات والتسويق. مشروعٌ «تينه» يعتمد على معادلة بسيطة لضمان نجاحه ومساعدة أكبر عدد من النساء. وهنا تطلعنا رنيم: «ببساطة نقوم بتصنيع حقائب قماشية للشركات أو المهرجانات أو المحلات كما نقوم بطباعة التصاميم بناءً على رغبة الزبائن حيث يستخدمون هذه الحقائب، إما للبيع في المحلات، أو الأسواق والمولات أو المكتبات والمتاحف أو لتوزيعها كهدايا لزبائنهم». مشروع بسيط ميزته أنه يسعى إلى تمكين المرأة بالقدر المتوافر. وتخبرنا رنيم «نحن ملتزمون بدعم المرأة الأردنية والسورية على حد سواء، حيث فريقنا مؤلف من 50% من الأردنيات و50 % من السوريات». فريق ما زال صغيراً إلا التأثير على حياة السيدات كبير. فتجمع جميعهن في شهاداتهنّ أن هذا العمل ساعدهن على الاعتماد على أنفسهنّ وعلى الوقوف مجدداً وعدم الاضطرار إلى الاعتماد على المساعدات لا بل منحهنّ القدرة على إبعاد شبح الاكتئاب وتوفير أبسط الأمور لعائلاتهنّ وأنفسهنّ. وتكشف لنا رنيم «يتم الدفع للسيدات بدخل شهري كما نقوم بتوفير المواصلات المجانية من وإلى مكان العمل بغية تشجيعهنّ على دخول سوق العمل». وتتابع «منذ بداية المشروع إلى حد الآن، تتبعنا التحسينات والتطورات على مستوى معيشة السيدات. وكانت التطورات إيجابية حيث قامت 3 فتيات بالتسجيل بمعاهد لاستكمال دراستهن التي حرمن منها سابقاً بسبب الحرب والظروف المادية السيئة، كما تمكنت الأمهات المشاركات معنا من تسجيل أطفالهنّ بمدارس أفضل ومعظمهنّ تمكّن من الانتقال للعيش في أماكن سكنية أفضل من السابق». كل ذلك أصبح ممكناً بفضل إنتاجية «تينه». فتقول رنيم «منذ شهر مايو 2017، وبأقل من عام، أنتجنا وصدّرنا أكثر من 40000 حقيبة. وحتى الآن، أكثر من 20% من الزبائن طلبوا مرة ثانية وثالثة؛ فالحقائب لاقت رواجاً جيداً بالسوق الأوروبي ليس فقط لأنها مصنعة من قبل سيدات أردنيات وسوريات بل أيضاً بفضل الجودة العالية التي نلتزم بتحقيقها عن طريق استيراد أفضل نوعيات القماش القطني الحاصل على شهادة المعايير العالمية للأقمشة العضوية من باكستان وتركيا كما نوفر خدمة المتابعة المباشرة مع الزبون خلال وبعد عملية الشحن والتوصيل». يعتمد مشروع «تينه»، منذ انطلاقه، بأكثر من 80% من مصاريفه التشغيلية على المبيعات. وتعمل الشريكَتان حالياً على خطة توسيع المبيعات حيث لا تقتصر على الاتحاد الأوروبي بل لتصل إلى أسواق اليابان والولايات المتحدة ودول الخليج العربي. إلا أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد. فتكشف لنا رنيم «الخطة لنهاية عام 2019 هي أن نوفر أكثر من 200 فرصة عمل ودخل مستدام. ونعمل أيضاً على بناء الشراكات اللازمة لتوفير الرعاية ومختبرات الإبداع لأطفال السيدات كما نوفر فرص تدريبية على مدار العام لهنّ تدور حول مواضيع مختلفة مثل اللغة الإنجليزية والإدارة المالية والتصميم مع شركائنا المختلفين من معاهد ومؤسسات ومنظمات عالمية». باميلا كسرواني هي صحفية لبنانية تتمتع بخبرة تزيد على عشر سنوات عملت خلالها مع مؤسسات إعلامية مرموقة مثل فرانس 24 والنهار وتلفزيون لبنان.
مشاركة :