قالت مفيدة وهي ربة منزل أتت للتسوق من السوق المركزية في العاصمة التونسية وللتزود لأيام شهر رمضان الأولى، بتذمر، إنه بالمقارنة مع العام الماضي «كل شيء ازداد ثمنه، اللحم، السمك».وساهمت الضغوط التضخمية في مفاقمة التململ الاجتماعي الذي ترجم في يناير (كانون الثاني) 2018 إلى تظاهرات ضد غلاء المعيشة رافقتها أعمال شغب. وعملت الحكومة ما بوسعها حتى لا يتدهور الوضع مع ارتفاع الاستهلاك في شهر الصيام.ومنذ مطلع العام الجاري ومعدل التضخم السنوي في البلاد فوق مستوى الـ7 في المائة، بعد أن كان عند 4.2 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) من 2016.وقالت مفيدة، لوكالة الصحافة الفرنسية، وهي تشير إلى كيسين من البلاستيك امتلأ نصفهما: «أنفقت 60 دينارا (20 يورو) ولم أشترِ لحما. أنفقتها فقط في الخضر وبعض اللازانيا»، مضيفة أن هذا المبلغ «كان في الماضي يكفي لاستهلاك أسبوعين على الأقل».وطال ارتفاع الأسعار خصوصا قطاع التغذية الذي شهد زيادة بنسبة 8,9 في المائة بالقياس السنوي، بحسب آخر أرقام المعهد الوطني التونسي للإحصاء. وتقول السيدة بحري، التي قدمت إلى السوق لشراء بعض الفلفل لإعداد الهريسة (الشطة) في المنزل: «رمضان شهر الاحتفال، والاحتفال يحتاج إلى مواد غذائية، لكن مع ارتفاع الأسعار أتساءل كيف تدبر الطبقة الشعبية أمورها؟». وتضيف: «الطبقة المتوسطة تستدين، وحتى أنا التي أملك الإمكانيات، هناك أشياء أتوقف عن شرائها حين تصبح الأسعار غير معقولة».من جهتها، تقول نبيهة وهي مطلقة وأم لطفلة معوقة قبل مغادرة السوق من دون شراء أي شيء: «بات من المستحيل على الفقراء العيش هنا»، مضيفة: «يحزنني عدم التمكن من الاحتفال أول أيام رمضان، لكن سنحاول مع ذلك أن تكون المائدة جميلة». وارتفعت أسعار الفواكه وفاق سعر الكيلوغرام من اللحم الأحمر 20 دينارا (نحو 7 يورو)، في حين أن الأجر الأدنى الشهري يبلغ 350 دينارا تونسيا (115 يورو). ووصل سعر الأخطبوط إلى 100 دينار (33 يورو). وبات هذا التضخم مدار حديث وانشغال التونسيين ومصدرا كبيرا للغضب على الأحزاب السياسية، الذي عبر عنه التونسيون في الانتخابات البلدية الأخيرة أول مايو (أيار).وأدركت السلطات ذلك فسارعت إلى تكثيف الإجراءات وإعلان التطمينات للمستهلكين بأنها اتخذت «الإجراءات الضرورية» لتحسين مستوى عيش المواطن التونسي. ويقول لسعد العبيدي، مدير ديوان وزير التجارة: «بدأنا الاستعدادات منذ أشهر ومن حسن الحظ أن رمضان تزامن مع موسم فلاحي جيد».وأضاف موضحا: «لقد ضاعفنا مرتين واردات لحم الأبقار في الأسبوعين الأخيرين، وتم الاتفاق بين المنتجين والموزعين على ألا يتجاوز سعر كلغ لحم الدجاج سبعة دنانير (2,5 يورو)».ويرتبط الإنتاج الزراعي كثيرا بالواردات من البيض والأبقار ومواد العناية البيطرية بالحيوانات التي ارتفعت أسعارها بشكل كبير بسبب تراجع قيمة الدينار التونسي. وفي السوق المركزية بالعاصمة بدت أغلب الأسعار مستقرة مع بدء حمى الاستهلاك. وترى سيدة خمسينية: «هذا بحد ذاته ليس سيئا»، مدركة نقص إمكانيات الدولة التي تدعم منتجات أساسية على غرار الخبز والسكر والحليب.وأضافت السيدة التي لم ترغب في كشف اسمها: «نحن نمر بأزمة اقتصادية والأسعار لم تشهد ارتفاعا كبيرا حتى الآن، ونأمل بأن يستمر ذلك».لكن بعد رمضان تنتهي هدنة الأسعار. وتشير كل المؤشرات إلى استمرار ارتفاع التضخم الذي يمكن أن يؤثر سلبا على النمو الخجول.
مشاركة :