فاتورة الإصلاح الاقتصادي تفسد "فرحة رمضان" على المصريين

  • 5/31/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

تستيقظ أم أشرف يومياً في السادسة صباحاً للتوجه إلى عملها في أحد منازل حي المنيب (جنوب محافظة الجيزة) الذي يسكن فيه الطبقتان المتوسطة والفقيرة، تصطحب ابنتها صاحبة العام الواحد على كتفيها في روتين يومي اعتادت عليه. ‏الظروف المادية الصعبة التي تعيشها "فتحية.م" 40 عاماً، جعلتها تستغني عن الكثير من الأشياء الأساسية والضرورية التي يحتاجها منزلها، وقالت لـ"هاف بوست": "فيه حاجات كتير بقيت استغنى عنها مقابل إني أعيش مستورة مع بنتي وزوجي". ‏وسردت أنها تجبر في أوقات كثيرة على السير على الأقدام لتوفير النفقات، خاصة مع اقتراب شهر رمضان وحاجتها إلى وجبتي إفطار وسحور يومياً. ‏وجبتا الإفطار والعشاء لنسبة ليست بالقليلة من المصريين أصبحتا صعبتين كما قالت، موضحة: "الفطار مش موجود لأيام كثيرة في الأسبوع وليس كما كنا قبل ارتفاع الأسعار، أصبحت الآن أتناول إفطاري عند الأسر التي أعمل عندها". ‏وأشارت إلى أن زوجها الذي يعمل في مجال تصليح السيارات "سمكري" اضطر إلى الجلوس في المنزل مع قلة العمل وأصبح الاعتماد عليها في العمل وهو يجلس مع ابنها الأكبر "7 سنوات" ليرعاه. ‏منذ أشهر قليلة، كان الوضع الاقتصادي للعديد من الأسر المصرية متوسطاً والدخل يكفي الاحتياجات الأساسية وأي طوارئ قد تظهر، لكن عقب تحرير سعر الصرف تبدل كل شيء. ‏ ارتفاع السلع الغذائية والأسماك والدواجن واللحوم أصبح عبئاً؛ حيث قالت "أم أشرف" كما تحب أن يطلق عليها، إنها لم ترَ اللحم منذ شهرين، موضحة أنها تذهب إلى شراء الهياكل والأرجل التي زاد سعرها من ٥ جنيهات إلى ٢٠ جنيهاً (دولار)، أما اللحوم فمن الممكن أن تكون مرة واحدة في الشهر أو "صدقة" من البعض خاصة في عيد الأضحى. ‏ أسواق الملابس المستعملة أصبحت الآن السبيل الوحيد الذي تقصده "فتحية" عندما تريد أن تقتني ملابس جديدة لها أو لابنتها، ليست هي فقط بل انضم لتلك الفئة بعض المنتمين للطبقات المتوسطة التي شارفت على الانقراض. ‏الأزمة الاقتصادية الحالية وعدم استقرار الأسعار خصوصاً عقب تعويم الجنيه، أدى إلى تقلص الطبقة المتوسطة في مصر بأكثر من 48%، لينخفض عددها من 5.7 مليون شخص في عام 2000، إلى 2.9 مليون في 2015. ‏كما أن ارتفاع أسعار اللحوم أدى إلى عزوف الأغلبية من أصحاب الطبقة المتوسطة والطبقة الفقيرة عن شرائها؛ حيث تراوح سعر كيلو اللحمة الكندوز بين 125 و130 جنيهاً (7 دولارات)، وبلغ سعر كيلو الضأن 135 جنيهاً (7.5 دولار)، والكبدة 135 جنيهاً، واللحم المفروم بـ135 جنيهاً. ‏هروب إلى "البالة" "بروح كل لما أعوز أجيب حاجة، الأسعار مناسبة جداً وساعات بفاصل في السعر مع البائع"، هكذا شرح أحمد أيمن (موظف قطاع خاص في إحدى الشركات) قصة تحوله من شراء الملابس من المولات التجارية والذهاب إلى منطقة "وكالة البلح" التي تشتهر ببيع البالة، عقب ارتفاع الأسعار عقب تعويم الجنيه وزيادة سعر المحروقات. ‏يذهب أحمد أيمن على فترات متفاوتة إلى "وكالة البلح" في وسط القاهرة للتسوق في عدد من المحال التجارية المشتهرة ببيع "البالة"، يقتني الملابس التي تباع في بعض الأحيان بوزن "الكيلو" أو بأسعار مخفضة كثيراً عن المولات التجارية أو الماركات العالمية. "البالة" هو الاسم المتعارف عليه للملابس المستعملة، وهي صفة للتعبير عن الأثواب القديمة الممزقة. في منطقة "وكالة البلح" أو "بولاق أبو العلا"، هناك بعض المحال التي تبيع الملابس المستعملة التي يقصدها محدودو الدخل أو الفقراء وتلقى رواجاً كبيراً، علماً بأن الحكومة سمحت لبعض التجار باستيراد ملابس مستعملة، في حالة ما إذا كان الشخص قادماً من الخارج ويحمل معه ملابسه الشخصية، بالإضافة لملابس البالة التي تأتي إلى مدينة بورسعيد برسوم المنطقة الحرة طبقاً لقرار وزاري رقم 770 صادر في عام 2005. تقارير رسمية توضح ‏في تقرير للجهاز المركزي للإحصاء الذي صدر في يوليو/تموز الماضي، كشف أن 27.8% من السكان في مصر فقراء ولا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية من الغذاء، مشيراً إلى أن 57 % من سكان ريف الوجه القبلي فقراء مقابل 19.7% من ريف الوجه البحري. ‏وأوضح تقرير "المركزي للمحاسبات" أن نسبة الفقر وصلت إلى أعلى مستوياتها في محافظتي "سوهاج وأسيوط" بنسبة بلغت 66 %، تليهما محافظة قنا بنسبة 58 %، وأن أقل نسبة للفقراء في مصر بمحافظة بورسعيد بنسبة 6.7 %، تليها محافظة الإسكندرية بنسبة 11.6 %، كما أن 18 % من سكان القاهرة من الفقراء. ‏كما أشار إلى أن نسبة الفقراء عام 2015 هي الأعلى منذ 2000 بنسبة 27.8%، وأن نسبة الفقراء زادت من 16.7% فى عام 1999 - 2000 إلى 21.8 % عام 2008 - 2009 ثم 25.2 % عام 2011 ثم 26.3 % عام 2012 - 2013 ثم 27.8% عام 2015. ‏ونوه بأن 10.8% "أكثر من 11.8 مليون مواطن" في أدنى فئة إنفاق حيث يبلغ معدل إنفاق الفرد سنوياً أقل من 4 آلاف جنيه سنوياً أي أقل من 333 جنيهاً شهرياً (18 دولاراً)، وأوضح أن 14.7% من إجمالي الأفراد بمصر في أغنى فئة وينفقون أكثر من 12 ألف جنيه سنوياً. كما أظهر تقرير آخر للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء صدر في أبريل/نيسان الماضي أي بعد تحرير سعر الصرف (تعويم الجنيه)، قفزة كبيرة في أسعار الغذاء الشهر الماضي؛ حيث ارتفعت أسعار الخضراوات بنسبة 7.1%، واللحوم والدواجن بنسبة 3.4%، والأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 10.6%، والفاكهة بنسبة 7.2%، والدخان بنسبة 7.3%. ‏الأزمة الاقتصادية سبب ارتفاع الأسعار ‏محمود العسقلاني، رئيس جمعية "مواطنون ضد الغلاء"، أكد في تصريحات صحفية أن الأزمة الاقتصادية الأخيرة بمصر أثرت سلباً على السلع كافة. ‏ وأضاف أن هناك حالة من الكساد بالأسواق بالإضافة إلى عزوف من جانب المواطنين عن الشراء، لافتاً إلى أن "ياميش" رمضان خلال الآونة الأخيرة أصبح يصنف كسلعة ترفيهية. ‏وأشار العسقلاني إلى أن الحكومة ليست لها علاقة بالأمر أو تحديد السعر أو فرض أسعار على التجار، موضحاً أن هناك حاجة لانضباط تشريعي فيما يتعلق بالقوانين الخاصة بحماية المستهلك وقانون حماية المنافسة، وقانون الاستثمار، ومن ثم تصبح الدولة ملزمة بتحديد هامش ربح أو سقف للربح. وأوضح أن آليات ضبط السوق فاشلة في ظل ما يسمى بقوى العرض والطلب بعد سيطرة مافيا الأسعار والمحتكرين، بالإضافة إلى تسليم الحكومة المستهلكين لكبار التجار الذين يمارسون أبشع أنواع الجشع على حساب قوت الغلابة من المصريين. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مشاركة :