يشكل جبل أحد معلماً ورمزاً تاريخياً بالمدينة المنورة، ويعتبر موقع غزوة أحد أهم موقع تاريخي في المدينة المنورة يحظى بزيارة آلاف الزوار يومياً. وسمّيت الغزوة بغزوة أحد نسبة إلى جبل أحد، الذي كانت الغزوة بمحاذاته، وهو عبارة عن سلسلة من الجبال القريبة من المدينة المنورة في الجهة الشماليّة، وتمتد من الشرق إلى الغرب، وكان موقع الغزوة بعيداً بعض الشيء عنها آنذاك، لكن وصله العمران اليوم، وهناك آراء عدّة لسبب تسميته بجبل أحد، أحدها أنّها الجبال الوحيدة في تلك المنطقة، ورأي آخر أنه دلالة على وحدانيّة الله، أو أنه يُنسب لأحد الرجال العمالقة الذين سكنوا المنطقة قديماً. ويعد جبل الرماة، الذي كان يقف عليه الرماة في المعركة، ومقبرة الشهداء، أهم معالم هذا الموقع الشهير. وهو جبل صغير يقع قرب جبل أحد وفي الجهة الجنوبية الغربية منه في المنطقة التي وقعت فيها غزوة أحد سنة ثلاث للهجرة. لذلك يسمى أيضاً جبل الرماة، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع الرماة عليه قبيل الغزوة وأوصاهم أن يحموا ظهورالمسلمين ويمنعوا تسلل المشركين من خلفه. ويمتد هذا الجبل من الشمال إلى الجنوب مع شيء من الميل نحو الشرق وبقربه مجرى وادي قناة، وهو قليل الارتفاع، بني عليه في العهد العثماني مسجد صغير وبعض البيوت وأزيلت أخيراً. وتضاءل حجم جبل أحد وارتفاعه حالياً بسبب ارتفاع مستوى الأرض المجاورة له بالطمي الذي كانت تخلفه السيول من وادي قناة، وبسبب تحسين المنطقة وشق الطرق حولها، لذلك تبدو بقاياه اليوم دون ما كانت عليه من قبل. ودفن عدد من شهداء أحد بقربه من جهة الشمال. أما المقبرة فتضم 70 صحابياً، أبرزهم حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه. وموقع المقبرة الذي اختاره الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لدفنهم فيها بين جبل الرماة وجبل أحد، وتم تغييرها عندما نقلت جثث شهداء أحد في عهد خلافة معاوية بن أبي سفيان إلى موضع آخر، وهو الذي تعرف به اليوم، خوفاً عليها من أن يجرفها السيل. ويجري العمل حالياً في إعداد مشروع لتطوير وتأهيل موقع غزوة أحد وفتح مركز للزوار فيه، إضافة إلى مواقع أخرى في المدينة المنورة مثل موقع غزوة بدر، وغزوة الخندق، ودرب السنة بين المسجد النبوي ومسجد قباء، وقصور ووادي العقيق ومسجد القبلتين ومسجد الميقات. وتتضمن هذه المشروعات إنشاء مراكز حضارية ومتاحف مفتوحة ومراكز إرشاد وتوجيه لزوار هذه المواقع، وذلك في إطار برنامج مواقع التاريخ الإسلامي، الذي تنفذه الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالتعاون مع هيئة تطوير مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، وهيئة تطوير المدينة المنورة، وإمارتي وأمانتي المنطقتين. وأنهت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني حصر مواقع التاريخ الإسلامي في منطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة، وأنجزت عدداً من المشروعات الخاصة بإعداد الدراسات التوثيقية والمعلومات التعريفية لهذه المواقع، وبدأت في مرحلة إعداد تصاميم تأهيل تلك المواقع وتطويرها، من خلال فريق عمل مشترك بين الهيئة وشركائها، وبدأت المرحلة التالية من البرنامج، المتمثلة في الإعداد لمشاريع تهيئة وتأهيل هذه المواقع للزوار ضمن الضوابط الشرعية، بالتنسيق والشراكة مع الجهات الحكومية ذات العلاقة.
مشاركة :