بينما تواجه عملية تشكيل "الكتلة الأكبر" المخولة تسمية رئيس الحكومة سيناريوهات معقدة بسبب تقارب النتائج، التقى الرجل الأقوى في العراق بعد الانتخابات الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، رئيس الحكومة الحالي حيدر العبادي، الذي حل ثالثاً في الانتخابات، بعد مساعٍ وجهود حثيثة بذلت على أكثر من مستوى. بعد ساعات من إعلان النتائج النهائية للانتخابات النيابية العراقية، التي أسفرت عن حصول «سائرون»، تحالف الزعيم الشيعي مقتدى الصدر مع الشيوعيين والقوى المدنية على المركز الأول بـ 54 مقعداً من أصل 329 مقعداً، استقبل الصدر، الذي بات الرجل الأقوى في العراق، رئيس الوزراء الحالي زعيم ائتلاف النصر، حيدر العبادي، في العاصمة بغداد. ومن مكتبه في بغداد، قال الصدر، في مؤتمر صحافي مشترك مع العبادي: «اللقاء رسالة طمأنة بأن الحكومة المقبلة أبوية وترعى كل الشعب». وأضاف: «يدنا ممدودة للجميع ممن يبنون الوطن ويريدون أن يكون القرار عراقياً»، مشدداً على «أهمية الإسراع بتشكيل حكومة تراعي تطلعات أبناء شعبنا». من ناحيته، أشار العبادي الى «أهمية التحرك بسرعة ليمارس من فازوا بالانتخابات دورهم ومهامهم في مجلس النواب»، مبينا، أن اللقاء مع الصدر هو «للعمل سوية من أجل الإسراع بتشكيل الحكومة وأن تكون الحكومة المقبلة قوية وتوفر الخدمات وفرص العمل وتحسين المستوى المعيشي ومحاربة الفساد». وأوضح العبادي أن «اللقاء شهد تطابقاً في وجهات النظر بضرورة استيعاب الجميع». لقاء صعب ووصف مصدر عراقي مطلع اللقاء بأنه صعب في «الشكل والمضمون». وأوضح أن مساعي كبيرة بذلت لأكثر من 4 أيام، لإجراء اللقاء بين الطرفين. وأشار المصدر الى أن العبادي أصر على عدم السفر الى النجف حيث منزل الصدر معتبراً أن زيارته بهذا الشكل ستكون بمنزلة مبايعة للصدر. بدوره، رفض الصدر أن يقوم هو بزيارة العبادي، مشدداً على أنه الفائز ويجب أن يأتي العبادي لتهنئته. وبعد وساطات، شاركت فيها المرجعية الشيعية، ووصلت الى حد تدخل أميركي، تم الاتفاق على أن يزور الصدر مرقد الإمام الكاظم في بغداد، على أن يزوره العبادي في مقر إقامته. وقال المصدر، إنه في مضمون اللقاء، لم يضمن العبادي حصوله على ولاية ثانية في منصب رئاسة الحكومة في حال التحاقه بالكتلة الأكبر، التي يسعى الصدر إلى تشكيلها في البرلمان وهي المخولة تسمية رئيس جديد للحكومة. ولفت المصدر إلى أن العبادي يرفض أن يصبح رئيس حكومة من دون امتلاكه كتلة وازنة في البرلمان، لذلك هو يتجاوب بحذر مع بعض محاولات لإعادة توحيد حزب الدعوة الإسلامي، وبذلك يصبح رئيس وزراء بكتلة تصل إلى 67 نائباً (42 للعبادي و25 لائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي). وأضاف أن العبادي يمكنه أيضاً التحالف مع كتلة «الفتح» بزعامة هادي العامري ليشكلا كتلة من 89 نائباً (42 للعبادي و 47 للعامري). لكن المصدر أشار إلى أن العبادي في حال لجوئه إلى التحالف مع المالكي أو العامري فسيخسر دعم المرجعية الشيعية، كما سيواجه اعتراض آلاف الأصوات التي صوتت له بصفته نقيضاً للمالكي وكابحاً للفصائل المسلحة المقربة من إيران، لذلك هو يرغب في التحالف مع الصدر. تغريدة وكتب الصدر في تغريدة صباح أمس: «مازلنا دعاة وحدة وسلام. مازلنا دعاة تآخٍ بين المذاهب والأديان والتوجهات والأفكار، فضلاً عن الدين الواحد والمذهب الواحد، جميعنا عراقيون». «سائرون» في السياق، أكد عضو بتحالف سائرون أمس، لموقع «السومرية» العراقي طالباً عدم ذكر اسمه، أن «تشكيل الكتلة الأكبر التي لها حق ترشيح رئيس الوزراء يتطلب الحصول على موافقة 165 نائباً، وهذا الأمر لن يكون سهلاً أمام سائرون». وأضاف أن «التفاوض مع العبادي قد لا يكون صعباً في ظل وجود تفاهمات سابقة، وإن كانت غير رسمية»، لكه لفت إلى أن «هناك رغبة من قبل الصدريين وحلفائهم الشيوعيين بعدم التفريط بمنصب رئيس الوزراء». الجبوري والنجيفي في سياق آخر، أوضح رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري، الذي خسر مقعده بعد ترشحه على قوائم الوطنية بزعامة اياد علاوي، أن «هناك مؤامرة تستهدفنا بشكل مباشر». إلى ذلك، دعا رئيس تحالف القرار العراقي أسامة النجيفي، أمس، إلى تشكيل حكومة عراقية قوية قادرة على إقناع الشعب في محاربة الفساد وتقديم الخدمات. وقال النجيفي، خلال اجتماعه مع مبعوث الرئيس الأميركي بريت ماكغورك،»إننا منفتحون على القوى والكتل التي تضمن تنفيذ برنامج حكومي يحظى بثقة الشعب وتحقيق الإنجازات له بعيداً عن أي شكل من أشكال الاستحواذ وعبر شراكة قوامها الهوية الوطنية الموحدة التي تجمع العراقيين جميعاً». رسالة ساكو في السياق، دعا بطريرك الكلدان في العراق والعالم لويس روفائيل ساكو أمس، إلى «تشكيل حكومة مدنية ديمقراطية قوية تقف على مسافة واحدة من جميع العراقيين تفتح صفحة جديدة من العلاقات المتوازنة بين الكتل السياسية كافة بعيدة عن المحسوبية والمنسوبية».
مشاركة :