غادرت، أمس، أول دفعة من عناصر تنظيم «داعش» من المعقل الأخير للتنظيم في جنوب دمشق، إثر اتفاق مع قوات النظام السوري بعد أسابيع من المعارك العنيفة. في حين أحرزت «قوات سورية الديمقراطية» (قسد) تقدماً على حساب «داعش» في آخر جيب يسيطر عليه في محافظة دير الزور شرق سورية، بدعم مدفعي أميركي وفرنسي. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن لـ«فرانس برس»، إن ست حافلات تقل متطرفي تنظيم «داعش» وعائلاتهم غادرت مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين وحي التضامن المجاور له. وأوضح أن الحافلات توجهت شرقاً نحو البادية السورية، حيث لايزال التنظيم يسيطر على بعض المناطق فيها. ولم يتمكن المرصد من تحديد أعداد المغادرين على متن الحافلات، لكنه أشار الى أن أغلبهم من أقارب المقاتلين وغير مسلحين. وتأتي عملية الاخلاء غداة دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين قوات النظام السوري وتنظيم «داعش» حيز التنفيذ السبت، إثر حملة عسكرية واسعة برية وجوية بدأها النظام قبل نحو شهر استهدفت الحجر الأسود الخاضع للتنظيم في جنوب العاصمة. إلا أن وسائل الإعلام السورية في دمشق نفت التوصل الى أي اتفاق. وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا): «لا صحة للتقارير التي تتحدث عن خروج إرهابيي داعش من منطقة الحجر الأسود، وما ينشر حول ذلك من قبل بعض وسائل الإعلام غير صحيح»، إلا أنها لم تأتِ على ذكر مخيم اليرموك وحي التضامن. وكان مصدر ميداني يقاتل مع القوات الحكومية السورية في أحياء جنوب دمشق قال أول من أمس، إن «اتفاقاً لوقف إطلاق النار في الحجر الأسود ومخيم اليرموك دخل حيز التنفيذ من الساعة 12 ظهر السبت إلى الساعة الخامسة صباحاً من يوم الأحد، بحيث تبدأ بعدها المجموعات المسلحة بالانسحاب الكامل من الحجر الأسود ومخيم اليرموك». وتنفي القوات الحكومية السورية في كل تصريحاتها وجود أي اتفاق بين القوات الحكومية ومسلحي تنظيم «داعش»، وهو ما يتناقض مع الواقع على الأرض. وتأتي العملية العسكرية الجارية في جنوب دمشق في إطار سعي قوات النظام لاستعادة كامل العاصمة وتأمين محيطها بعدما سيطرت على الغوطة الشرقية التي بقيت لسنوات المعقل الأبرز للفصائل المعارضة قرب دمشق. ويفيد المرصد بأن المعارك في هذه المنطقة التي استغرقت نحو شهر أوقعت 56 قتيلاً بين المدنيين و484 قتيلاً بين المقاتلين، منهم 251 من القوات السورية والموالية لها. ويُعد مخيم اليرموك ومحيطه أوسع منطقة حضرية يسيطر عليها التنظيم في سورية والعراق، بعد أن خسر غالبية الأراضي التي كانت تحت سيطرته في البلدين. في السياق، قالت مصادر فلسطينية إن أكثر من 20 حافلة دخلت أمس إلى أحياء جنوب دمشق. وأكدت أن الحافلات مخصصة لنقل الدفعة الأولى من مسلحي تنظيم «داعش» وعائلاتهم من أحياء مخيم اليرموك والحجر الأسود والتضامن لمنطقة البادية السورية في ريف دير الزور. وأفادت المصادر بأنه «من المنتظر أن تدخل لاحقاً مجموعة أخرى من الحافلات إلى منطقة دوار البطيخة على أطراف مخيم اليرموك لنقل مسلحي التنظيم». وفي بث مباشر، قال مراسل التلفزيون السوري الرسمي، إن عمليات الجيش السوري في منطقة الحجر الأسود تشارف على نهايتها مع انهيار خطوط المسلحين، فيما تصاعدت أعمدة من الدخان من المنطقة الظاهرة خلفه. وشاعت عمليات الانسحاب بعد التفاوض في الحرب السورية في السنوات الماضية مع استعادة الحكومة بالتدريج السيطرة على المناطق بمساعدة الجيش الروسي وقوات مدعومة من إيران. وبموجب معظم اتفاقات الانسحاب منحت الحكومة لمقاتلي المعارضة وأسرهم ممراً آمناً لشمال غرب سورية. وقالت الأمم المتحدة إن 110 آلاف شخص تم إجلاؤهم لشمال غرب سورية ومناطق تسيطر عليها المعارضة شمال حلب في الشهرين الماضيين فقط. من ناحية أخرى، أحرزت «قوات سورية الديمقراطية» المؤلفة من تحالف فصائل عربية - كردية، تقدماً على حساب «داعش» في آخر جيب يسيطر عليه في محافظة دير الزور. وقال عبدالرحمن لـ«فرانس برس»، إن القوات المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن والمتمركزة في الضفة الشرقية لنهر الفرات سيطرت أول من أمس، على تلة استراتيجية تطل على بلدة هجين وقرى أخرى واقعة تحت سيطرة التنظيم. وأضاف أن القوات واصلت، أمس، تقدمها بمؤازرة قصف مدفعي فرنسي وأميركي. وأشار إلى أن اشتباكات عنيفة اندلعت حول بلدة هجين والباغور. وتمركزت القوات الاميركية والفرنسية المنتشرة في شرق محافظة دير الزور «في عدد من القواعد العسكرية التي أقامتها واشنطن حول حقول النفط الرئيسة، وبخاصة حقل العمر»، أكبر حقول النفط في سورية، بحسب عبدالرحمن. وأطلقت «قوات سورية الديمقراطية»، في الأول من مايو، المرحلة النهائية من حربها ضد «داعش» لإنهاء وجوده في شرق سورية، وتأمين الحدود مع العراق المجاور. وأشار مدير المرصد الى أن «القوات الاميركية والفرنسية لجأت الى القصف الصاروخي، ثم استبدلته بالمدفعية مع تقدم القوات ميدانياً». وتجرى العمليات حالياً بالتنسيق مع القوات العراقية في الجهة الثانية من الحدود وقوات التحالف الدولي «من أجل احباط أي محاولة تسلل أو وهروب لمتطرفي التنظيم نحو العراق»، بحسب مدير المرصد.
مشاركة :