من السهل هذه الأيام باستخدام "جوجل" الوصول إلى نص القانون الثالث للمخترع والروائي البريطاني السير "آرثر سي كلارك" الذي يقول فيه إن أي تقنية متقدمة بما يكفي لا يمكن التفريق بينها وبين السحر، ويرجع تاريخ هذه المقولة إلى عام 1962، في وقت كان ليعتبر محرك البحث نوعًا من الشعوذة. "جوجل" ليس الوحيد الذي تنطبق عليه هذه الحالة، فهناك الكهرباء، والطائرات، والجوالات، كلها ابتكارات كانت ليعتبرها السابقون شكلًا من أشكال المعجزات غير القابلة للتفسير، غير أنها في الحقيقة كانت مثالًا لما يجب أن يكون عليه المفهوم التكنولوجي الجدير بالاهتمام، ومع ذلك يجب الحذر حتى لا يتم التغافل عن التقدم التكنولوجي الأبسط، بحسب تقرير لـ"فايننشال تايمز". رخيص التكلفة غني الأثر - المصباح الكهربائي هو مصدر أكثر أمانًا وتحكمًا في الإضاءة مقارنة بالشمعة أو مصباح الزيت، لكن ما يجعله ثوريًا حقًا هو التكلفة، حيث أسهم في خفض تكلفة الإضاءة 400 ضعف تقريبًا خلال القرنين الماضيين. - تسيطر الحواسيب الفائقة والسفر إلى الفضاء على اهتمام الصحافة الآن، ومجرد كونها رخيصة ليس سببًا في أهميتها لكن انخفاض التكلفة بشكل كبير يعني أن هذه التقنيات يمكنها تغيير العالم. - على سبيل المثال، وفرت حاويات الشحن خدمات لوجستية وعمليات تسييج رخيصة باستخدام الأسلاك الشائكة، فيما وفرت "أيكيا" أثاثًا رخيصًا وبفضل نفس المبادئ للتجميع المعياري المبسط تمكنت الشركات من إنتاج ألواح رخيصة للطاقة الشمسية. - خفضت آلة طباعة "جوتنبرج" تكلفة إنتاج المطبوعات بشكل جذري، لكنها كانت قليلة الاستخدام في البداية لعدم انخفاض تكلفة لوح الكتابة، علمًا بأن أهم خصائص الورق هي أنه يكلف القليل جدًا. - مع أخذ كل هذا في الاعتبار، ما هي أوجه التقدم التكنولوجي التي حققها الإنسان اليوم، ويتجاهلها أو يسيء فهمها لأنها رخيصة وليست سحرية؟ الجواب ببساطة هو أجهزة الاستشعار. قائد الثورة القادمة - أجهزة الاستشعار غير مكلفة ومنتشرة في كل مكان، بما في ذلك الجوالات والسيارات، ووفقًا لكتاب "آلات التنبؤ" فإن البشر بدأوا الاستفادة من خدمات جديدة منخفضة التكلفة للتنبؤ بفضل هذه التقنيات بالإضافة للذكاء الاصطناعي. - أنماط التنبؤ آخذة في الانتشار، فمثلًا يتنبأ "جوجل" بكلمات المستخدمين أثناء البحث، و"أمازون" تتنبأ بما قد يشتريه مستخدمها في ضوء ما اشتراه في السابق أو بحث عنه أو وضعه على قائمة المفضلات. - يقصد بالتنبؤ إما التوقع بالمستقبل، أو مجرد محاولة لملء بعض الفراغات على أساس معلومات محدودة، لكن ليس كل هذه التنبؤات جيدة للغاية وليست كلها ضرورية. - في الجوالات الذكية تعمل خاصية التنبؤ المدمجة مع لوحة المفاتيح بدقة في اقتراح ردود على رسائل البريد الإلكتروني أو الدردشة بمجرد كتابة حرف أو حرفين فقط، وعادة ما تكون أخطاؤها بسيطة وسهلة التعديل. - يمكن نشر خدمات النص التنبؤي في العالم للاستفادة منها رغم وجود معدل خطأ مرتفع، لكن في المقابل سيكون معدل الخطأ المرتفع للسيارات ذاتية القيادة جُرما لا يغتفر بسهولة. حياة مختلفة جذريًا - تسمح التنبؤات الدقيقة بما فيه الكفاية بخلق نماذج أعمال مختلفة جذريًا، مثلًا إذا أصبحت متاجر البقالة جيدة في التنبؤ (عبر التواصل مع ثلاجات المنازل) ربما يمكنها شحن السلع مباشرة إلى المنازل دون طلب. - بما أن التنبؤات الجيدة تقلل عدم اليقين، سينخفض الطلب على الأشياء التي تساعد الناس في التعامل مع عدم اليقين، مثال صالة المطار، هذا المكان المصمم لمساعدة الأشخاص المشغولين على التعامل مع حقيقة أنه من المنطقي والضروري في عالم يتسم بعدم اليقين الانطلاق مبكرًا إلى المطار. - يمكن لمخططي الطرق ومحللي رحلات الطيران وخوارزميات التنبؤ الرخيصة السماح لعدد أكبر من الأشخاص بخفض هامش الخطأ للوصول في آخر لحظة وتجاوز صالة الانتظار مباشرة إلى الطائرة. - هناك أيضًا التأمين الصحي، إذا أصبح الحاسوب قادرًا على التنبؤ بدقة عالية بما إذا كان الشخص سيصاب بالسرطان أما لا، ربما ينهي ذلك عدم اليقين بشأن التأمين.
مشاركة :