المهضوم مهضوم، ليس تكراراً للكلمتين المتشابهين رغم اختلاف المعنى بل تسلسل، فالمهضوم الأولى المشتقة من الهضامة تنتهي بهضم الحقوق المشتق من الظلم.إخواننا اللبنانيون يقولون من باب المدح «يؤبرني شو مهضوم» للشخص خفيف الظل حلو المعشر الطيب الحبوب المرح الذي يدخل القلب سريعاً، لكن كل هذه المعاني اللطيفة والجميلة والمحبوبة للشخص لا تشفع له عندما يهضم حقه، بل على العكس تنقلب ضده.الشاب/ة المهضوم/ة هم الأسهل هضماً في الحقوق والواجبات، بل الواحد منهم الحلقة الأضعف بسبب هضامته التي لن يخرج منها ليناطح ويطالب، بل يغفر ويتسامح ويستمر في هضامته وهضم ما لا يهضم من هاضمي حقه.المساواة في الظلم عدالة، لكن الظلم كل الظلم عندما يخيّر الظالم في ظلمه، فيختار الذين يخافهم ويخشاهم، أما الذين يهضمهم ويستلطفهم فيفسر مونته عليهم بهضم حقوقهم، مدعياً أنه سيقوم بتعويضهم بعدين، وهذه البعدين لا تأتي أبداً، فيستمر المهضوم مهضوماً.وللأخوة اللبنانيين مثل يتعلق بالشاب المهضوم في انه «اللي تزوجه بنتك بس ما تمسكه شغلك» في فصل الخاص عن العام والأهواء الشخصية عن العمل، لكن اختلاطها يخلط كل المعاني والمفاهيم.يقول عمنا المتنبي «فاز باللذات من كان جسورا»، واليوم تفسر الجسارة بالفظاظة وطول اليد واللسان لأخذ حقك وما ليس من حقك حتى صار الناس يهضمون حقوق الناس اجتناباً للشر.ولما كان أشر الناس من اجتنبه الناس اتقاء شره، صار هذا الأشر أكثر حظاً في كل شيء، وبقي المهضوم مهضوماً. لذلك، إذا هضم حظك لا تغضب، بل ابتسم لأن في ذاك دليلاً لك بأنك مهضوم.ومثلكم أنا إذا تأجل هذا المقال يوماً أو اثنين أو حتى أسبوعاً، فَلِمَوْنة مسؤول المقالات عليّ، لأنني مهضومة، فحرمكم من هضامتي.reemalmee@