A A طالب الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي السابق وعضو هيئة كبار العلماء المستشار في الديوان الملكي د.عبدالله بن عبدالمحسن التركي- علماء الأمة الإسلامية؛ بالتصدي للمد الإيراني، الذي يستهدف نشر الفتن والطائفية في الكثير من المجتمعات، داعيًا المسلمين للعودة إلى دينهم الصحيح في شهر رمضان. وأشار إلى أن الربيع العربي جلب الفتن والخلافات والحروب للكثير من الدول العربية، لافتا إلى أهمية رسالة العلماء في التنبية من المخاطر، والدعوة إلى طاعة ولاة الأمر، وجمع كلمة المسلمين، بعيدًا عن التشتت. ونفى في حوار خاص لـ»المدينة» أن تكون هيئة كبار العلماء في المملكة تعاني حاليًّا الضعف، بعد وفاة الشيخ ابن باز -يرحمه الله- محذرًا في السياق ذاته من صعوبة استقامة أحوال المسلمين، طالما بقي العلماء في واد، والمسؤولون في آخر. ورحب بالحوار مع المراجع الشيعية في أي وقت؛ شرط معرفة الهدف من ذلك، وأن يتولى الحوار نخبة من المؤهلين، مع الحرص على عدم استغلاله أهدافًا سياسية ومصالح دنيوية ضيقة. وأشار إلى منتقدي دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، بعد أن أطلعوا على كتبه المحققة اعترفوا بخطأ أفكارهم عن دعوته، وأنهم استقوا معلوماتهم من مصادر غير صحيحة. وأقر بصعوبات عديدة تواجه المؤسسات الإسلامية في الداخل والخارج، داعيًا إلى عدم تسرب الإحباط واليأس إلى داخل النفوس. فإلى نص الحوار: تستقبل الأمة هذه الأيام شهر رمضان المبارك وجروحها تنزف في كل مكان، ما الدروس المستفادة من هذه المناسبة العظيمة لتسخيرها لصالح علاج مختلف المشكلات التي تواجهها؟ الواجب على المسلمين في مختلف أزمنتهم وأمكنتهم أن يرتبطوا بكتاب الله، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وحينما ينظر الإنسان في تاريخ الأمة منذ نزول الوحي على نبينا محمد عليه الصلاة والسلام في هذه البلاد المباركة قبل الهجرة ثم بعدها، يجد أن السبب القوي في حل المشكلات ومواجهتها هو الارتباط بكتاب الله، وسنة رسوله، والصدق في الانتماء إلى هذا الدين، وإخلاص العبادة لله، والابتعاد عن المظاهر التي لا علاقة لها بالدين، وحينما كانت الأمة تسير على المنهج الصحيح كان لها شأنها في العالم أجمع، وكان الناس من الدول الأوروبية وغيرها يأتون الى البلاد الإسلامية؛ للاستفادة مما لديهم من رؤى صحيحة لهذه الحياة، وحينما تراجعوا عن الارتباط بالكتاب والسُّنَّة تفرقوا واختلفوا وتنازعوا، وكثرت لديهم المشكلات والأحزاب والطوائف والفرق، وذلك يؤكد أن الحل الصحيح لمواجهة المشكلات عودة المسلمين الى دينهم الصحيح، وهنا تأتي المسؤولية الكبيرة على العلماء ورجال الثقافة والإعلام، والمسؤولين على المستوى السياسي والديني والاجتماعي والتربوي، من خلال التركيز على بيان حقائق الدين، وقد كان المسلمون يعدون العدة لرمضان وينتظرونه؛ ليتفرغوا للعبادة والأعمال الصالحة، وهذا الشهر ليس مجرد صيام فقط لكن لابد ان يخلص المسلم في عبادته لربه، ويبتعد عن الأخطاء، وكما ثبت في الحديث الصحيح (رمضان الى رمضان مكفر لما بينهما) واذا استقام الإنسان في هذا الشهر على الطريقة الصحيحة كفرت ذنوبه مالم تكن عليه حقوق لبني آدم الجماعات المتطرفة لايزال الكثير من المجتمعات الإسلامية تعاني من الجماعات المتطرفة وأكثرهم من الشباب ما الأسباب وكيف يكون العلاج؟ من أبرز الأسباب ضعف عمل المسلمين بالكتاب والسنة، وهذه الفرق الضالة تريد استقطاب الشباب لما تريده لخدمة مصالح اقليمية ودولية، ونحن بأمس الحاجة إلى أن يكون للعلم وأهله مكانة متميزة في الدول الإسلامية؛ لمواجهة عوامل الفرقة والخلافات والطائفية، ومن هذا المنطلق وجب دعم هيئات كبار العلماء ومجالس العلماء والمجامع الفقهية. التمدد الإيراني تحاول إيران استغلال المجتمعات الفقيرة في آسيا وإفريقيا ودعمهم وتحويلها إلى المذهب الشيعي المتطرف الذي يعادي أهل السنة والجماعة ما واجب علماء الأمة تجاه هذا التمدد والتطرف الطائفي؟ لا شك أن ذلك الأمر هو أخطر ما يواجه المسلمين من تحديات في الوقت الحاضر، وكما هو معروف في حالات ضعف المسلمين تقوى هذه الفرق والطوائف، ولا بد أن يكون هناك تعاون وتكامل بين المسلمين لمواجهة انتشار الطائفية في إفريقيا وجنوب شرق آسيا ومناطق عديدة من العالم . الحوار مع مرجعيات شيعية هل ترون أن الحوار مع المراجع الشيعية سيكون إيجابيًّا ويقلل من التمدد الطائفي الخطر؟ الحوار مطلوب في أي وقت مع المسلمين وغيرهم، لكن لا بد من معرفة الهدف منه، وينبغي أن يكون واضحًا ومحدد المعالم، ويقوم به أُناس مؤهلون وأن لا يستغل لأهداف سياسية ومصالح دنيوية . تراجع هيئة كبار العلماء هيئة كبار العلماء لها تأثير كبير وإيجابي لدي المسلمين في العالم، لكن بعد وفاة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز(رحمه الله) يرى البعض أن تواصل أعضائها مع الشباب تراجع، ما الأسباب؟ لا شك أن سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز(رحمه الله) يعتبر من أئمة المسلمين وله شأن كبير، وهذا لا يعني ضعف أعضاء الهيئة بعد وفاته؛ لأن لها مكانتها وجهدها ونشاطها، ولديها لجنة خاصة للإفتاء يرأسها سماحة المفتي العام الشيخ عبدالعزيزبن عبدالله آل الشيخ وتصدر الفتاوي والبيانات، لكن الوقت الحاضر يختلف عن السابق في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، ولعل ذلك يستدعي أن تضاعف الهيئة نشاطها وجهدها وأن يكون هناك تواصل مع طلاب العلم والعلماء في مختلف أنحاء العالم، ولا بد من التواصل مع الجامعات في المملكة وعقد اللقاءات والندوات والمؤتمرات، التي تسهم في مواجهة التحديات في الوقت الحاضر، وتجعل الشباب على ارتباط بالعلماء الثقاة في ظل انتشار حالة من الاستقطاب حاليّا. فتن الربيع العربي بعد مرور سنوات على ما يسمى بالربيع العربي، هل لدي العلماء رؤية لإخراج الأمة من تبعات هذه المرحلة ؟ العلماء مهمتهم تشجيع المسلمين على السير على طريق الإسلام الصحيح، ولعلى هنا أتساءل هل هذا الربيع سار على الإسلام الصحيح؟ ومن الذي قام به ومن وراءه؟ وما أسباب الفتن والنزاعات والخلافات والحروب في العديد من الدول الإسلامية مع الأسف حاليًّا، ورسالة العلماء عظيمة في أن يبينوا للمسلمين ضرروة الابتعاد عن الفتن، وأن عليهم طاعة ولاة الأمر، وأن تجتمع كلمتهم على الخير ويبتعدوا عن النزاع، أما الاضطرابات والفتن والمظاهرات والكلام الذي يستغل إعلاميًّا لأي مصلحة مادية دون أن ينظر إلى الهدف منه والطريقة التي يسير عليها أصحابه فهي جوانب غير صحيحه، ومع الأسف نجد بعض المنتسبين للعلم أحيانًا يؤيدون بعض التوجهات ولا تكون لديهم رؤية عن الآثار التي تترتب عليها. التأهيل الصحيح للشباب ما النصيحة التي توجهها للشباب خاصة طلاب العلم الذي يؤمل أن يكون منهم علماء المستقبل؟ النصيحة الأساسية أن يحرص الشاب على التأهيل الصحيح، وأن لا يستعجل فيما يصدر عنه من فتاوى وآراء وأن يتحلى بالصبر ويقتدي بالعلماء السابقين، ويجب النظر إلى سيرة الإمام أحمد رحمه الله، كيف تتعامل مع ولاة الأمر ومع عامة الناس، وكيف تتعامل مع الطوائف والفرق الأخرى، إذا تحلى بالصبر وكانت له آراء عظيمة في وقته وكذلك الأئمة الآخرون كالإمام الشافعي وأبي حنيفة ومالك، ولا بد أن يكون للشباب قدوة. خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده يبذلان جهودًا كبيرة في خدمة قضايا الإسلام والمسلمين في كل مكان ومنها دعم الشرعية في اليمن والأعمال الإغاثية الكبيرة لدعم المحتاجين في كل مكان، كيف تصفون هذه الجهود؟ المملكة منذ تأسيسها في عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- ومن جاء بعده من الأبناء تعمل بالدرجة الأولى لخدمة الإسلام والمسلمين والحرمين الشريفين والحجاج والمعتمرين، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد، لهما جهود متميزة في الجانب الديني والاجتماعي والسياسي في داخل المملكة وخارجها، ونسأل الله لهما العون والتوفيق والمسلمون يقدرون هذه الجهود بدرجة كبيرة. تحقيق كتب محمد بن عبد الوهاب يواجه علماء المملكة تحديات كبيرة بدعوى أن فتاواهم محصورة على مجتمعهم وليس لديهم علم بفقه الواقع ؟ هذا الكلام غير صحيح وليس بجديد وهو قديم والذين يقولونه أعداء الإسلام الحقيقي ودعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله، ليس فيها جديد ومن يقرأ كتبه وتلامذته وأبنائه لا يجد بها أقوالًا شاذة أو خارجة عما كان عليه المسلمون قبلهم وحينما كنت مديرًا لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عقدت الجامعة أسبوعًا عن دعوته وحققت كتبه وكتب أبنائه وتلامذته وبعثت إلى المدعوين، ومنهم من كان ينتقد الدعوة، ولما أطلعوا على هذه الكتب وحضروا الأسبوع قالوا: نحن مصادرنا غير صحيحة وتبيّن لنا أن الكلام الذي يقال لنا عنها غير صحيح، وبالتالي علينا أن نسير على المنهج الصحيح، ونبين أن هذا المنهج الذي تسير عليه المملكة وعلماؤها هو منهج السلف الصالح، وأن أي أمة إذا لم تسر على ما كان عليه سلفها لن يكون لها شأن، ولن يضير المملكة وقادتها وعلمائها ما يفترى عليهم، ويقال عنهم زورًا وبهتانًا. الأمة الإسلامية في حالة ضعف والرابطة تواجه صعوبات في جمع الكلمة المؤسسات الاسلامية تعاني صعوبات بالداخل والخارج واليأس مرفوض إيران تتحدى العالم الإسلامي بنشر الطائفية.. والربيع العربي جلب الفتن والحروب منتقدو دعوة ابن عبدالوهاب أطلعوا على كتبه المحققة، وأقروا عدم صحة مصادرهم قضيتم سنوات أمينًا لرابطة العالم الإسلامي من 1421-1437) كيف ترى دورها وما أكبر التحديات التي تواجهها في أداء رسالتها ؟ رابطة العالم الإسلامي لها رسالة كبيرة أنشأت في مكة المكرمة وتجد العون والدعم من ولاة الأمر في هذه البلاد المباركة منذ تأسيسها، لكن الأمة الإسلامية في حالة ضعف لذلك تجد الرابطة وغيرها من المؤسسات الإسلامية الكثير من الصعوبات سواءً في داخل المجتمعات الإسلامية أو خارجها، وهذا يؤثر على أداء المؤسسات الإسلامية ولكن مع ذلك لا يجب أن يدخل اليأس في نفوس المسلمين، وأن يؤثر عليهم في عملهم. والرابطة تؤدي رسالتها في ماضيها وحاضرها، وينبغي أن يتعاون المسلمون معها في مختلف البلاد ومن المؤكد ضرورة التركيز على الأولويات والتحديات وفي صدارتها مكافحة الإرهاب ومواجهة التطرف، وبيان حقيقة الإسلام الصحيح. دور رابطة العالم الإسلامي لا بديل عن وضع حد للفوضى والجرأة على الفتاوى حاليا فوضى الفتاوى *** كان طالب العلم يجتهد في التحصيل العلمي لسنوات طويلة ولا يجرؤ على الفتوى، أما اليوم فنرى شباباً صغار السن يتصدرون للفتوي من خلال القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي كيف يمكن وضع حد للفوضى الراهنة؟ يواجه هذا الأمر بأن تكون للعلم مكانته الرئيسة، والواقع أنه لا يمكن أن تستقيم أحوال المسلمين، إذا كان العلماء في شأن والقادة والمسؤولون الكبار في شأن آخر، ولعلى أؤكد ان قدوة المسلمين هى المملكة، التي قامت منذ تأسيسها على التكامل بين العلماء وبين ولاة الأمر، والفتوى أمرها عظيم وهناك كتب ومؤلفات أُلفت في ضوابط الفتوى، وما ينبغي أن يكون عليه المفتي، من إدراك كامل لأحكام الشريعة في الاستدلال والاستنباط في تطبيق النصوص على الوقائع، ومراعاة المصلحة العامة . فتن إيران *** وما أخطر التحديات التي تواجه المسلمين حاليًّا؟ من أخطر ما يواجه المسلمين في الوقت الحاضر الفرقة والنزاع والخلاف والطائفية المقيتة، وما تقدمه إيران وغيرها من دعم للطائفية المقيتة السيئة التي تستغل الدين وعواطف المسلمين يعد من أكبر المخاطر والتحديات، وينبغي أن نركز على كيفية رجوع المسلمين إلى دينهم، ونحن في المملكة نؤكد أهمية المزيد من الثقافة الإسلامية الأصيلة التي تبعدنا عن الإرهاب والتطرف والغلو والفرقة والنزاع، وأن نكون قدوة أيضًا للمسلمين في هذا العصر.
مشاركة :