«الليبرالية.. الخلط العجيب» سهيل بن حسن قاضي «الليبرالية.. الخلط العجيب» Qadis@hotmail.com هناك خلطٌ واضح في مفهوم الليبرالية، وليست مهمتي هنا إزالة هذا الخلط الذي علق في أذهان البعض، وإنما محاولة لاستعراض هذا المفهوم لدى البعض. على سبيل المثال لا الحصر هناك مَن يُظهر أن الليبرالية شيء مناهض للإسلام، وهذا الأمر ليس حقيقياً على الإطلاق. في هذا السياق لابد أن نذكر أن بعض الليبراليين والراديكاليين طالبوا بالفصل التام بين الكنيسة والدولة، وهذا الأمر يعتقد كثير من الناس أن هذه هي العلمانية، أي أنها تعني فصل الدين عن الدولة، وأن الإسلام هو دين ودولة. هناك العديد من الأنظمة العلمانية وهي لا تمنع بتاتاً المسلمين أو غيرهم من ممارسة شعائرهم الدينية، وقد رأينا قبل أيام السيد جاستن رئيس وزراء كندا يُهنّئ المسلمين بشهر رمضان، ثم جاء بنفسه ليقف على توزيع بعض المؤن الغذائية في الكراتين وتجهيزها للبدء في توزيعها تكافلاً واحتراماً للأديان، وهناك نماذج عديدة مماثلة، حيث يستضيف رئيس الولايات المتحدة في البيت الأبيض بعض النخب من المسلمين هناك على مائدة الإفطار في رمضان، وقد صدرت العديد من التشريعات لمنح العاملين من المسلمين إجازة من العمل في الأعياد الدينية الخاصة بهم فضلاً عن السماح بإقامة وتشييد المساجد وأماكن العبادة الأخرى لغير المسلمين، هذه هي الليبرالية التي تحترم حرية الأديان ومبدأ التعايش واحترام الآخر. لو سألت المسلمين عن ما ذكر آنفاً لعبَّروا عن رضاهم عن تلك الأنظمة، إذاً العلمانية ليست لديها مشكلة مع المسلمين. تركيا وماليزيا دولة علمانية مسلمة، وإذا كانت هناك بعض الملاحظات فهي من بعض العلماء المسلمين أو غيرهم، لأنهم نظروا إلى العلمانية على أنها كُفر، والحقيقة أن العلمانية تمنع استخدام المنابر للتحريض الطائفي ضد أبناء الوطن الواحد أو غيره، وهذا يُقلِّل من نفوذ بعضهم. العلمانية تعطي الحق لأي فرد بشغل المناصب الإدارية العليا إذا انطبقت عليه المعايير الخاصة بشغل المنصب، وهذا الأمر قد لا يُناسب مَن يُحارب العلمانية. من الأمور الجديرة بالحديث عنها عن الخلط في مفهوم الليبرالية أن هناك من يعتقد بأن كل من درس في بلاد الإفرنج فهو ليبرالي، وفي وقع الأمر أن هذه التسمية (ليبرالية) جاءت في الأساس من الغرب، وكان أول وأهم مطلب لها، وقد تحقق بنجاح هو التحقق التدريجي للتسامح الديني، ويُعلِّق آدم سميث حول مشاركة الأفراد في المجتمع المدني مُذكِّراً العلاقة بين العدل والإحسان، إذ إن الأخير يجعل الحياة أكثر مدعاة للسرور، وهو أمر ضروري للمجتمعات التي لا تستمر دون العدل في حياة الإنسان وحريته وأملاكه ضد اعتداء الآخرين عليها. (للحديث بقية) لإيضاح المزيد من الخلط في مفهوم الليبرالية وما يحدث من تحريض عليها.
مشاركة :