تراجعت الليرة التركية، اليوم الإثنين، بمعدل غير مسبوق في مواجهة الدولار، فيما يواصل الرئيس رجب طيب أردوغان إطلاق الوعود ضمن حملته الانتخابية التي بدأها أمس من البوسنة والهرسك. ورد محللون اقتصاديون تراجع الليرة إلى مخاوف تسود الأوساط الاقتصادية من تدخلات محتملة لأردوغان في السياسة النقدية للبلاد، في ظل الصلاحيات التي يمنحها له الدستور المعدل للبلاد. وسجلت الليرة أعلى تراجع منذ بداية العام أمام الدولار؛ حيث هبطت إلى مستوى قياسي، ببلوغ سعر الدولار نحو 4.59 ليرة، في منتصف التعاملات، متأثرة بمخاوف بشأن قدرة البنك المركزي التركي على كبح معدل التضخم. وحسب إحصائيات رسمية تركية، بلغت خسائر الليرة التركية نحو 16.5 % منذ بداية العام، ما يضعها ضمن أسوأ عملات الأسواق الناشئة أداء. ويترقب المستثمرون ليروا ما إذا كان هبوط الليرة سيدفع البنك المركزي التركي لاتخاذ إجراء مبكر، ورفع أسعار الفائدة، قبل اجتماعه التالي المقرر في 7 يونيو المقبل. وأدى تراجع الليرة التركية إلى مستويات قياسية متدنية أمام الدولار الأسبوع الماضي، إلى تجاوز الديون الأجنبية للشركات التركية حاجز التريليون ليرة، وهي في غالبيتها قروض طويلة الأجل بالعملات الأجنبية. وترتفع تكلفة الدين على الشركات التركية بشكل مزعج وبسرعة شديدة هذه الفترة، وذلك في ظل انزلاق قيمة الليرة بسرعة هائلة، التي فقدت أكثر من 15 % من قيمتها منذ بداية العام؛ ليتجاوز الدولار حاجز 4.5 ليرة. وبحسب أرقام رسمية صدرت عن البنك المركزي التركي، الخميس الماضي، فإن الاقتراض الأجنبي للشركات التركية وصل إلى نحو 227 مليار دولار في نهاية مارس الماضي، أي ما يعادل نحو 30 % من الناتج المحلي الإجمالي، وبزيادة تبلغ نحو 5.5 مليار دولار مقارنة بنهاية العام الماضي. وفي عام 2002، حين وصل حزب العدالة والتنمية الحاكم إلى السلطة، لم يتجاوز مستوى اقتراض الشركات التركية الـ7 مليارات ليرة. وسجل عام 2016 الذي شهد محاولة الانقلاب الفاشلة أكبر معدل اقتراض للشركات، بلغ نحو 190 مليار دولار، ما دفع وكالات التصنيف الائتماني لتوجيه تحذيرات شديدة بشأن تعرض الشركات لمخاطر ترتبط بالعملات الأجنبية. وقبل عامين فقط، كان الدولار يعادل 3 ليرات فقط، وهو ما يعني أن عبء الديون كان يعادل نحو 570 مليار ليرة فقط بالعملة المحلية. وبحسب محللين، ليس أمام المركزي سوى رفع أسعار الفائدة لوقف التراجع في الليرة، وكبح مستويات التضخم المرتفعة، وهو عكس ما يريده إردوغان، الذي يرى أن ارتفاع أسعار الفائدة هو السبب في ارتفاع التضخم الذي سجل 11 % في أبريل الماضي.
مشاركة :