أثار ظهور مريم بوجيتو، رئيسة اتحاد طلاب فرع لجامعة السوربون في باريس بحجابها ضجة واسعة في البلاد التي تفخر بعلمانيتها ومعارضتها بموجب قوانين لإظهار الرموز الدينية بما فيها الحجاب. ودافعت الشابة البالغة من العمر 19 عاما، في تصريحات أدلت بها لموقع بازفيد بصفتها رئيسة اتحاد طلاب في إحدى أشهر الجامعات في العالم، عن حقها في ارتداء الحجاب، وأكدت أنه خيارها وبالتالي تسقط كل المزاعم بأنه يجسد تبعية المرأة واضطهادها، رافضة أنه "رمز سياسي". لكن الطالبة وجدت نفسها في دوامة نقاش وطني واسع لم يقتصر على مواقع التواصل الاجتماعي، بل تجاوزها ووصل إلى تصريحات ساسة ووزراء. وتراوحت الردود بين المعارضة وحتى الشتم إلى الدعم وانتقاد المواقف التي لا ترى إمكانية التوافق بين الحجاب الإسلامي والعلمانية، أو تلك التي تربط الحجاب بالتشدد. من بين أبرز رجال الدولة الذين دخلوا على خط الجدل، وزير الداخلية جيرار كولومب الذي أعرب عن صدمته وقال "من الظاهر أنه هناك معركة ثقافية في نهاية المطاف لدى بعض الشباب المسلم، فمن الواضح أن عددا من الأشخاص الذين يبحثون عن الاستفزاز عبر هذه الرموز". لكن الطالبة الفرنسية التي التزمت الصمت إزاء الجدل في بادئ الأمر، أعربت عن استغرابها للمنحى الذي أخذته المسألة حتى أصبحت قضية دولة تقريبا، على حد تعبيرها. وأكدت أنها لا تعتزم الاستقالة من منصبها وأنه لم يطلب منها التنازل عنه. ووجهت انتقادات لكولومب وردت على تصريحاته بالقول "من المقرف أن يوجه وزير الداخلية خطابا مماثلا يتضمن كل هذا القدر من العنف، خاصة أن ارتدائي للحجاب لا يتسم بأي بعد سياسي، فهذا إيماني... أجد نفسي اليوم مضطرة لتبرير اختياري رغم أنني لست مجبرة على ذلك". وشددت الشابة على أن حجابها كان اختياريا وعن قناعة دينية في ظل احترام القانون والآخرين، مضيفة أن الجدل الذي أثاره لم يكن يستوجب النقاش أصلا، حسب قولها. الاتحاد الوطني للطلاب الفرنسيين أعرب عن فخره بأن بوجيتو واحدة من مناضليه المعنية بالدفاع عن جميع الطلاب والطالبات، ودافع عنها بعد اتساع الجدل الذي أثاره حجابها. وزيرة الدولة المكلفة بالمساواة بين الرجال والنساء مارلين شيابا دخلت أيضا على الخط، وأبدت استياءها لظهور رئيسة النقابة الطلابية بالحجاب الذي قالت إنه تعبير عن "إسلام سياسي". وانتقدت الوزيرة نقابة الاتحاد الوطني لطلاب فرنسا التي قالت إن من المفترض أنها نقابة تقدمية ومدافعة عن حقوق المرأة، في حين أن الحجاب يعد دليلا على سيطرة الدين وشكلا من أشكال الترويج للإسلام السياسي، على حد وصفها. بوجيتو رفضت تصريحات شيابا أيضا، وأكدت أن "الأمر لا يتعلق بذلك أبدا"، موضحة أن "مفهوم الإسلام السياسي قد يتضمن عدة أشياء حتى تلك التي تفتقد للمعنى. لم يكن حجابي أبدا في خدمة التوظيف السياسي". وأفادت صحيفة Le Monde بأن الاتحاد الوطني لطلاب فرنسا اتخذ في 2013 موقفا معارضا لارتداء الحجاب في الجامعات، وكان يعتبر أنه "ممارسة تسجن المراة في موقف خضوع للرجل". هذا الموقف اختفى من موقع الاتحاد، وفق الصحيفة. وأضافت الصحيفة بأن "قاعة مخصصة للصلاة فتحت في 2015 خلال تجمع وطني لبرلمان نقابة الطلاب بناء على طلب أعضاء مسلمين". الحجاب في فرنسا يذكر أن حظرا على الحجاب وغيره من الرموز الدينية في المدارس ومؤسسات الدولة اقترح في فرنسا في 2004 ولقي تأييدا شعبيا وسياسيا واسعين في البلد الذي يؤمن بفصل الدين عن الدولة. ولم يشمل هذا الحظر الجامعات. وفي 2011 أصبحت فرنسا أول بلد أوروبي يحظر النقاب في الأماكن العامة على الفرنسيات والأجنبيات على حد سواء، وفرض غرامات على المخالفات. تجدر الإشارة إلى أن فرنسا تحتضن حوالي خمسة ملايين مسلم وهي أكبر أقلية في غرب أوروبا.
مشاركة :