يوسف أبو لوز يعتبره الباحث المصري إميل أمين المعروف بموضوعيته وشموليته الثقافية في قراءة التاريخ والأديان رأس الحربة الفكرية للهيمنة على العالم، ويرى أن لمشروعه الفكري وجهين، الظاهر منه علمي والباطن سياسي محض بحيث يرسخ في أذهان قارئه صورة سلبية للإسلام تخدم توجهه الصهيوني المحض..ولكن، من هو؟إنه المفكر والباحث الأمريكي «من أصل بريطاني ومن عائلة يهودية» .. برنارد لويس الذي رحل هذا الأسبوع عن مئة عام وعام.. وترك أكثر من 30 كتاباً تُرجمت إلى أكثر من 20 لغة حيّة في العالم أغلبها ذات عناوين إسلامية: «الإسلام من النبي محمد إلى الاستيلاء على القسطنطينية»، ثم كتابه الجدلي الذي جلب عليه غضب المسلمين والعرب أو غالبيتهم وهو كتاب: «جذور الغضب الإسلامي» وكتاب «الإسلام في أزمنة» ثم كتاب «الإسلام والعلمانية».. وغيرها من عناوين تتصل بالتاريخ والثقافة الإسلامية، وأكثر من ذلك، اهتم برنارد لويس بتاريخ العرب في كتابه «العرب في التاريخ».. لا بل إن دائرة هذا المفكر الإشكالي تتسع على اهتماماته في التاريخ والثقافة الإسلامية إلى وضع مجموعة دراسات في السامية، ودراسات إفريقية وتركية، وركز في أحد بحوثه على ما سماه عرب القرون الوسطى... هل بسبب هذه الموسوعية الفكرية والبحثية يعتبره البعض عبقرياً، والبعض الآخر يعتبره شيطاناً؟.. نعم، لقد بدأت برأي الباحث المصري إميل أمين السلبي فيه، ولكن اقرأ رأي المفكر السوري هاشم صالح الذي يقول إن برنارد لويس لم يكن معادياً للإسلام.. «.. كان أعظم المتبحّرين في تراثنا العربي والإسلامي الكبير وكان يعرفه أكثر مما نعرفه نحنُ، لقد أمضى حياته المديدة في دراسة الإسلام والمجتمعات الإسلامية من مشرق الأرض إلى مغاربها..».. أما إدوارد سعيد في كتابه «الاستشراق» فقد شكك في الحيادية العلمية ل «برنارد لويس» إزاء العالم العربي، وإنه.. «يعامل الإسلام بصفته كياناً ووحدة واحدة متناغمة دون حد أدنى من التعددية والديناميكيات الداخلية لهذا الدين..»، كما يقلل إدوارد سعيد من قيمة برنارد لويس بوصفه مستشرقاً..هنا، إذاً، نحن أمام رأيين بل ثلاثة آراء عربية في مفكر عايش الثورة العربية، واكتشاف النفط، والوعد المشؤوم لقيام الكيان «الإسرائيلي».. فماذا يقول هذا الرجل بشأن الإسلام؟ يقول: إن الإسلام لم ينتشر بالسيف بل بالإقناع، ويرى أن الإسلام أكثر تسامحاً من سواه إبّان العصور الوسطى، وقال إن النصوص الأساسية في الإسلام لا تأمر أبداً بالإرهاب والاغتيالات.كل ما هو إشكالي، عادة، يجري تفكيكه بالقراءة الأولى والثانية والثالثة، أي المراجعة والمقارنات وإخضاع أي مشروع فكري لمختبر النقد والتحليل العلمي الثقافي، وبعد أن عاش برنارد لويس مئة عام وعام. نحتاج إلى أقل من هذا الزمن بكثير لنعرف فيما إذا كان عبقرياً أم شيطاناً. yabolouz@gmail.com
مشاركة :