افتتح المسجد يوم الثلثاء في الـ29 من شعبان 1436هـ، بعد الانتهاء من مشروع ترميمه، الذي تكفل بنفقاته الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله. ويقع المسجد التاريخي العتيق في حارة «المظلوم»، وتنبع أهميته من كونه أحد أهم المواقع التاريخية في المدينة؛ إذ يحكي واقع الإسلام قبل 1400 عام، باستخدامه المواد التقليدية في عملية البناء، والمكونة من الطين البحري والحجر المنقبي والأخشاب، وهي من المواد الأساسية التي كان سكان جدة يعتمدون عليها، بحكم طبيعة الأجواء. ويُنسب المسجد إلى الإمام محمد بن إدريس الشافعي، أحد أئمة المذاهب الأربعة، وقد وُلد الإمام الشافعي في غزة عام 150 للهجرة النبوية الموافق 767 ميلادية، وعُرِفَ المسجد باسم الجامع العتيق، وهي تسمية تُطلَق على أقدم المساجد. وتشير المصادر إلى أن إقامة المسجد كانت في عهد ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأن أول عمارة رئيسة للمسجد حدثت في عهد السلطان المظفر شمس الدين يوسف. وحَظِيَ مشروع ترميم المسجد العتيق (مسجد الشافعي) باهتمام ومتابعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - في إطار اهتمامه بالمواقع التاريخية بشكل عام والمساجد التاريخية بشكل خاص، إذ قام بزيارة لمسجد الشافعي أثناء زيارته جدة التاريخية، في شهر رمضان عام 1435هـ، ووقف على مشروع الترميم، واستمع لشرح من رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني عن المسجد وأعمال الترميم الجارية فيه. ويأتي ترميم المسجد في إطار «برنامج اعمار المساجد التاريخية» الذي تتبناه الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، بالشراكة مع وزارة الشؤون الإسلامية ومؤسسة التراث الخيرية. ويهدف البرنامج، الذي أطلقه الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز عام 1418هـ، من خلال مؤسسة التراث الخيرية، إلى ترميم المساجد الخيرية وتوثيق تاريخها وإعادة الحياة والصلاة إليها. وبحسب المختصين في العمارة والآثار، فإن منارة مسجد الشافعي بُنيت في القرن الـ13 الميلادي، وعمارته تتكون من مربع وسطه مكشوف للقيام بعملية التهوية. ويأخذ طراز المسجد في الشكل الداخلي والخارجي الطابع الفاطمي في البناء، إذ استخدمت في بنائه المواد الأولية التي استخدمت في القرون الماضية، والتي تعتمد على الطين البحري، والحجر المنقبي، والأخشاب، ويعمد العاملون في البناء إلى خلطها ودمجها، ثم القيام ببناء المنزل أو المسجد بالكامل. ويأخذ المسجد شكل البناء المستطيل الشكل وينقسم إلى قسمين، ويمتد من الغرب إلى الشرق، فالجزء الغربي يمتد على هيئة صحن مكشوف مربع الشكل وسط دكة ترتكز على أربعة أعمدة، والقسم الثاني هو الجزء الشرقي، وهو إيوان القبلة، ويحوي صفين من البوائك، تعلوها عقود مدببة تقسم الإيوان إلى ثلاثة إيوانات موازية لحائط القبلة، وتقوم عقود البوائك على أعمدة بعضها رخامي، وتنتهي بمقرنصات من ثلاثة صفوف، وبعضها الآخر مبني من الحجر، وتعود هذه الأعمدة إلى العصر العثماني.. وتم اجراء عمليات تنقيب تحت المسجد قبل البدء في عمليات الترميم، ونتج من عمليات التنقيب الأثري العثور على محراب تحت المحراب الحالي يتجاوز عمره 1000 عام - بحسب الخبراء والمختصين في الآثار - كما عُثر على أحجار كريمة ومرجان تحت الترميمات التي نُفذت قبل 500 عام؛ لذا كان التعامل مع مسجد الشافعي بحذر؛ لما يحويه من مخزون تاريخي وأثري قديم.
مشاركة :