أعلى مقعد خشبى بمستشفى الأحرار العام، بآخر حدود استراحة فسيحة أعدت لرواد المستشفي، يستلقى طفل فى التاسعة من عمره، وقت الذروة، يبدو عليه الإنهاك بأول أيام رمضان المبارك، يدعى «زياد».ويقول «زياد»: «هدّنى التعب، والصيام، ووجع قلبى على ابويا، اللى معرفش هيقوملى أنا واخواتى البنات بالسلامة تانى ولا إيه، أبويا قاللى خليك راجل وما تنخّش، وأنا خايف لا أبويا يفارق، هيوحشنى واخواتى هيبكوا طول العمر، زى ما دايما يقول، أنا مش قادر ما أعيطش، ولازم أكون قوى زى الراجل الكبير».ويتابع: «أبويا خلفته كلها بنات، وأنا الحيلة، ومن يوم ماجيت الدنيا وأبويا عيّان براسه، وداخ عند الدكاترة، كان أمله أكون سنده ويفرح بيا، صرف كل الفلوس مكسبه من رفع الطوب على كتفه، عشان أمى تخلف ولد، ويتعلم أجدع علام، ولما جيت هو هيمشى ويسيبنى، حتى العلاج ما كانش قادر يجيبه، يادوب مكسبه كان رايح لمواسم أخواتى البنات وأكلنا وشربنا، ودلوقتى العلاج ما عادش جايب همّه، حالته اتأخرت والظاهر قرب أجله». ويضيف «زياد»: «عمى على طول بياخد ابويا للدكاترة، ودايما مفيش فلوس، والمستشفى مبتعالجش، وبروح مع أبويا وهو مش دارى إنى معاه، بس لازم أكون سنده زى ما طلب من ربنا، وطول ما أبويا مش فى الدار عينى مابتشوفش النوم، وفى رمضان دعوتى لربنا «يارب أبويا يعيش معايا لحد ما أكون قدّه، ومش عايز حاجة تاني، وإحنا طبيعى ما عندناش حاجة، لأن أبويا غلبان».
مشاركة :