في ذكرى ميلاد الأديبة الكبيرة ا. د. رضوى عاشور، أستاذ الأدب الإنجليزي بكلية الآداب، جامعة عين شمس، تفاجئنا مؤسسة "جوجل" بوضع صورتها كأيقونة بديلة لكلمة "جوجل"، فاليوم 26 مايو من عام 1946 هو يوم مولدها. نظرت إلى أيقونة جوجل وتأملتها جيدًا، وتمنيت أن أرى الفنان الذي أبدع هذه الأيقونة، التي لو كان العمر امتد برضوى عاشور لبحثت عنه وشكرته بنفسها، فقد صورها واقفة في محراب مسجد، ساهمة الطرف، بشعرها ذي الخيوط البيضاء المنسدلة حول العنق، ونظارة شفافة ترمق من خلف زجاجها عالمها الذي رحلت عنه عام 2014، وتحتضن بين يديها كتابًا؛ وجاءت الخلفية أشبه بأعمدة لمسجد تظهر من بين عقوده شجرة زيتون، ربما في إشارة إلى فلسطين، حيث موطن زوجها، ونخيل بلح، ربما في إشارة إلى أرض النيل، الذي عاشت على ضفافه.لكم كانت سعادتي بما فعلته مؤسسة "جوجل"، وكم كانت حسرتي عندما لم أجد ذكرًا لها بين أروقة المثقفين والأكاديميين مثلما فعل "جوجل"، هل ربما لأننا اعتدنا أن نحتفي بالمتوفى في ذكرى وفاته طبقًا لعاداتنا العربية؟ ربما كان هذا عذرًا مقبولًا، وإن كنت أؤمن بأن الأوجب أن نحتفي بالمتوفى يوم ميلاده، لأنه هو اليوم الذي منحه الله فيه الحياة بعد أن بث فيه من روحه، ليصبح المرء ضيفًا على الأرض، إما ضيفًا كريمًا أو عبدًا خسيسًا. وأشهد أن رضوى عاشور كانت ضيفة كريمة، نعم، فقد أكرمتنا ليس فقط بعلمها وبأجيال تربوا وتخرجوا على يديها، بل لكونها فاضت على البشرية بما أنعم الله عليها من فكر وثقافة وإبداع، ومن يتتبع سيرتها الأدبية يدرك للوهلة الأولى حجم الثراء الفكري الذي عاشت به وله؛ وسيدرك أن المأساة الفلسطينية كانت ركنًا أصيلًا في حياتها.فقد تزوجت رضوى عاشور من المناضل الفلسطيني مريد البرغوثي وابنها الشاعر تميم البرغوثي؛ غير أنها عانت من شتات الأسرة ما بين فلسطين المحتلة وأم الدنيا التي تأذت بأهوائها السياسية من حقبة إلى أخرى، وكان الثمن الذي وجب على رضوى دفعه هو الصبر على الشتات الأسري.تركت لنا رضوى عاشور مجموعة من القصص والروايات الأدبية والسير الذاتية، منها:· حَجَر دافئ (رواية)، القاهرة، 1985· خديجة وسوسن (رواية)، القاهرة 1987· رأيت النخل (مجموعة قصصية)، مختارات فصول، القاهرة، 1987· سراج (رواية)، القاهرة، 1992· غرناطة . الجزء الأول من ثلاثية غرناطة ، القاهرة 1994· مريمة والرحيل (الجزءان الثاني والثالث من الثلاثية) دار الهلال، 1995. نشرت الطبعة الثانية بعنوان ثلاثية غرناطة، بيروت، 1998. صدرت الطبعة الثالثة في القاهرة، 2001. وصدرت طبعة خاصة في مكتبة الأسرة، القاهرة، 2003· أطياف (رواية)، القاهرة، بيروت، 1999· تقارير السيدة راء (نصوص قصصية)، القاهرة، 2001· قطعة من أوروبا (رواية)، بيروت والدار البيضاء ، القاهرة 2003· فرج (رواية)، القاهرة، 2008· الطنطورية (رواية)، القاهرة، 2010 · البحث عن نظرية للأدب: دراسة للكتابات النقدية الأفرو-أمريكية، رسالة دكتوراه قدمت لجامعة ماساشوستس ، الولايات المتحدة 1975.· الطريق إلى الخيمة الأخرى: دراسة في أعمال غسان كنفانى، بيروت، 1977· جبران وبليك Gibran and Blake (باللغة الإنجليزية)، الشعبة القومية لليونسكو، القاهرة، 1978· التابع ينهض: الرواية في غرب إفريقيا، بيروت، 1980· في النقد التطبيقي: صيادو الذاكرة، المركز الثقافي العربي، بيروت والدار البيضاء 2001· تحرير بالاشتراك مع آخرين، ذاكرة للمستقبل: موسوعة الكاتبة العربية، (4 أجزاء)، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة 2004.· الحداثة الممكنة: الشدياق والساق على الساق: الرواية الأولى في الأدب العربي الحديث، القاهرة، 2009.وقد حصلت رضوى عاشور على عدد من الجوائز العالمية، التي شرَّفت مصر بحصولها عليها منها:· يناير 1995: جائزة أفضل كتاب لعام 1994 عن الجزء الأول من ثلاثية غرناطة، على هامش معرض القاهرة الدولي للكتاب.· نوفمبر 1995: الجائزة الأولى من المعرض الأول لكتاب المرأة العربية عن ثلاثية غرناطة· يناير 2003: تكريمها، على هامش معرض القاهرة الدولي للكتاب.· أكتوبر 2007: جائزة قسطنطين كفافيس الدولية للأدب في اليونان.· ديسمبر 2009: جائزة تركوينيا كارداريللي في النقد الأدبي في إيطاليا.· أكتوبر 2011: جائزة بسكارا بروزو عن الترجمة الإيطالية لرواية أطياف في إيطاليا.· ديسمبر 2012: جائزة سلطان العويس للرواية والقصة.والآن، بعد مرور سنوات أربع على رحيلها، ماذا قدمنا لرضوى عاشور الأستاذة الجامعية المتميزة في الأدب الإنجليزي بجامعة عين شمس، والأديبة الكبيرة التي تألق قلمها وأضاء عقولنا عبر ما يقرب من سبعة عقود عاشتها رضوى عاشور؟ سؤال أنتظر الإجابة عليه من وزارة الثقافة.
مشاركة :