سلطان أنقرة يبني مشاريع وهمية لخدمة أجندته السياسية وتلميع صورته قبل الانتخابات.. خبراء يحذرون: مخاوف كبيرة لدى المستثمرين من انهيار الليرة التركية

  • 5/27/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ارتفعت الأصوات داخل تركيا مؤخرا يتقدمها صوت رئيسها، رجب طيب أردوغان، لمناشدة الشعب التركي المشاركة في إنقاذ الليرة التركية من الانهيار، وذلك عن طريق تحويل ما بحوزتهم من عملات أجنبية إلى العملة التركية الرسمية، في الوقت الذي استخدم فيه أردوغان كلمة "مؤامرة" لإيهام أنصاره بأن بلادهم تتعرض لهجمة خارجية شبيهة بأحداث "غزي بارك" التي اندلعت في 27 مايو 2013، إثر اقتلاع بعض الأشجار من منتزه "غزي" المطل على ساحة "تقسيم" العريقة في قلب إسطنبول، في إطار مخطط لإعادة تأهيل المنطقة.يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان رئيس البنك المركزي الأميركي جيروم باول للقضاء على ميول التضخم في الولايات المتحدة، من خلال رفع أسعار الفائدة الأمريكية بما يصل إلى 4 مرات خلال العام الحالي، وهو الأمر الذي أثار حالة من الفزع في تركيا التي تعاني أصلًا من أوضاع اقتصادية هشة. مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية نشرت تقريرًا مطولًا بعنوان "أردوغان يهدم الاقتصاد التركي"، استعرضت فيه خطة الرئيس التركي الممنهجة لإفشال الاقتصاد التركي، في الوقت الذي دشن فيه بالتعاون مه نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، أول مفاعل للطاقة النووية في تركيا، وخططه المستقبلة لشق قناة بطول 45 كيلومترًا تصل بين البحر الأسود وبحر مرمرة، ما يسمح لسفن بتجاوز مضيق البوسفور المزدحم دومًا.وقالت المجلة إن مستشاري أردوغان الاقتصاديين عمدوا إلى طمأنة مجموعة من المصرفيين ومديري الصناديق الاستثمارية في العاصمة البريطانية لندن، بأن الاقتصاد التركي قوي وإقناعهم بضخ استثمارات في البلاد، ليأتي بعد ذلك البنك المركزي التركي برفع أسعار الفائدة بصورة غير متوقعة إلى 75 نقطة، وهو الأمر الذي يعكس مدى قتامة الصورة، إذ أن لقوى الناجمة عن التضخم المرتفع تواصل دفع الأتراك بعيدا عن الليرة نحو العملات الصعبة، وهو ما يكرس الحلقة المفرغة التي يدور فيها الاقتصاد التركي.فقد أعادت البيانات الرسمية للبنك المركزي التركي تذكير المستثمرين المحليين والأجانب بأن التضخم أحادي الرقم أصبح شيئًا من الماضي، وكشفت أن تضخم أسعار المستهلكين لشهر فبراير الماضي يقف حاليا عند 11.9 بالمائة، ناهيك عن الأسواق أحدثت هزة عنيفة بالليرة التركية، ففي غضون 10 أيام، انخفضت الليرة إلى مستويات لم تشهدها من قبل ووصل سعرها 5 دولارات، بعد أن كانت 1.6 دولار عام 2011. ونقلت المجلة الأمريكية عن باول جرير، وهو مدير أحد الصناديق الاستثمارية في لندن، قوله إن "اتخاذ أردوغان لمزيد من الإجراءات في سبيل السيطرة على السياسة النقدية لتركيا ما يشكل خطرًا كبيرًا على استقلال البنك المركزي، يمثل مشكلة كبيرة بالنسبة للمستثمرين". وبحسب "فورين بولسي"، لا يتوانى الرئيس التركي عن خفض أسعار الفائدة من أجل خدمة أجندته السياسية ومحاولة التأثر على موقفه الانتخابي وحزبه قبل الانتخابات العامة المبكرة بعد شهر من الآن، ومحاولة لتصفية الحسابات السياسية.ورأت المجلة أن المشاريع العملاقة التي يدشنها أردوغان مؤخرًا تخدم أيضًا هذه الأجندة، فهي تعكس رمزيات كثيرة لتعزيز موقفه قبيل الانتخابات، فمثلًا مسجد "كامليكا" المبنى على أعلى هضبة في اسطنبول يدل على رغبة أردوغان المستميتة في البقاء بالسلطة.ودشنت تركيا أيضًا، العام الجاري، ما اعتبرته أكبر مطار في العالم، والذي يقع بالقرب من الطرف الجنوبي للبحر الأسود، أي على مسافة تبعد حوالي 58 كيلومترا عن وسط اسطنبول التجاري، وبمساحة تساوي 265 ملعبًا لكرة القدم، في حين توقع مسئولون أن المطار سيحمل اسم أردوغان، وأنه سيكون بديلًا عن مطار أسطنبول الرئيسي الذي يحمل اسم مصطفى كمال أتاتورك. ووصفت المجلة أردوغان بأنه مهووس بتشييد المباني العملاقة، وهو ما يحصل في أي نظام متسلط، مثلما بنى ديكتاتور رومانيا، نيكولاي تشاوشيسكو، أكبر قصر في العالم، لذلك يبدو أن الرئيس التركي يحاول أن يجعل أسطنبول أهم مدينة في أوروبا، لذلك تبدو هذه المشارع محاولة منه لاستعراض "العضلات" وأن يظهر بصورة "الزعيم" أمام العالم، وليس إنقاذ الاقتصاد التركي كما يزعم. وأكد عدد من الخبراء الاقتصاديين أن هذه المشاريع ليست مدروسة بعناية ولن تؤتي ثماريها، حيث قال نيكولا دانفورث، خبير الشأن التركي لـ"فورين بوليسي" إن "الهدف من بناء تلك المشاريع العملاقة تلميع صورة أردوغان في العالم، وللتأكيد على أن تركيا دخلت العصر الحديث، وهي فرصة أيضًا لتوفير عقود مربحة للمقربين منه، وربط طبقة الأثرياء بالحزب الحاكم".

مشاركة :