طبق الجيران في الأردن تفوح منه رائحة الألفة والمحبة

  • 5/28/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

عمان - كانت رائحة الطعام الزكية في شهر رمضان المبارك تصل إلى أنوف الجيران وتسبق الطبق قبل أن يحين موعد الإفطار، فتفوح منه رائحة الألفة والمحبة والرحمة بين أبناء الحي الواحد في مختلف المدن والقرى الأردنية. ويعود الستيني فتحي السالم إلى ذكريات الطفولة في شهر رمضان، عندما كان الأطفال يهيئون أنفسهم وهم ينتظرون إعداد “طبق الجيران”، ويتنقلون من بيت إلى آخر وكل همهم الوصول إلى جيرانهم قبل وقت الإفطار. ويقول السالم لوكالة الأنباء الأردنية “بتراء”، “كانت المائدة غنية بأصناف مختلفة من الطعام والحلويات والعصائر، التي تصنع وتعد من ربات منازل الجيران، فكنت أميز بين مذاق كل طبق، وأعرف أي بيت أعده، وكانت أمي تفتخر حينما تعرض الأطباق بمسميات من أرسلوها وتقول هذا الطبق من أم محمد، وهذا من أم فيصل وهذا وذاك من خيرات ونعم الله”. ويضيف “أم فتحي كانت تعد الطعام بكميات كبيرة، وترسلني إلى الجيران وفي جعبتي طعامها، أطرق الأبواب بابا بابا ولا أنسى السعادة والابتسامة المتبادلة بيني وبين الجيران، وبعد الإفطار نكون على موعد معهم إذ يجتمع جيراننا في كل يوم ببيت في أجواء سهرات رمضانية يتبادلون الأحاديث والقصص في زمن لم تكن تكنولوجيا ووسائل الاتصال قد وصلت إليه”. وبعد تلك السنين ما زال السالم يحن إلى تلك الأيام التي افتقدها، ولربما -بحسب تعبيره- ما زالت هذه العادة موجودة في البعض من الأرياف والقرى. تبادل الأطباق في رمضان عادة طيبة؛ لأنه ينمي روح التعاون والتشارك في الطعام والشراب، ما يرسّخ المحبة بين أفراد المجتمع ويقول مدير العلاقات العامة والتعاون الدولي في دائرة الإفتاء العام المفتي الدكتور حسان أبوعرقوب، إن تبادل الأطباق في رمضان عادة طيبة؛ لأنه ينمي روح التعاون والتشارك في الطعام والشراب، ما يرسّخ المحبة بين أفراد المجتمع، مشيرا إلى أن تبادل الأطباق يزيد من المودة بين الجيران. وتقول أستاذة علم الاجتماع بكلية الأميرة رحمة في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتورة لبنى العضايلة، إن المجتمع الأردني ما زال بخير ما دامت أواصر القربى بين الناس مستمرة، فالناس بطبعهم يحبون التوادد والتواصل وتكوين علاقات حميمية، وفي شهر رمضان يصبح الناس في حالة توادد وقرب روحي بعيدا عن المشاحنات والمصالح. وأضافت أن هذه العادة الموروثة لا تزال مستمرة في المجتمع الأردني مثل تبادل الأكلات بين الجيران، وهذا يدل على التقارب بين الناس وحب الخير بينهم والتواصل مع الآخرين، إذ أن من صور التواصل الاجتماعي تبادل أطباق الأطعمة فيما بين الأسر، حيث ترسل الأسرة أطباقا من الوجبة التي أعدتّها إلى عدد من الأسر المجاورة. وأوضحت أن مائدة الطعام في موعد الإفطار تفوح بروح المحبة والألفة والتراحم والطمأنينة والتكافل بين الناس، ويتبدد الخوف وتتلاشى قيم المنفعة والمصلحة بين الناس، كما تسهم في التعريف بمكونات الأطباق بين الجارات، وفي تعزيز ثقافة الأكلات، وإحياء الأكلات الشعبية التي اندثرت، مؤكدة أن ذلك من العادات الحميدة التي يجب أن نربي الأجيال عليها. غير أن هذه العادة بدأت تندثر في مناطق الاكتظاظ، لأن نمط الحياة العصرية اختلف في ظل الأوضاع الاقتصادية التي يعيشها الناس. وقالت رئيسة جمعية “أيام زمان للمحافظة على التراث” هيام طوالبة “إننا نهتم في الجمعية بالتراث الوطني بجانبيه المادي والشفوي الذي يتمثل في الأكلات الشعبية. إن الجمعية هي الوحيدة في الشمال التي تهتم بالأكلات الشعبية والقديمة التي ورثناها عن الأجداد”. وتؤكد على أهمية تشجيع الأكلات الشعبية بين الناس مثل المكمورة والشوشبرك والكعاكيل والحلويات واللزاقيات وكعك الفلاحين وأقراص العيد، “وتطبخ ربة المنزل هذه الأكلات وتوزعها على الجيران، فنحن نحاول أن نرجع إلى أيام زمان”.

مشاركة :