عاد الإحباط ليهيمن على أسواق الذهب العالمية أمس بعد تراجع الأسعار في بورصة لندن 1 في المائة أمس، فيما يتوقع المحللون أن يواصل المعدن الأصفر تذبذبه خلال المرحلة المقبلة متأثرا بأوضاع الاقتصاد العالمي. وكانت فورة من الأمل انتابت تجار الذهب في العالم مع بداية التعاملات في بورصة لندن أمس الأول، التي شهد خلالها المعدن النفيس زيادة بنحو 4 في المائة، وهي أكبر زيادة يومية منذ 14 شهرا تقريبا. وأغلقت البورصة على سعر 1193.50 دولار للأونصة بعد أن وصلت الأسعار إلى حدود 1199 دولارا. وأوضح التقرير اليومي لبنك ستاندرد بشأن أسعار الذهب أن مجموعة من العوامل حكمت التراجع الراهن إذ جاء في التقرير "أن الانخفاض الحالي يعود إلى التحسن الطفيف للعملة الأمريكية في مواجهة العملة الأوروبية، كما تزامن ذلك مع الإعلان عن خسارة روسيا الاتحادية نحو 0.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، على الرغم من توقعات سابقة بأن يحقق الاقتصاد الروسي معدل نمو 1.2 في المائة. وعلق لـ"الاقتصادية" فرانك وانتور المختص الاقتصادي في مجموعة لويدز المصرفية قائلا: "الفترة الراهنة والمقبلة ستشهد تذبذبا دائما في أسعار الذهب، ومن غير المتوقع أن تستقر الأسعار في الأمدين القصير والمتوسط، وسنشهد صعودا وهبوطا في أسعار المعدن النفيس لن يكون حد الطبع ولكنه سيعكس حالة من عدم الاستقرار، وسيدفع هذا بالمستثمرين سواء أفراد أم مؤسسات إلى التخلص مما لديهم من ذهب". وحول وضع المعدن الأصفر في العام المقبل يعتقد فرانك أن الذهب لن يكون الوعاء الادخاري الأمثل بالنسبة للمدخرين مع الارتفاع المتواصل في أسعار الدولار، بالإضافة إلى التوقعات بأن يشهد الدولار قفزات كبيرة عندما يتخذ المجلس الفيدرالي الأمريكي قراره بزيادة أسعار الفائدة، وهذا سيكون – من وجهة نظر فرانك - العامل الرئيس في عدم الاستثمار في الذهب. إلا أن الوضع غير الإيجابي للذهب في الأسواق العالمية، لا يخفي تحسنا ملحوظا في ثاني أكبر الأسواق العالمية في استهلاك المعدن الأصفر. فقد ارتفعت أسعار الذهب في الهند اليوم بنحو 840 روبية للأونصة ليبلغ سعر الأونصة ذات العشرة جرامات نحو 27000 روبية هندية، وهذه هي أعلى زيادة خلال هذا العام. وعلى الرغم من أن الزيادة أنعشت الآمال مجددا إلى أسواق الذهب الهندية. فإن البعض اعتبرها تحسنا مؤقتا جراء زيادة الطلب مع اقتراب موسم الزواج في الهند. إلا أن آخرين رجحوا أن يستمر التحسن في السوق الهندي خلال الفترة المقبلة جراء إلغاء الحكومة للقانون المعروف باسم 80:20 بشأن استيراد الذهب، الذي يشترط أن يتم تصدير خُمس ما يتم استيراده من ذهب. ويقول لـ"الاقتصادية" بول ماكس الباحث السابق في مجلس الذهب العالمي: "قرار الحكومة الهندية بإلغاء قانون 80:20 يعود إلى تراجع العجز في ميزان الحساب الجاري، بالإضافة إلى تراجع فاتورة الهند فيما يتعلق بالصادرات النفطية جراء انخفاض أسعار البترول، وهذا شجع الهند على زيادة وارداتها من الذهب". ويحتل الذهب المرتبة الثانية في قائمة الواردات الهندية بعد النفط. ويتوقع المختصون أن ترتفع واردات الهند من الذهب إلى نحو ثمانية مليارات دولار سنويا، ويشجع على ذلك التراجع الحالي في أسعار النفط، فمع كل انخفاض في سعر برميل النفط بما يعادل عشرة دولارات فإن الفاتورة السنوية لواردات الهند من البترول تتراجع بنحو تسعة مليارات دولار. ومع هذا فإن التحسن في أسواق الذهب الهندية انعكس بشكل متباين على أسهم شركات المجوهرات في البورصة الهندية، فقد ارتفعت أسهم شركة PC وراجيش وتيتان وغيرها بنحو 175 في المائة، في حين أن شركات مثل "بيمجي زافيري" و"غيتانجالي" قد زادت قيمة أسهمها بنحو 5.57 في المائة فقط. إلا أن الزيادة في أسعار الذهب في الأسواق الهندية لم تمنع بعض الاقتصاديين من التحذير من التبعات الاقتصادية السلبية لذلك. ويؤكد لـ"الاقتصادية" الدكتور برين ستيفين المختص في الاقتصادات الآسيوية أنه إذا تواصل ارتفاع استهلاك الهند للذهب فإن ذلك يمكن أن يؤثر على معدلات النمو الاقتصادي الراهن. ويقول: "زيادة استهلاك الذهب قد تدفع إلى سحب المدخرات المصرفية واستثمارها في الذهب، فإذا أخذنا في الاعتبار أن الهند من البلدان المستوردة للمعدن النفيس فإن ذلك يعني استنزافا للعملة الأجنبية، وإذا اتسع نطاق الاستهلاك المحلي من الذهب فإنه قد يؤدي إلى مشاكل سيولة بالنسبة للمصارف الهندية". يذكر أن سعر الذهب الفوري هبط إلى 1198.99 دولار للأوقية بحلول الساعة 1108 بتوقيت جرينتش وكان قد سجل أمس الأول أكبر قفزة يومية منذ أيلول (سبتمبر) 2013 مرتفعا 4 في المائة.
مشاركة :