كان رد الفنان الفلسطيني الكوميدي عماد فراجين سريعاً على الحملة التي شنها ضده أنصار نادي «الفيصلي» الأردني وآخرون من الأردن وفلسطين على شبكات التواصل الاجتماعي؛ فالحلقة الثامنة من المسلسل الذي يعرض على «قناة الأردنية» وحملت عنوان «شعبيات» تضمنت مجموعة من اللوحات الكوميدية التي تنتقد الحالة الرياضية في العالم العربي ومنها التعصب الكروي بين فريقي «الوحدات» و «الفيصلي». كان يمكن الحلقة أن تمر من دون أي جدال أو انفعال حاد لو لم تتضمن سخرية من التعصب الكروي، وكان يمكن أيضاً أن تمر لو لم تتضمن سخرية من النادي «الفيصلي» الأردني لكرة القدم على لسان فراجين الفلسطيني، وكان يمكن أن تمر لو تضمنت سخرية من النادي «الفيصلي»، ولكن على لسان مواطن أردني أيضاً. ما حدث في الحلقة أن فلسطينياً (محللاً رياضياً) سخر من الفيصلي على الطريقة الخشنة التي يفضلها فراجين في «وطن على وتر»، وفي محاولة إدانة التعصب الكروي جاءت المعالجة الكوميدية صانعة له بفعل غياب نص كوميدي محكم يعي معطيات الواقع الأردني والفلسطيني، ومشاهد يرى أن الشخصيات الدرامية لا تمثل جنسياتها أو خلفياتها الواقعية. قدمت الحلقة مقدماً رياضياً (معتصم فحماوي) متعصباً للنادي «الفيصلي»، يحتفي بالانتصارات والعظمة والإنجازات، فيما جاء المحلل الرياضي (عماد فراجين) متعصباً للنادي المنافس «الوحدات»، بالتالي لم يكن يرى في أداء «الفيصلي» إلا «تشليفاً» ولعباً ضعيفاً... يكون السؤال كيف يفعل فراجين كل ما يفعل من دون أي حساب أو عقاب وهو الضيف الفلسطيني على الأردن؟ وما لبثت أن تحركت جحافل الناشطين على الشبكات الاجتماعية، كاشفة عن كمية كبيرة من الأمراض والمشكلات الاجتماعية والرياضية انعكست في التعليقات المليئة بكم لا مثيل له من الشتائم والسباب والعنصرية. وتبدو الحلقة التي كتب نصها فراجين، أسوة بكل الحلقات قابضة على معادلة مشهودة في ساحة التعليق الرياضي الذي تكثر برامجه مع الانفتاح العام على التغطيات الرياضية، لكنها تعكس ضعفاً عاماً في المعالجة الدرامية/ السيناريو في مجمل أعمال «وطن على وتر» حيث الأفكار الجيدة الخام التي لم تتضمن أبعد من ذلك. في الفيديو الذي بثه فراجين على صفحته الخاصة قال أنه منذ 10 سنوات، وهو عمر المسلسل الكوميدي، مر بمجموعة كبيرة من المشكلات والدعاوى القانونية والحملات داخل فلسطين وخارجها لكنه لم يظهر ليرد أو يعقب، وعلى غير العادة، وفي مؤشر لعمق الأزمة وحساسيتها ظهر وقدم توضيحاً يشبه الاعتذار في فيديو طويل نسبياً (6:30 دقيقة). لم يكن المقطع الكوميدي، الذي حذف من الحلقة الرسمية، ليحمل كل هذه الأزمة المجتمعية والسياسية لولا جنسية المنتقد والساخر، بالتالي نرى أن الكوميديا الخشنة هذه المرة وبدل أن تفضح التعصب الرياضي في بلادنا فضحت المجتمع كله عبر فضح أمراضه الأخرى التي تتجاوز ذلك. الطريقة التي ظهر فيها فراجين تخبرنا عن عمق الزلزال الذي فجرته الحلقة الساخرة، أما طبيعة الحديث الذي أدلى به فكان بمثابة محاولة تبرئة نفسه من العداء للنادي «الفيصلي» ولو من باب حلف اليمين وذكر الخطوط الحمر، ليبدو أن ذلك هو الكوميديا السوداء المليئة بالضحك على حالنا الذي وصلنا إليه بفعل أمور كثيرة أبرزها استسهال فعل الكوميديا ذاته وعدم التفكير فيه بما لا يتجاوز عملية رسم الضحكات، فلا حصلنا على تجارب كوميدية أكثر إبداعاً ورقياً، ولا بان جمهور أكثر وعياً وفهماً للتعامل مع الكوميديا. إشكالية الدراما الكوميدية التي لا يمكن تخيل الشاشات في شهر رمضان من دونها تتعمق في مجتمعات ليست متصالحة مع واقعها المفروض عليها بفعل وقائع سياسية لا طاقة للفلسطيني ولا للأردني التحكم بها، وهي أسباب تحتم علينا أن نتناقش فيها وحولها بما يتجاوز شعارات الشعب والقضية الواحدة.
مشاركة :