شارك المخرج جمال مدكور في كتابة فيلم «عائشة» مع صالح جودت، وعرضه على فاتن حمامة. ما إن قرأته حتى أدهشها الدور وتحمست له، إذ لم يسبق لها أن قدمت مثله. كذلك تحمست لفكرة الفيلم عموماً، بل أكثر للبطل الذي سيقف إلى جانبها، وهو الفنان زكي رستم، رغم خوفها الشديد منه، فهي كانت تجد سعادة شخصية وحالة إشباع كممثلة في مشاركته أحد أعماله، لدرجة أنها حرصت على أن تتفرغ للفيلم، ولا تنشغل بتصوير عمل آخر. بدأت فاتن تصوير «عائشة» إلى جانب زكي رستم، وشاركهما البطولة كل من زهرة العلا، وفردوس محمد، وعبد العزيز أحمد. جسدت دور «عائشة» ابنة «مدبولي» الذي يعيش مستغلاً زوجته وأولاده من أجل الحصول على المال الذي يشرب به الخمر، فيجبر «عائشة» على بيع ورق «اليانصيب» على المقاهي. حتى أنه يبيعها لأحد الأثرياء مقابل مبلغ شهري، لتنقلب حياتها. عاشت فاتن أياماً ممتعة في تصوير «عائشة»، حتى جاءت اللقطة التي ظلت تتحسب لتصويرها، والتي سيصفعها فيها والدها في الفيلم الفنان زكي رستم. وقفت، وكلما همّ بصفعها أدارت وجهها، كي لا تلمس يده وجهها، وتكرر ذلك أكثر من ثماني مرات، ما أغضب زكي رستم، وجعله ينفعل لأول مرة: = ما يصحش كده يا مدام فاتن. احنا عدنا اللقطة سبع تمن مرات. * فعلاً أنا آسفة والله يا أستاذ زكي بجد. بس والله أنا باعمل كده من خوفي. = لا يا بنتي ماتخافيش. متهيألي أنا باعرف أمثل برضه. وأقدر أعمل المشهد كويس من غير ما ألمسك. * العفو يا أستاذ زكي. حضرتك استاذنا وأتعلمنا التمثيل منك.. اتفضل خلاص أنا جاهزة. بدأ تصوير المشهد، ولم يكن زكي رستم يعرف أنصاف الحلول. كان ما إن يتقمص الشخصية حتى لا يعود يعرف نفسه. نسي «المعلم مدبولي» صاحب الشخصية، ما وعد به زكي رستم، ووقفت فاتن إزاءه وقد أسلمت له وجهها فصفعها صفعة أطاحت بها خلف الديكور، وحصل جمال مدكور على اللقطة التي يريدها. غير أن فاتن جلست خلف الديكور تبكي، ما أثار ضيق زكي رستم: = إيه البنت المدلعة دي؟ تبكي وتعمل الشغلانة دي كلها علشان حتت قلم صغير. وتمثيل كمان مش بجد. تحمد ربنا أنه كان مجرد ألم بس. ما إن سمعت فاتن كلام زكي رستم حتى شعرت بخجل من نفسها، وقررت هي أن تذهب لتعتذر إليه، إذ أنستها متعة إتقان المشهد ألم الصفعة. لينجح الفيلم، وتحقق فاتن نقلة نوعية في أعمالها من خلال دور «عائشة»، ويشيد بها النقاد بشكل حملها مسؤولية كبيرة، وزاد من مسؤوليتها حصولها على جائزة أفضل ممثلة، لأول مرة خلال الدورة الأولى من مهرجان «المركز الكاثوليكي للسينما المصرية». جيل جديد بعد قيام ثورة يوليو، شعر مخرجون أصدقاء بضرورة مشاركتهم بقوة، فلم ينتظروا مساعدة المنتجين أو جهة ما، بل راحوا يتكاتفون من أجل مساندة بعضهم بعضاً، وصار يسعى كل منهم من أجل توفير فرصة للآخرين، حتى استطاعوا أن يفرضوا أنفسهم على الساحة الفنية. برز كل من صلاح أبو سيف، وكمال الشيخ، وحلمي حليم، وفطين عبد الوهاب، ومعهم عز الدين ذو الفقار، الذي انهالت عليه العروض بعدما أكّد تفرده وتميزه، إذ عرضت عليه خلال عام 1953 أربعة أفلام لأول مرة منذ أن بدأ حياته كمخرج، بدأها بـ «أقوى من الحب» بطولة شادية، وعماد حمدي، ومديحة يسري. وما إن انتهى منه حتى بدأ في تصوير «قطار الليل» مع سامية جمال، وعماد حمدي. كان عز الدين يخوض فيلماً تلو آخر، فيما كانت فاتن مشغولة بأفلامها وحضور المهرجانات بصحبتها. غير أن الإشاعات بدأت تطاردها أينما ذهبت، فكانت ما إن تدخل بلاتوه أو استوديو، أو حتى مكتب أحد المنتجين، حتى تبدأ في سماع عدد من القصص والمغامرات الغرامية التي يقوم بها عز الدين ذو الفقار، سواء مع بطلات أفلامه أو بعض فنانات الصف الثاني، والراقصات اللاتي يقدمن رقصاتهن في أفلامه. بدأت تسمع عن مطارداته الغرامية للفنانة مديحة يسري، ثم قصة أخرى عن محاولته عرض حبه على الفنانة والراقصة سامية جمال، غير أن فاتن ارتقت فوق ذلك كله، واعتبرته نوعاً من الغيرة الفنية، فيلجأ البعض إلى تشويه صورة زميله أو زميلته، خصوصاً إذا كان في حالة نشاط فني كبير. ولكن لاحقاً، بدأ الشك يتسرب إلى قلبها، خصوصاً عندما عاد عز الدين للتعاون مع مديحة يسري في فيلم «وفاء»، إلا أن الإشاعات حول علاقته بها كانت اختفت لتحل محلها أخبار أخرى حول حبه للفنانة ليلى فوزي، خصوصاً عندما عملت معه في «ابن الحارة». بدأت فاتن تشعر بأحاسيس متضاربة حول علاقتها بزوجها عز الدين ذو الفقار، خصوصاً بعدما فترت العلاقة بينهما، وأصبح كل منهما يعيش في عالمه الخاص، ولم تستطع أن تبوح لأحد بذلك، سواء أسرتها، باعتبار أنها تحدّت الجميع وتزوجت رغما عنهم، كذلك لا تستطيع أن تبوح بمشاعرها لأي من صديقاتها المقربات من الوسط الفني، خشية أن تنتشر تلك الأخبار وتزداد الإشاعات حول علاقتهما، ما قد يؤثر في صورة كل منهما إزاء الجمهور. لم تجد النجمة سوى عملها لتخرج فيه معاناتها الزوجية، فقدمت مع المخرج فطين عبد الوهاب فيلم «عبيد المال» سيناريو وحوار علي الزرقاني، إلى جانب كل من عماد حمدي، وفريد شوقي، ومحمود المليجي، والمطرب عادل مأمون. غير أن الفيلم لم يحقق النجاح، خصوصاً أن فطين تخلى فيه عن الكوميديا، وأراد أن يجرب نفسه في الميلودراما، لتعود بعده فاتن إلى حسن الإمام وتقدم من إنتاجه فيلم «حب في الظلام» الذي شارك في كتابته مع السيد بدير، ويوسف عيسى، إلى جانب كل من عماد حمدي، وفريد شوقي، وأمينة رزق، ونجمة إبراهيم، وعبد الوارث عسر، وهاجر حمدي، ويقدم حسن الإمام في الفيلم بطلته الجديدة هند رستم، التي يراهن عليها باعتبارها نجمة الأيام المقبلة. فيلم هدية سمعت فاتن حمامة عن مغامرات زوجها الغرامية، وتأكد أنها أصبحت على علم بالأمور كافة، فكان لا بد من أن يزيل هذه الأفكار والإشاعات من رأسها. حاول أن يعيد دفء المشاعر بينهما، مستعيناً في ذلك بابنتهما «نادية» التي تخطى عمرها السنتين، غير أنه لم يفلح. من ثم، قرر أن يفاجئها بفيلم جديد، وجد أنه لا يصلح سوى لفاتن حمامة، والذي شارك في كتابته مع يوسف عيسى بعنوان «موعد مع الحياة». وعندما وجد فاتن متحمسة جداً له، عرض عليها أن تنتجه، فلمعت الفكرة في رأسها، غير أنها ترددت بذلك، خصوصاً أنها لا تفهم في الأرقام والحسابات، كذلك لم يعد والدها يدير شؤونها المالية، كما في السابق. فقرر عز الدين أن يستعين بالمنتج رمسيس نجيب، ليعمل مديراً لإنتاج الفيلم: = ماهو انت لو مش هاتنتجي الفيلم ده هانتجه أنا. * أنا مابفهمش في الإنتاج يا رمسيس. = مالكيش دعوة بأي حاجة. * يعني إيه مليش دعوة بحاجة. دي فلوس... وفلوس كتير... خصوصاً أن عز عامل «كاست» كبير. = انت مش هاتتعبي في حاجة. كل اللي عليكِ تمضي على الفواتير بس كل أسبوع. وتعرفي إيه اللي اتصرف وتديني شيك بدفعة للأسبوع اللي بعده. وأنا المسؤول قدامك عن كل كبيرة وصغيرة. * ما تورطنيش يا نجيب. = على مسؤوليتي. ولو الفيلم ده ماربحش خمس تلاف جنيه على الأقل يبقى لك الكلام. * أنا مش عايزة أكسب. لكن كمان مش عايزة أخسر. = حطي كل ثقتك فيا... ومش هاتندمي. بدأ عز الدين ذو الفقار تصوير «موعد مع الحياة» من إنتاج فاتن حمامة وبطولتها، وحشد له عدداً كبيراً من النجوم، على رأسهم شادية، التي كانت لا تشارك سوى في أفلام من بطولتها، غير أنها وافقت عن رضا على التعاون مع فاتن في فيلم من إنتاجها، ومعهما كل من شكري سرحان، وحسين رياض، وعمر الحريري، وزينات صدقي، وعبد الوارث عسر، وسعيد أبو بكر، ونور الدمرداش. ولأول مرة وجد عز الدين ذو الفقار، فاتن حمامة تعترض على غالبية تعليماته كمخرج. عاد ذلك إلى أسباب عدة، ربما أهمها حالة النضج الفني التي كانت وصلت إليها، فيما كان هو يريد أن يفرض عليها «أستاذيته». ولكن لا بد من أن يكون لها رأيها، فهي لم تعد تلك الفتاة الصغيرة التي تنصاع لأوامر المخرج، حتى لو كانت ضد مصلحتها الفنية. أضف إلى ذلك تحفز فاتن ضد ما يشاع من غراميات عز الدين، الذي لم يدع الخلافات الشخصية تجبره على التخلي عن وجهة نظره كمخرج، ولم يترك ملاحظة أبداها تمر من دون أن تلتزم بها البطلة، حتى إنه أصرّ على أن يجعلها تغني بصحبة شادية، وهي التي لم تغن سابقاً، حتى لو بينها وبين نفسها. لكنه أصر على ذلك، ولم يكن أمامها سوى أن تمتثل لأوامره. غير أن ذلك لم ينس فاتن دورها كمنتجة للفيلم، حرصت على أن توفر له مقومات النجاح كافة، حتى أنها أنفقت عليه نحو 20 ألف جنيه مصري، رغم عدم اقتناعها بالكثير مما طلبه المخرج أو أصر عليه. ما إن عرض الفيلم حتى فوجئت فاتن بعكس نظريتها حول تصرفات عز الدين، إذ قدّم واحداً من أهم وأفضل أفلامه، ارتفع فيه بفاتن إلى عنان السماء، وانتقل بها إلى مرحلة جديدة ومختلفة من النضج الفني. راح النقاد يتسابقون في الكتابة عن الفيلم، وعن دور «آمال» بشكل لم يسبق أن كتبوا به عن نجمة في تاريخ السينما المصرية. وخرج عز الدين ذو الفقار عن صمته وتحدث إلى الصحافة عن فاتن حمامة الزوجة والحبيبة، وعندما سأله صحافي عن رأيه فيها كفنانة صمت قليلاً ثم قال: = من غير مبالغة فاتن حمامة هي المعجزة الثالثة في القرن العشرين مع أم كلثوم وعبد الوهاب. بالتأكيد فاتن النهاردة تتصدّر قائمة الممثلات المصريات والعرب، أنا مش بقول الكلام ده باعتبارها زوجتي. على الإطلاق، فاتن أصبحت الممثلة الأولى في مصر وتظل بعدها عشر خانات في القائمة فارغة لا تجد من ينافسها حتى تصل في القائمة إلى الرقم الحادي عشر، لتبدأ الأسماء الأخرى. حقّق الفيلم نجاحاً جماهيرياً كبيراً، وراحت فاتن تتلقى دعوات من الأقطار العربية، لعرضه وتكريمها عن دورها فيه، فلبّت لأول مرة الدعوة إلى لبنان، لحضور العرض الأول هناك. وسام ولقب كانت المرة الأولى التي تزور فيها فاتن لبنان. خرجت من باب الطائرة، ولم تصدق ما رأته. فوجئت باستقبال رسمي كأنها شخصية من كبار الشخصيات السياسية التي تزور الدولة، فتحت لها أبواب القصور الارستقراطية، ووجدت أبرز البيوتات الاجتماعية تتنافس على إقامة حفلات التكريم لها بعد عرض الفيلم، واستقبال الجمهور اللبناني له استقبالاً رائعاً، لتوجه لها وزارة الأنباء «الإعلام» الدعوة للحضور إلى مقرها في «السراي الكبير» ويكون في استقبالها مدير عام الوزارة أسعد الأسعد، بحضور عدد كبير من الفنانين اللبنانيين والنقاد والصحافيين والمهتمين بصناعة السينما والمسرح. صعدت فاتن إلى منصة التكريم، ووقف إلى جوارها أسعد الأسعد يقول: = إن لبنان يسعده كثيراً أن يستقبل السيدة الفنانة الكبيرة فاتن حمامة، برحابة شديدة، فأهلا بك في بلدك الثاني، بناء على توجيه السيد كميل شمعون رئيس الجمهورية، يتم منح «سيدة الشاشة العربية» فاتن حمامة «وسام الاستحقاق اللبناني المذهّب». * صدقوني أنا مش لاقيه كلام ممكن أقوله قدام هذا الحب وهذا الاستقبال الرائع الذي يليق بكم أيها الشعب الجميل في البلد الجميل، المحب للفن وللحياة. علّق أسعد الأسعد «الوسام» على صدر فاتن حمامة، لتكون أول فنانة عربية تُمنح الوسام اللبناني. وأول تهنئة كانت من أحمد بك الأسعد، أحد أهم أقطاب المعارضة ضد الرئيس كميل شمعون، وقف بكل ظرف يصافح النجمة قائلاً: «نحن يا مدام نعارض كميل شمعون بلا هوادة، لكن الوسام الذي أهداه لك نعتبره حسنة كبيرة تغفر له الكثير من خطاياه». كان في انتظار فاتن في مطار القاهرة، زوجها المخرج عز الدين ذو الفقار وأشقاؤها، وأصدقاء ومقربون، وانضم إليهم عدد من الجمهور ممن كانوا يودعون أو يستقبلون أقارب لهم، ليكونوا جميعاً في استقبال «سيدة الشاشة العربية» بالورود و»الزغاريد». وكان حصول فاتن حمامة على وسام الاستحقاق اللبناني حدثاً استثنائياً في الوسط الفني المصري، أفردت له الصحافة المصرية صفحات كثيرة لأيام عدة، واستعار الكاتب الصحافي «فوميل لبيب» مقولة أسعد الأسعد، مدير عام «وزارة الأنباء» اللبنانية، مؤكدا أن اللقب الرسمي الذي تستحقه فاتن حمامة منذ اليوم هو «سيدة الشاشة العربية». تركت فاتن بيتها في مصر الجديدة، واستأجرت وعز الدين شقة فخمة في «برج الزمالك» على كورنيش الزمالك. ورغم النجاح والبيت الجديد والسعادة التي تراها فاتن في عيني طفلتها نادية، فإنها كانت تشعر دائماً بأن ثمة أمراً ما ينقصها، لا يجعلها تشعر بالسعادة الحقيقية في حياتها، ليس كفنانة بل كإنسانة. كان عز الدين يقرأ ذلك دائماً في عيني زوجته، ويحاول جاهداً أن يصل بها إلى إحساس السعادة، لكنه أيضاً فنان، والمشاعر هي الماء والهواء اللذان يتنفس ويعيش بهما. ولم يكن ما يحدث في حياة فاتن حمامة الفنانة كافياً ليصمد زواجها بما تعتريه من أزمات، رغم الحب الكبير الذي يكنه عز الدين لها، والذي يصل إلى درجة العشق، فضلاً عن اقتناعه بها بشكل لا يوصف كفنانة، فهو كان لا يرى نظيراً لها على الساحة الفنية في الشرق، وليس في مصر فحسب، ما جعله يختارها لنوع محدد من الأفلام. كان لا يرى غيرها في أدوار بعينها، وهو ما فعله عندما عرض عليها الفيلم الذي كتبه أيضاً مع يوسف عيسى بعنوان «موعد مع السعادة» فتحمست جداً له، وقررت أن تنتجه كما «موعد مع الحياة»، وعهدت بإدارة إنتاجه أيضاً إلى رمسيس نجيب. واختار عز الدين لمشاركة فاتن في بطولته، كلاً من عماد حمدي، وحسين رياض، وعبد الوارث عسر، ودولت أبيض، وزوزو حمدي الحكيم، ووداد حمدي، وكمال ياسين، والوجه الجديد آمال فريد. عودة الزمن بينما كان عز الدين ذو الفقار يضع لمساته الأخيرة على السيناريو الذي كتبه مع يوسف عيسى، قبل بدء التصوير، قفز إلى ذهنه أن تقوم ابنته وابنة فاتن «نادية» بدور ابنة «إحسان» الشخصية التي ستجسدها فاتن في الفيلم. غير أنه ما إن فاجأ فاتن بالأمر، حتى انزعجت جداً، على عكس ما كان يتوقع: = أنا كنت فاكرك هاتنبسطي بالموضوع ده! * وإيه اللي يبسطني في كده نادية بنتي يا عز. = ماهو علشان كده. كنت فاكرك هاتفرحي أن بنتك تاخد فرصة زي دي. * أنا ماحبش أنها تتعرّض للمتاعب اللي بتعرضوا لها الأطفال لما بيمثلوا في السن دي. = غريبة! فاتن حمامة اللي بتقول الكلام ده. اللي قدمت «أنيسة» وهي عندها تسع سنين؟ * ماهو علشان أنا عشت تجربة مريرة ماحبش بنتي تمر بيها. = بتسمي التمثيل تجربة مريرة. * أقصد الشهرة والغرور اللي ممكن يصيبوا طفلة ماتعرفش أي حاجة في الدينا غير أن كل الناس بتشاور عليها وبتتمنى تتكلم معاها لو كلمتين. = بس كبرتِ وبقيت نجمة كبيرة. ولا وكمان سيدة الشاشة العربية! * أنا كملت في طريقي لأنه اترسم ليا من البداية. لكن ماحبش أكرر ده مع بنتي. مش عايزة لا أنا ولا أنت نرسم لها شكل حياتها من دلوقت. عايز أسيبها هي اللي تخطط وترسم مستقبلها بالطريقة اللي هي عايزاها. = ماتنسيش أنها بنتي برضه. وأنا المسؤول عن مستقبلها. قال عز الدين جملته وانصرف، ولم يعط فاتن فرصة للرد عليه. وما إن أغلق الباب خلفه، حتى انخرطت في بكاء طويل، فلم يكن أمامها سوى الرضوخ لرغبته، ليبدأ خلال أيام تصوير «موعد مع السعادة». عارضت فاتن عمل ابنتها في الفيلم، ولكنها لم تصدق نفسها وهي تراها تتحرك في البلاتوه إزاء الكاميرا، وخلال المشاهد الخارجية، وكأنها ولدت في استوديو سينما، وكأن الزمان عاد بفاتن إلى الخلف لترى نفسها عندما بدأت التمثيل في ابنتها. ورغم خوفها وحرصها عليها، فإنها أدركت حقيقة لم يكن منها مفر، وهي أن «الجينات الوراثية» تحمل صفات الآباء إلى الأبناء، بما فيها من مواهب حقيقية، تحتاج إلى من يتبناها ويرعاها لتنمو. لم يكن أداء نادية ذو الفقار فحسب هو ما أدهش والدتها فاتن حمامة، لكنها أقدمت على فعل أمور أخرى لم تتوقعها الأم، ومن دون أن تدري ضغطت بقوة على الجرح الذي تعانيه والدتها. البقية في الحلقة المقبلة
مشاركة :