دموع في عيون عشاق أسطورة الرومانسية

  • 5/30/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة- خالد بطراوي| وسط حضور شعبي وفني لافت، شيعت ظهر أمس في مسجد السيدة نفيسة، جنازة سمراء الشاشة المصرية مديحة يسري، التي توفيت مساء أول من أمس عن عمر يناهز 99 عاما في أحد المستشفيات، بعد معاناة مع المرض استمرت شهورا طويلة، تاركة وراءها تراثا فنيا كبيرا. بدأت مديحة يسري مشوارها الفني في بداية الاربعينات من القرن الماضي، كانت عيناها سابقتين لها في الظهور على الشاشة السينمائية اختارهما المخرج محمد كريم، ليجعل منهما كادرا كبيرا يتخلل كلمات اغنية «بلاش تبوسني في عينيا، دي البوسة في العين تفرق»، هكذا ظهرت مديحة يسري أو غنيمة خليل حبيب علي في فيلم «ممنوع الحب» بطولة الموسيقار محمد عبدالوهاب عام 1942، وبلغ رصيدها 79 فيلما والعديد من الاعمال التلفزيونية والانتاجية، كما نالت عددا كبيرا من الجوائز والنياشين المحلية والدولية، الى جانب اختيارها عضوة في مجلس الشورى مندوبة عن الفنانين، أول فيلم شاركت في بطولته كان «احلام الشباب» مع فريد الاطرش وتحية كاريوكا وماري منيب عام 1942، وكان آخر اعمالها السينمائية فيلم «الارهابي» مع عادل إمام عام 1994. قيمة فنية تميزت بأداء أدوار رومانسية غير تقليدية متطورة لا تتشابه مع احد، اصبحت مع مرور الزمن تراثا ذا قيمة فنية عالية، وأهم من لعبت شخصية الأم المصرية في لون جديد في فيلم «الخطايا» عام 1962. إن ذاكرة السينما لا يمكن أن تنسى شخصيات مثل سهام في «لحن الخلود»، وخمرية في «رجل لا ينام»، وامينة في «وفاء»، وعزيزة في «الاعتراف»، وياسمينة في «امير الانتقام»، والهام في «الحب المحرم»، والافوكاتو مديحة، وعشرات الشخصيات الأخرى التي جسدتها سمراء الشاشة خلال تاريخها الطويل، الذي امتزج بدور اجتماعي مبكر عكس وعيا بقضايا الوطن. كما لا ينسى دورها في فيلم «إني راحلة» الذي جسدت فيه وبصدق شديد دور الحبيبة «عايدة» التي تأخذ قرارها بالفرار مع من اختاره قلبها، ويموتان معا في كوخ خشبي مهجور على شاطئ البحر، حيث تمزج المأساة بالعاطفة، في رومانسية صارخة، ولسان حالها يردد «إني راحلة. وما الذي يدعوني إلى البقاء في هذه الدنيا بعد أن فقدت كل ما لي فيها». تزوجت خمس مرات، الاولى والثانية بمطربين معروفين هما محمد امين، ومحمد فوزي الذي انجبت منه ابنها الوحيد (عمرو) الذي توفي في حادث سيارة مؤلم عام 1982، والثالثة النجم السينمائي أحمد سالم، والرابعة القبطان البحري مصطفى والي، والخامسة شيخ مشايخ الطريقة الحامدية الشاذلية الصوفية محمد سلامة الراضي. وقد اعرب نجوم الفن عن شعورهم بالحزن العميق على رحيل الفنانة مديحة يسري التي قدمت افلاما بمستوى فني متميز ومختلف لا يختلف عليه احد، موضحين انها نجمة غير تقليدية جميلة بروحها العذبة، وشفافيتها النادرة وامومتها التي اصبحت رمزا على معنى الام في السينما المصرية والعربية معا. قالوا عنها نبيلة عبيد «كانت اطيب واحن ام، رائحتها فيها امومة. ام يتمناها الكثير. فيها شموخ وصدق، تمتلك طاقة من الحساسية لا يجاريها فيها أحد، وأجمل ما فيها انها كانت لا تغضب أحدا ابدا، تحب الكلمة الناعمة وتعشق الاصول والبروتوكول، تمتاز بخفة الدم والمقدرة العالية على التمثيل. كانت تربطني بالفنانة الراحلة مديحة يسري صداقة قديمة واعرفها عائليا، وكنت اتردد بصورة دائمة على منزلها بالمهندسين بصحبة شقيقتها الصغرى. وكنت لآخر لحظة اتبادل معها النكات والقفشات عبر الهاتف يوميا، ومن اجمل الافلام التي قدمناها معا فيلم «خطيب ماما» عام 1971، وفيلم «الصبر في الملاحات» عام 1988». نجلاء فتحي «كانت أماً محبة للجميع، دائمة الحب، وكانت حياتها ممتلئة بالمشاعر، ولكنها كانت سعيدة. حتى آلامها كانت تعرف كيف تعيشها بعمق، لذلك كانت ايضا تستمتع بها. علاقتي بها بدأت تحديدا في عام 1982 اثناء تصوير فيلم «الاقوياء» وهو الفيلم الوحيد الذي جمع بيننا، وخلال هذه الفترة اكتشفت مدى رقيها الفني واخلاقها العالية، واروع ما فيها انها كانت تتابع اعمالي. عادل إمام «تسعة عقود عاشتها الفنانة مديحة يسري، استطاعت خلال خمسة منها ان تحافظ على مكانة متميزة على الشاشة الفضية، ظلت عاشقة للفن حتى وهي في أوج مرضها، فقد قدمت للشاشة أجمل وارق القصص العاطفية، اشتركت معها في بطولة فيلمين هما «خللي بالك من جيرانك» عام 1979، و«الإرهابي» عام 1994، وقد كنت اسعد بمكالماتها لي لأنها فنانة كبيرة ملتزمة وقامة فنية، وكانت تكشف اتصالاتها بي عن نبل اخلاقها وتصرفاتها». نادية لطفي «تعد الفنانة مديحة يسري من أهم نجمات الرومانسية في عصرها الذهبي واحدى رائدات السينما المصرية، ناهيك عن انها انسانة طيبة. فيها طيبة بنت البلد. بلا تكلف، جمعنا العمل معاً مرة واحدة في فيلم «الخطايا» عام 1962، كانت بحق شاعرة امام الكاميرا، ممثلة متمكنة، رقيقة المشاعر، شديدة الحساسية، ولا انسى ابدا انها من فرط حساسيتها وعمق انفعالاتها قد اصيبت بإغماء شديد اثناء تصوير المشهد الأخير من فيلم «الخطايا» عندما ابلغت ابنها حسين (عبدالحليم حافظ) بالحقيقة، إذ اوضحت له انه ليس لقيطا، حيث ادت دور الام (إحسان) التي تعاني عذاب الشعور بالذنب بكل إحساسها، والدموع تغرق وجهها. هكذا كانت مديحة يسري تعيش بإحساسها امام الكاميرا». يسرا «كانت اسعد الاوقات هي التي اقضيها بجوارها، وهو ما احرص عليه مهما كانت لدي من ارتباطات، فهي عشرة عمري، منذ أن بدأت أعمل في الفن أشعر بأنها أمي، كان بيننا لغة تفاهم وتعامل حلوة، ولا انسى لها ما حييت موقفها معي عندما شاهدتني وانا أؤدي مشهدا في بلاتوه قريب من البلاتوه الذي كانت تصور فيه أحد اعمالها، فاقتربت مني واخبرتني بأنه سيكون لي شأن مهم في السينما المصرية، جمعنا العمل معاً في فيلم (لا تسألني من أنا) عام 1984، حيث جسدت دور ابنتها (زينب) بالتبني». نادية الجندي «فنانة متمكنة بلا شك، كانت كل اهدافها في الحياة تحقيق طموحاتها الفنية، وكانت دائما تبحث عن تحقيق كل ما تريده من خلال اعمالها الفنية، في كل لقطة وكل كلمة وكل حركة في مشاهد افلامها، وعلى الرغم من انني لم اشاركها العمل كثيرا، وكان الفيلم الوحيد الذي جمعنا معاً هو فيلم «الخادمة» عام 1984، فقد كانت مثالا للفنانة الراقية، وصديقة عزيزة اكن لها كل حب وتقدير».

مشاركة :