أنقرة - كثّف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من استدعاء نظرية المؤامرة كلما ازدادت الضغوط حوله مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في 24 يونيو المقبل، ما يفند تبجحه بالفوز السهل على منافسيه ويعكس قلقا كبيرا في صفوف حزبه -العدالة والتنمية- الحاكم، حيث يشير محللون إلى أن الانتخابات الرئاسية ستشهد دورة ثانية مفتوحة على جميع السيناريوهات. ويستهدف حزب السعادة الإسلامي في تركيا، الناخبين المتدينين الذين يقول عنهم خاب أملهم في الرئيس رجب طيب أردوغان بسبب حكمه المستبد، ساعيا بذلك إلى الاقتطاع من نسبة الدعم الممنوحة له في انتخابات برلمانية ورئاسية يتوقع أن تشهد منافسة محمومة. ولم يفز حزب السعادة بأكثر من 2.5 بالمئة في أي انتخابات برلمانية سابقة، لكن تحالفه مع أحزاب علمانية وقومية يدعم فرصه في الفوز بمقاعد في البرلمان للمرة الأولى خلال الانتخابات التي ستجرى يوم 24 يونيو المقبل. ومع إظهار استطلاعات الرأي أن حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه أردوغان وشريكه القومي سيحصلان على نحو 50 في المئة من أصوات الناخبين، فإن أي فارق بسيط سيكون حاسما بالنسبة لآمال أردوغان في الفوز بالأغلبية في البرلمان. وإذا أبلى حزب السعادة بلاء حسنا في الانتخابات، فقد يساعد ذلك المعارضة أيضا على إبعاد عدد كاف من الناخبين عن أردوغان مما يدفع بانتخابات الرئاسة إلى جولة إعادة، وعندها يتفق تحالف المعارضة على الالتفاف حول مرشح واحد. وقال زعيم حزب السعادة كرم الله أوغلو إن حزب أردوغان ابتعد عن مبادئه المؤسسة، مؤكدا أن حزبه مستعد للاستفادة من خيبة أمل بعض أنصار حزب العدالة والتنمية في الحزب. وأضاف أوغلو “نعتقد الآن أن نحو 15 في المئة من الناخبين غير سعداء بتصرفات الحكومة ويبحثون الآن عن حزب آخر، أعتقد أن الأغلبية ستميل إلينا”. وكان كرم الله وأردوغان رفيقين في حزب الرفاة خلال التسعينات من القرن الماضي، حين أسس ذلك الحزب أول حكومة إسلامية في تركيا قبل أن يطاح به من الحكم عام 1997 وتحظره السلطات في وقت لاحق. وانتقد أوغلو (77 عاما)، الذي سيخوض الانتخابات الرئاسية أيضا، الخطاب الذي يستخدمه الرئيس التركي “لم يعد للهجة وخطابات الرئيس نفس الأثر في الناس بعد اليوم، الناس ملوا”. وذكر مسح لمؤسسة ماك التي تعتبر مؤيدة للحزب الحاكم أن أردوغان سيفوز بالانتخابات الرئاسية بنسبة 51.4 بالمئة بينما سيقتصر التأييد لقره ملا أوغلو على ما يتراوح بين اثنين و3.5 بالمئة فقط. ويفاخر أردوغان الذي ينتقده خصومه ويعتبرونه زعيما استبداديا يعيش في زمن السلاطين العثمانيين، بأن عهده أدخل تركيا عصرا جديدا من الازدهار الاقتصادي و هو ما يفنده الخبراء الاقتصاديون. ويرى دبلوماسيون أن الرئيس التركي يجد صعوبة في الإقناع بسياساته الداخلية والخارجية حتى داخل حزب العدالة والتنمية، خاصة المحاكمات والاعتقالات التي طالت الآلاف من أنصار حليفه السابق فتح الله غولن، وهم في الأصل جزء كبير من الجمهور الانتخابي لأردوغان والعدالة والتنمية. وأعلن حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية مؤخرا، ترشيح محرم إنجي، النائب البارز المعروف بخطبه النارية والحماسية لمنافسة أردوغان في الانتخابات الرئاسية المرتقبة، مما يمهد الطريق أمام حملة انتخابية شرسة محتملة. ويتوقع محللون أن يتحالف حزب الشعب الجمهوري مع ثلاثة أحزاب معارضة أخرى خصوصا حزب اييي الجديد بزعامة ميرال أكشينار لخوض الانتخابات، فيما أعلن حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد والمعارض الشرس لأردوغان أن صلاح الدين دميرطاش، رئيسه السابق، المعتقل حاليًا بالسجون التركية، سيكون مرشحه لخوض الانتخابات ذاتها ممثلًا له. وقال الكاتب والمحلل السياسي التركي، ذو الفقار دوغان، الذي يتابع عن كثب الكواليس السياسية في العاصمة أنقرة، إن ترشيح الشعب الجمهوري لمحرم إنجي من شأنه إضفاء نوع من الطاقة والحيوية، بل والثقة في الحزب الذي يتزعم المعارضة في البلاد. وأشار دوغان في حديثه لتلفزيون “أحوال تركية” إلى أن ما يقرب من 50 في المئة، سيكون النسبة التي سيحصل عليها المرشحون المحتملون للرئاسة، وهم ميرال أكشينار، رئيسة حزب الصالح، ومحرم إنجي، وصلاح الدين دميرطاش، وتمل كرم أولا أوغلو، زعيم حزب السعادة.
مشاركة :