تونس ـ حذر المكلف بالشؤون السياسية في حركة نداء تونس، برهان بسيس، من أن عدم التوصل إلى توافق بين الأطراف المشاركة في نقاشات "وثيقة قرطاج 2"، يضع تونس أمام "أزمة سياسية تهدد مستقبلها". وقال بسيس في مقابلة صحفية إنّ "طبيعة الأزمة السياسية الحالية لها من العمق والخطورة، بحيث لا يمكن أن تستوعبها حسابات المناورة السياسية التقليدية"، مضيفا: "مستقبل تونس في خطر". والاثنين الماضي، قرّر الرئيس الباجي قايد السبسي تعليق العمل بـ"وثيقة قرطاج"، لتحديد أولويات الحكومة إلى "أجل غير محدد"، في ظل استمرار خلافات الموقّعين على الوثيقة حول إجراء تغيير جزئي أو شامل للحكومة. وأضاف بسيس: "الصورة واضحة، طيلة 7 سنوات المنجز الاقتصادي والاجتماعي كان سلبيًا، وما كان يعدل الكفة ولو جزئيًا هو نجاح التوافق السياسي والاجتماعي، الذي أنقذ تونس في كل محطاتها المفصلية، ونستحضر في هذا المجال تجربة الحوار الوطني (خريف 2013)". واعتبر بسيس أن "ما هو حاصل اليوم هو تسريع الخطى نحو الانهيار"، وأوضح أن “المسألة أبعد من حسابات سطحية، ذهاب إلى البرلمان أو عدم الذهاب إلى البرلمان (لسحب الثقة من حكومة رئيس الوزراء يوسف الشاهد)، فكلّ المسار أصبح مهددًا، خاصة، في ظل استهتار بعض الأطراف السياسية بطبيعة الأزمة الحالية وخطورتها، ومن هذه الأطراف نجد حركة النهضة (68 نائبًا من أصل 217)". النهضة "مسؤولة" عن تصريح "النهضة" بأن موقفها تجاه عدم تغيير الشاهد، كان من أجل المصلحة الوطنية والمحافظة على الاستقرار وصورة تونس في الخارج، قال بسيس، إن "السياسة نتائج وليست تعبيرًا عن نوايا، والنتائج أن موقف النهضة قسم الأحزاب والمنظمات وطعن التوافق السياسي والاجتماعي في الظهر". من جهته، حمّل راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة مسؤولية تعطيل العمل بـ"وثيقة قرطاج" للأطراف التي "لم تسع إلى التوافق". وأوضح الغنوشي في تصريحات إعلامية، الإثنين، عقب الخروج من اجتماع "وثيقة قرطاج 2"، أن حركته "لا ترى أي مصلحة لتونس في الإطاحة بالحكومة الحالية دون إيجاد بديل واضح، رغم الإقرار بأنها ليست الحكومة المثالية". ونفى بسيس أن تكون خلفية موقف حركة النهضة، هي الحفاظ على الاستقرار، قائلًا: "التوافق سينهار والاتحاد (الاتحاد العام التونسي للشغل- نقابة العمال) يهدد بالنزول إلى الشارع". وفسّر بسيس موقف النهضة بأنها "غيّرت من استراتيجيتها لحسابات لا تعرفها إلا كواليسها الداخلية". الشاهد "لا يحكم" باسم نداء تونس بسيس: من "حق" الشاهد الترشح عام 2019 ولكنه "ليس" مرشح نداء تونس بسيس: من "حق" الشاهد الترشح عام 2019 ولكنه "ليس" مرشح نداء تونس في تعليق على أن رئيس الحكومة الحالية من قياديي حركة نداء تونس، أشار بسيس إلى أن "رئيس الحكومة كان رئيس حكومة وحدة وطنية، وحصل على تزكية الأحزاب المشاركة في (وثيقة قرطاج الأولى) ولم يحكم باسم نداء تونس". وأردف: "بل إنه (الشاهد) حكم باسم وثيقة قرطاج، وهذا معلوم للقاصي والداني، وهذا ما كنا نردده دوما، إن نداء تونس حزب يوجد في الحكم وليس حزبًا حاكمًا". واستبعد بسيس، أن تكون للأزمة أبعادًا شخصية تستهدف رئيس الحكومة، قائلًا: "نحن نعتبر أن حكومة الوحدة الوطنية هي حكومة فاشلة". وتابع: "وهذه الأيام أضافت (الحكومة) إلى سجّل فشلها الاقتصادي والاجتماعي فشلًا سياسيًا، أدى إلى انقسام في الأحزاب، وشبه عطلا في الأداء الحكومي، وانهيارًا للتوافق السياسي والاجتماعي". وحول ما يتردد لدى بعض المراقبين من أن الصراع الحالي على خلفية الاستعدادات للانتخابات الرئاسية العام المقبل، قال بسيس، إن "المسألة أعمق من ذلك، وللجميع الحق في الترشح لانتخابات 2019 ونحن كنا واضحين". وزاد: "لما ناقشنا النقطة 64 من (وثيقة قرطاج 2) عدم ترشح الحكومة القادمة لـ2019، لم نكن نقصد شخص السيد الشاهد، لأننا بكل وضوح لم نكن نرى السيد الشاهد رجل المرحلة في الحكومة القادمة". واعتبر بسيس أن للشاهد "الحق في الترشح ولكن ليس باستعمال السلطة التنفيذية". واستكمل: "لا يمكن تحويل الحكومة إلى حزب، فرئيس الوزراء الفرنسي السابق (مانويل فالس)، لما أراد الترشح للانتخابات الرئاسية الفرنسة قدم استقالته من الحكومة ولم يُحوّل الحكومة إلى حزب". ونفى بسيس أن يكون الشاهد مرشح "نداء تونس" لانتخابات 2019، لافتا إلى أن هذا "سيحدده المؤتمر القادم للحزب" على حد قوله. وارتأى أن “القضية أبعد من (انتخابات) 2019 بل هي قضية نتائج وحصيلة، فالبلاد على حافة الإفلاس والمالية العمومية منهارة". ومضى بالقول: "البلد تنتظر القسط الثالث من قرض صندوق النقد الدولي (يستحق السداد في شهر يونيو) لتسديد ديونها وخلاص أجور موظفيها". وتابع متسائلًا: بأي حصيلة سندخل 2019، "نحن أمام أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية مستفحلة". وشدد على أن "المناورات (السياسية) الساذجة ستذهب بالبلاد إلى المجهول، والمجهول في تونس مفتوح على كل الاحتمالات". واستدرك قائلًا: "مصلحة تونس تكمن في الرجوع إلى التوافق، وأن يتفق الجميع، منظمات وطنية وأحزاب كبرى، ونحن طرف سياسي مسؤول، ولسنا في معرض الفعل ورد الفعل". وأتبع: "سنترك الوقت للاتصالات السياسية مع كل الأطراف من أجل الخروج من هذه الأزمة، وسنتناقش مع كل الأطراف السياسية خاصة منها المستعدة للنقاش والتنازلات التي تبتعد عن منطق المناورات والتقدير الخاطئ لمفهوم الانتصار والهزيمة". ورأى بسيس أن "الانتصار الحقيقي هو خروج البلاد من أزمتها السياسية، المعطى الجديد في الساحة لأنه لو سقط السقف سيسقط على الجميع". كل الاحتمالات واردة بسيس: "ما هو حاصل اليوم هو تسريع الخطى نحو الانهيار" بسيس: "ما هو حاصل اليوم هو تسريع الخطى نحو الانهيار" حول ما يتردد من تفكير نداء تونس في سحب وزرائه من حكومة الشاهد، والتوجه إلى البرلمان لإصدار "لائحة لوم" ضد الحكومة، توقع بسيس، أن كل الاحتمالات واردة على ضوء ما ستشهده الأزمة السياسية من تطورات. وقال بسيس "في نداء تونس لا نرى أن هناك توافق بين رأي رئيس الجمهورية، ورأي حركة النهضة، وأن كل المؤشرات الكاملة التي تفيد بأن من يتحدث عن وجود توافق وتطابق بين رأي رئيس الجمهورية ورأي رئيس حركة النهضة يكون بصدد مغالطة نفسه ومغالطة الرأي العام". وذهبت بعض التحاليل الإعلامية إلى أن عدم التوقيع على "وثيقة قرطاج 2"، يسمح باستئناف حكومة الشاهد عملها، وهو الموقف الذي تدافع عنه النهضة. واختتم بسيس بالقول: "رئيس الجمهورية حريص على الإجماع، وهو من ترك لحركة النهضة فرصة ليومين (السبت والأحد الماضيين) لعلها تراجع موقفها". وشهدت اجتماعات الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج، خلافات حول إجراء تحوير وزاري عميق يشمل رئيس الحكومة يوسف الشاهد، أو إجراء تحوير جزئي. ويترأس يوسف الشاهد الحكومة التونسية منذ آب 2016. وفي يناير الماضي، دعا السبسي الأطراف الموقعة، في يوليو 2016، على "وثيقة قرطاج"، إلى الاجتماع للتداول في أوضاع البلاد. وفي مارس الماضي شكّل الموقعون على الوثيقة لجنة خبراء لصياغة وثيقة جديدة، تتكون من 18 عضوًا، تحدد أولويات جديدة اقتصادية واجتماعية. وتم الاتفاق، خلال أعمال لجنة الخبراء، على 63 نقطة في "وثيقة قرطاج 2"، تتعلق بالبرنامج السياسي والاقتصادي والاجتماعي للفترة المقبلة، وتعذر الوصول إلى اتفاق حول مصير حكومة الشاهد. ويشارك في صياغة "وثيقة قرطاج 2" حزب حركة نداء تونس (لبيرالي/ 56 نائبًا من اصل 217) وحركة النهضة (68 نائبًا/ إسلامي) والاتحاد الوطني الحر (12 نائبًا/ لبيرالي) وحزب المبادرة الوطنية (نواب/ دستوري) والمسار الديمقراطي الاجتماعي (يسار/ لا نواب له). كما تشارك 4 منظمات، وهي: الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (الأعراف)، والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري (اتحاد المزارعين)، والاتحاد الوطني للمرأة التونسية.
مشاركة :