قالت حكومة مالي في بيان بثه التلفزيون الوطني إنها أمهلت السفير الفرنسي 72 ساعة لمغادرة البلاد اعتبارا من الاثنين بسبب تصريحات “عدائية ومشينة” من السلطات الفرنسية بشأن الحكومة الانتقالية في البلاد، في خطوة تصعيدية جديدة بين باماكو وباريس تعمق هوة الخلافات بين الطرفين. وتمثل هذه الخطوة تصعيدا جديدا للتوتر بين مالي وفرنسا القوة الاستعمارية السابقة التي تدخلت عسكريا في مالي والساحل منذ عام 2013. وقد استمرت العلاقات في التدهور منذ أن تولى العسكريون السلطة في أغسطس 2020 في هذا البلد الذي يغرق منذ عام 2012 في أزمة أمنية وسياسية عميقة. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الجمعة إن المجلس العسكري الحاكم في مالي “خرج عن السيطرة”، في وقت يتصاعد فيه التوتر بين الدولة الواقعة في غرب أفريقيا وشركائها الأوروبيين حول التعاون العسكري والانتخابات. ووصف الوزير المجلس العسكري بأنه فاقد للشرعية. وقالت وزيرة القوات المسلحة الفرنسية فلورنس بارلي السبت إن القوات الفرنسية لن تبقى في مالي إذا كان الثمن باهظا. وتصاعد التوتر بين مالي وفرنسا بعدما لم يجر المجلس العسكري انتخابات في أعقاب انقلابين عسكريين حيث دعمت باريس عقوبات إقليمية ودولية على قادة الانقلاب. ويرى محللون أن السلطات الانقلابية في مالي تحاول استغلال المخاوف الفرنسية من التغلغل الروسي لتثبيت أركان حكمها وانتزاع اعتراف من فرنسا بحكمها وهو ما لم تقبل به باريس. وقال لودريان “نظرا لانهيار الإطار السياسي والإطار العسكري في مالي لا يمكننا البقاء على هذا النحو”. وأكد “لا يمكننا البقاء على هذا النحو. من الواضح أن الوضع كما هو لا يمكن أن يستمر”، من دون أن يوضح ما إذا كان يشير إلى انسحاب محتمل لقوة برخان الفرنسية من مالي. جان إيف لودريان: المجلس العسكري الحاكم في مالي خرج عن السيطرة وأضاف “إنه ليس قرارا فرنسيا فحسب بل هو قرار جماعي وقد بدأنا الآن مناقشات مع شركائنا الأفارقة ومع شركائنا الأوروبيين لمعرفة كيف يمكننا تكييف نظامنا وفقا للوضع الجديد” في مالي. وأعلن وزير الخارجية المالي عبدالله ديوب الجمعة أن بلاده “لا تستبعد أي شيء” في ما يتعلق بعلاقاتها مع فرنسا، مؤكدا في الوقت نفسه أن مسألة خروج القوات الفرنسية من منطقة الساحل “ليست مطروحة في الوقت الحالي”. وقال ديوب ردا على تصريحات لنظيره الفرنسي إن “مالي لا تستبعد شيئا بالنسبة إلى هذه المسائل إن لم تكن تأخذ بمصالحنا”. وتتهم فرنسا وحلفاؤها الأوروبيون المجلس العسكري بالاستعانة بمرتزقة مجموعة فاغنر التي تعتبر قريبة من الكرملين، وهي تنتشر في مواقع أخرى تشهد نزاعات كما أنها متهمة بارتكاب تجاوزات في أفريقيا الوسطى. وفيما ينفي المجلس العسكري وجودها، أكد رئيس القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا الجنرال ستيفن تاونسند الأسبوع الماضي أن “فاغنر في مالي”، مضيفا “إنهم هناك، نعتقد أنهم بضع مئات الآن”. وانتشر مدربون عسكريون روس خلال الأسابيع الأخيرة في مالي ولاسيما في تمبكتو، بحسب مسؤولين عسكريين ماليين. وسعت فرنسا عبثا لردع باماكو عن الاستعانة بمرتزقة فاغنر. وبعدما حذرت باريس من أن انتشار مجموعة فاغنر في مالي “لن ينسجم” مع بقاء جنودها المنتشرين في هذا البلد، يبدو أن الخطاب الفرنسي تبدّل. ولزم لودريان الحذر حول مسألة مستقبل قوة “تاكوبا” الأوروبية التي تقودها فرنسا في هذا البلد، فيما طالبت المجموعة العسكرية هذا الأسبوع بانسحاب الوحدة الدنماركية المشاركة فيها. وقال الوزير الفرنسي “إننا نبحث مع شركائنا بشأن نوع الرد الواجب على هذا الوضع الجديد… معركتنا ضد الإرهاب يجب أن تتواصل، لكن في ظروف أخرى بالتأكيد”. وحين سئل عن احتمال الانسحاب من مالي، ردّ “لم أقل ذلك”.
مشاركة :