الدراما المختلطة ترفع شعار «لا للتقوقع»

  • 6/1/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

بحكم العوامل التاريخية والجغرافية والديموغرافية، تجمع سورية ولبنان علاقة خاصة جداً، ليس على قاعدة تلازم المصير والمسار ، ولا وفق أهازيج «سوا ربينا» و «شعب في بلدين»، بل بحكم الواقع العصي على الطمس والتحوير والأدلجة إن من لدن دعاة الإلحاق والانصهار أو من دعاة الانعزال والانسلاخ وفي كلا البلدين. وكم يبدو لافتاً أخيراً أن هذه الحقيقة باتت تنعكس على الصعيد الفني والدرامي حيث في شهر رمضان الجاري في شكل خاص تتداخل المسلسلات اللبنانية والسورية حيث تجمع الأعمال المشتركة تلك ممثلين ونجوماً من البلدين. والجميل هو تشارك اللهجتين وتداخلهما أيضاً في معظم هذه الأعمال حيث يتحدث السوريون منهم بلهجتهم، وكذا اللبنانيون. واقع الحال أن التداخل بين البلدين والشعبين هو أمر واقع ملموس، فمثلاً ثمة مئات آلاف السوريين ممن يعيشون في لبنان ليس المهجرون منهم فقط ممن يعيشون في تجمعات خاصة بفعل الحرب السورية وبغض النظر عن إشكالات السياسة والتباساتها والأحلام التاريخية للنظم المتعاقبة على دمشق في بسط السيطرة على لبنان وجعله تحت الوصاية السورية، فمثلاً في هذا الموسم الرمضاني ثمة مسلسلات مثل «طريق» و «الهيبة» و «جوليا» و «تانغو» وسواها من أعمال يحار المرء في تصنيفها، فلا هي سورية خالصة ولا لبنانية بحتة... هي بالأحرى بين بين، أو يمكننا وصفها بالمسلسلات الشامية ربما، وهي بداهة ظاهرة صحية تساهم في تعزيز مناخات التثاقف والتبادل والتكامل بين مختلف بلدان المنطقة والعالم العربي، بخاصة الدول المتجاورة جغرافياً والمتشابهة ثقافياً وسوسيولوجياً، كبلاد الشام مثلاً، ودول الخليج... وهكذا. فهذا التداخل الدرامي واختلاط اللهجات في عمل فني واحد وتالياً تلاقح القيم المجتمعية والثقافية لكل بلد ضمن هذه التوليفات الدرامية التعددية يساهم في تبديد مناخات التعصب والتقوقع ويشيع ثقافة التعدد وقبول الآخر والتفاعل معه، بخاصة أن الدراما ركن ركين في كل بيت وعلى وجه الخصوص في مثل هذه الأيام الرمضانية. فالتنوع لطالما كان علامة مناعة ومصدر ثراء وعكسه درامياً يرتقي بالقواسم الثقافية المشتركة بين شعوب المنطقة ومجتمعاتها، سوريين ولبنانيين... ما يبدد الرؤى والصور النمطية المتبادلة وينشر أجواء التسامح والتقارب والتفاهم بين شعوب ومجتمعات محكومة بالتعايش والتجاور. وهنا، فإن الدراما المختلطة إن صحت العبارة تساهم في التأسيس لعلاقات صحية وتفاعلية بين بلدان المنطقة وشعوبها، فالثقافة والفن ديدنهما التكويني كسر الحواجز ومخاطبة المكنونات الإنسانية الجمالية ومداعبتها، ما يساهم في ترميم ما تخربه وتهدمه السياسة.

مشاركة :