الدراما الإماراتية ترفع شعار الكوميديا وتكسب الرهان

  • 5/16/2020
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

عرفت الكوميديا الإماراتية في السنوات القليلة الماضية نجاحا ملفتا، نتيجة خصوصيتها وفرادتها في الطرح السلس البعيد عن الابتذال والإسفاف الذي ملأ الفضائيات العربية، ولم يشغل الناس، للأسف. ومع ذلك تظل مشكلة هذا المنتج هو التسويق خارج حدود الدولة. المتابع للأعمال الكوميدية الإماراتية خلال الفترة الأخيرة يدرك مدى ما تتمتّع به هذه النوعية من الأعمال الدرامية من خصوصية بين الأعمال الكوميدية الأخرى التي تُقدّم على الشاشات الخليجية. غير أن الأزمة الحقيقية التي تواجه الدراما الإماراتية على نحو عام تتمثل دائما في صعوبة التسويق بعيدا عن الشاشات الإماراتية. وبعض الأعمال الكوميدية الإماراتية كُتب لها الاستمرار لسنوات عبر أجزاء متتالية وصلت في بعض الأحيان إلى ستة أجزاء، كما في مسلسل “طماشة” لنجم الكوميديا الإماراتي جابر نغموش، وهو فنان يمتلك طاقة آدائية وتمثيلية لافتة. غير أن الأزمة الحقيقية التي تواجه الدراما الإماراتية على نحو عام تتمثل دائما في صعوبة التسويق بعيدا عن الشاشات الإماراتية. أسباب كثيرة أدت إلى هذا الوضع، غير أن أهمها يتمثل في عائق اللهجة، فلا ينكر أحد أن التفوّق النسبي للدراما الكويتية وانتشارها المبكّر في منطقة الخليج العربي جعلا من اللهجة الكويتية هي لهجة الدراما في منطقة الخليج العربي لعقود، وهو ما يتطلّب جهدا مضاعفا أمام مراكز صناعة الدراما الأخرى من أجل المنافسة. وضم الموسم الرمضاني الحالي ثلاثة أعمال كوميدية إماراتية. أول هذه الأعمال هو مسلسل “مفتاح القفل” الذي يتولّى بطولته الفنان جابر نغموش، وهو عمل ينطوي على توليفة درامية خفيفة الظل، من إخراج السوري باسم شعبو، أما النص فهو للفنان الإماراتي جاسم الخراز. ”بنت صوغان” يمثل التجربة الدرامية الثانية التي تجمع بين المخرج عارف الطويل وكاتب السيناريو جمال سالم وبطل المسلسل أحمد الجسمي ويشارك في مسلسل “مفتاح القفل” إلى جانب الفنان جابر نغموش كل من رزيقة الطارش ومرعي الحليان وميس قمر وميثاء محمد ودانا حلبي، ومجموعة متنوعة من الفنانين والفنانات الإماراتيين. ويُعرض المسلسل حصريا على “تلفزيون الإمارات”، ويدور حول شخصية مفتاح التي يؤديها الفنان جابر نغموش، وهو رجل مهووس بالتمثيل منذ صغره، يبحث دائما عن فرصة لإبراز موهبته، خاصة أنه قد نشأ في بيئة فنية، حيث عمل منذ صغره مساعدا للأطقم الفنية داخل الأستوديوهات ومواقع التصوير وتعوّد على رؤية الكاميرات والممثلين. وفي مقابل هذا الإصرار والدأب يمتلك مفتاح موهبة تمثيلية متواضعة، لذا نراه دائم الوقوع في الأخطاء، وكثيرا ما يتسبّب في عرقلة التصوير بتصرفاته الحمقاء، ومن هنا تتولّد العديد من المُفارقات الطريفة التي استحسنها متابعو السلسلة. العملان الآخران هما “بنت صوغان” و”خاشع ناشع” ويدور كلاهما في إطار تراثي في فترة الخمسينات والستينات من القرن الماضي. يُعرض المسلسل الأول “بنت صوغان” على قناة “سما دبي” وهو من إخراج السوري عارف الطويل وتأليف الإماراتي جمال سالم. ويعتمد العمل على أحداث خفيفة ومتسارعة ويزخر بالمفارقات والمواقف الطريفة. و”بنت صوغان” يمثل التجربة الدرامية الثانية التي تجمع بين المخرج عارف الطويل وكاتب السيناريو جمال سالم وبطل المسلسل أحمد الجسمي بعد مسلسل “الطواش” الذي عرض العام الماضي، وكان له مردود جيد على المستوى الإماراتي والخليجي أيضا. وخلافا لأحمد الجسمي تشارك في المسلسل نخبة متميزة من نجوم الكوميديا في الإمارات بينهم علي التميمي وسعيد سالم ورُزيقة طارش ومنصور الفيلي، وتدور أحداثه في قالب مرح حول عصابة إجرامية تجمع بين ثلاثة أفراد هم صنكاح وخماس وقضمة وتبدأ الأحداث بالقبض على الثلاثة معا، حيث يقرّر القاضي إبعادهم عن الحي ونفيهم بعيدا. وتتصاعد الأحداث في بقية الحلقات حين يتّجه اللصوص الثلاثة إلى حي جديد يمارسون فيه أفعالهم الإجرامية، وهناك يلتقون بصوغان (أحمد الجسمي) وابنته شما، حيث يتخفون في شخصيات جديدة ويواصلون سرقاتهم. أما مسلسل “خاشع ناشع” فهو من إخراج السوري سيف شيخ نجيب أما النص فللكاتب عبدالله زيد الذي يتولّى أيضا بطولة العمل مؤديا دور خاشع، وهي التجربة الثانية له في التأليف الدرامي. وفيه يعود زيد إلى العمل سويا مع الفنان جمعة علي الذي يؤدي دور ناشع. ويعرض العمل حصريا على “تلفزيون الإمارات” وتدور أحداثه في فترة الستينات من القرن الماضي، وهي الفترة التي شهدت بداية الطفرة الحضارية لدولة الإمارات. وتنطلق قصة المسلسل في قرية نائية خالية من الخدمات، غير أن مظاهر التحوّل سرعان ما تظهر ببناء محطة للكهرباء ومستشفى ومدرسة لأهل القرية، ما مثل صدمة حضارية للعديد منهم، وهو الأمر الذي تتفجّر معه الكثير من الأحداث الطريفة والكوميدية. وبعيدا عن الكوميديا ضمت جُعبة الدراما الإماراتية في رمضان الحالي عملا رابعا تحت عنوان “الشهد المر” ويدور في إطار اجتماعي، وهو من إخراج البحريني مصطفى رشيد. وظهرت خلال الفترة الأخيرة تجارب إماراتية كثيرة في مجال الدراما اتسمت بالقوة وكانت قادرة على المنافسة على المستوى الخليجي ولم لا العربي أيضا، غير أن الأمر لا يسير على وتيرة واحدة، فبين الصعود والهبوط، والنجاح والإخفاق تتراوح الأعمال الدرامية الإماراتية من عام إلى آخر، يزيد من تأثير هذا الأمر شُحّ الإنتاج الإماراتي على نحو عام، فجملة الأعمال الدرامية المنتجة في الموسم الرمضاني كل عام، وهو الموسم الأكثر كثافة في الإنتاج الدرامي على مستوى العالم العربي، لا تكاد تتخطّى الثلاثة أو الأربعة أعمال على الأكثر، ما يقلّص فرص التنوّع في ما بينها. وهو ما حصل تماما هذا العام، ولو بنسب متفاوتة من إنتاج إلى آخر. فنمطية النصوص وحصرها في نوعيات بعينها كالقوالب الدرامية التراثية التي باتت إحدى سمات الدراما الإماراتية، أضرّا بالتنوّع. إذ نادرا ما يتم التطرّق إلى سياقات أخرى تتوائم على الأقل مع الأجواء التي تنعم بها الإمارات كبلد مُنفتح على ثقافات العالم. ولا شك أن دولة الإمارات تمتلك من الإمكانيات الإنتاجية والبنية التحتية ما يؤهلها للمساهمة بفاعلية وقوة في الدراما العربية، ويكفي أنها تُعد وجهة مثالية لشركات الإنتاج العربية لتصوير الأعمال، لما تتيحه من تسهيلات وما توفّره من مرونة في الإجراءات. كما لا تعدم الإمارات أيضا المواهب المُخضرمة والشابة على حد السواء في مجال التمثيل. ربما يتطلّب الأمر هنا دعما مؤسسيا وطنيا على مستوى الدولة، خاصة في ظل غياب المنافسة الحقيقية لشركات الإنتاج.

مشاركة :