خلال 22 شهراً منذ أطلق مكتب التحقيقات الفدرالي تحقيقاته حول تنسيق محتمل بين أعضاء من حملة ترامب الرئاسية وروسيا هاجم الرئيس الأميركي أوساط استخباراته وعناصر حفظ النظام بقدر يفوق شجبه لتدخل روسيا في الانتخابات. كعادته في العديد من الأيام أمضى الرئيس الأميركي دونالد ترامب صبيحة الأربعاء قبل الماضي في تغريدات على تويتر. واختار في هذه المرة التركيز على "الدولة العميقة الاجرامية" وهو يقول إن ذلك كشف عن وجود جاسوس في حملته لانتخابات الرئاسة. وكتب ترامب يقول في تغريدة "إن مكتب التحقيقات الفدرالي يتابع مزاعم عن وجود تواطؤ مع روسيا وهذا خداع وتلفيق انتهى الى فضيحة كبيرة من النوع الذي لم تشهده الولايات المتحدة من قبل". وعلى أي حال فقد كتب الكثير في الأيام الأخيرة عن استراتيجية ترامب "الجديدة" الهادفة الى تشويه التحقيق في دور روسيا. وقد هاجم الرئيس الأميركي المحققين في قضية روسيا والمنظمات الاعلامية التي تغطي التحقيقات وذلك في محاولة لاقناع العامة بفساد هذه الخطوة منذ البداية. الجمهوريون الذين يصفون أنفسهم بأنهم جماعة القانون والنظام ارتبطوا منذ زمن بعيد بمجتمع تطبيق القانون والاستخبارات. ووجد استطلاع أجراه معهد غالوب في وقت متأخر من السنة الماضية أن حوالي نصف الجمهوريين قالوا إن مكتب التحقيقات الفدرالي يقوم بعمل ممتاز وشكل ذلك تراجعاً بـ 13 نقطة مئوية منذ عام 2014. وفي الوقت نفسه أظهر استطلاع للديمقراطيين الذي قالوا إن مكتب التحقيقات الفدرالي يقوم بعمل ممتاز أو جيد ارتفاعاً بـ 9 نقاط ليصل الى 69 في المئة مقارنة مع 60 في المئة في سنة 2014. وكتب آر جي رينهارت من معهد غالوب يقول إن "تحول وجهة النظر الحزبية يشير الى جهود ترامب وغيره من الجمهوريين لاضفاء الشكوك على مهنية مكتب التحقيقات الفدرالي وتصويره على شكل وكالة حزبية ناجحة". حملات ترامب خلال 22 شهراً منذ أطلق مكتب التحقيقات الفدرالي تحقيقاته حول تنسيق محتمل بين أعضاء من حملة ترامب الرئاسية وروسيا هاجم ترامب أوساط استخباراته وعناصر حفظ النظام بقدر يفوق شجبه لتدخل روسيا في الانتخابات. وقد وبخ الرئيس مكتب التحقيقات الفدرالي ورئيسه السابق جيمس كومي ومولر وروسيا في العشرات من التغريدات منذ شهر أبريل وحده، كما أنه استخدم تويتر من أجل انتقاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأول وآخر مرة في الثامن من أبريل ، وقال إن "التفاهم مع روسيا والآخرين شيء جيد وليس سيئاً". وفي الثاني من أبريل وصف رغبة مكتب التحقيقات الفدرالي ووزارة العدل لحجب المعلومات الحساسة المتعلقة بالتحقيق الجاري بأنه "احراج لبلادنا". وقد أبلغني المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية جون برينان الذي انتقد مراراً ترامب ورأى أن هناك محاولات تدخل مبكر من جانب روسيا في الانتخابات الرئاسية الأميركية في سنة 2016، أبلغني أن هذا الموقف من الادارة الحالية ازاء مجتمع الاستخبارات يتعارض بشكل صارخ بما صدر عن ادارات كلينتون وبوش وأوباما الذين "نظروا الي على شكل ممثل لوجهات نظر ومخاوف مجتمع الاستخبارات. وقد تعرضت لتحديات مراراً وتكراراً ولكن ذلك كان يتم دائماً في حدود الاحترام وهو ما يتعارض بشكل صارخ مع مما رأيته من الادارة الحالية". وأضاف أن لدى ترامب أيضاً عدة حلفاء يمكن التعويل عليهم في الكونغرس يحاولون اضعاف مصداقية التحقيقات واستقلالية وزارة العدل. وقد طلب ترامب في الأسبوع الماضي من وزارة العدل التحقيق في تكتيكات مكتب التحقيقات الفدرالي وأحال نائب وزير العدل رود روزنتاين طلب ترامب الى المفتش العام في وزارة العدل كما أن مسؤولي الوزارة أطلعوا المشرعين على معلومات سرية للغاية ضد تحذير علني صدر عن خمسة من مسؤولي الاستخبارات السابقين حول "تأثير سياسي غير ملائم على المحققين" كما أبلغني ديفيد كريس مؤسس كالبر بارتنرز الذي خدم كمساعد للنائب العام في قسم الأمن القومي في وزارة العدل لمدة سنتين في عهد الرئيس السابق باراك أوباما بأنه يرى أن تلك الجهود "أساسية" في خدمة التفضيلات الراهنة في أجندة الرئيس. من جهة اخرى أشار خبراء الأمن القومي والاستخبارات الى أن استخدام المصادر البشرية لجمع المعلومات مسألة شائعة وأكثر أهمية من جعل عملاء مكتب التحقيقات الفدرالي يقاربون المواضيع المحتملة في كشف القضايا. وأضاف كريس أن "استخدام المصادر البشرية السرية حظي بتشجيع من الخطوط الارشادية التي تغطي تصرفات مكتب التحقيقات الفدرالي". وأن استخدام مثل تلك المعلومات مسألة "روتينية لدى مكتب التحقيقات الفدرالي وتم تنظيمها بعناية عبر سلسلة من وثائق المكتب الداخلية". وقد أبلغني النائب السابق لمدير وكالة الاستخبارات المركزية مايكل موريل أنه "لن يقول إن الجمهوريين يقيمون علاقات عدائية مع وكالات الاستخبارات" وأن قلة منهم يفعلون ذلك. وفي اعتقادي أن الرئيس وراء هذه الحملة كما أن موريل شدد على حياد مجتمع الاستخبارات وأن عناصره تعمل بطريقة غريزية على عدم حجب أي معلومات ولكنه أقر بأن مسؤوليه قد يعمدون في ظروف استثنائية الى اتخاذ قرار "بحجب بعض المعلومات اذا كانوا يخشون حدوث تسريب لها ". تبديد القوانين المؤسساتية وفي نهاية المطاف، يقول بعض الخبراء، إن الضرر الذي ألحقته حملات ترامب بأوساط الاستخبارات وحفظ النظام قد يتمثل في تبديد وزوال القوانين المؤسساتية التقليدية الجوهرية التي اعتمدت عليها وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفدرالي من أجل متابعة التحقيقات المستقلة عن البيت الأبيض. وقد يكون لتلك الحملات تأثيرات محبطة أيضاً. ويقول كريس إن "ذلك قد يشكل حافزاً الى التوجه نحو عدم الكشف والافصاح" أمام الكونغرس. كما لاحظ أنه مع وجود "تاريخ من مستويات متدنية من الحرب بين فروع الحكومة" تجلى من خلال تقييد التمويل وطلب المستندات أو التهديد بالازدراء وتوجيه الاتهام فإن "اللافت في البيئة الراهنة هي طريقة استخدام البلاغة المتطرفة جداً وبصورة سريعة وجاهزة". وخلص كريس الى القول: "توجد بكل تأكيد مناطق أقل تحظى بحماية في حكومتنا وكانت الاستخبارات واحدة منها ولكننا فقدنا الكثير من الأشياء هناك". * ناتاشا برتراند – ذي أتلانتيك
مشاركة :