إيطاليا تلقن المستثمرين درسا في المخاطر السياسية

  • 6/2/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

حتى عطلة نهاية الأسبوع كان رأي كثير من المستثمرين أن سياسة منطقة اليورو هي لا محالة فوضوية ولم تعد تملك القدرة على استثارة الأسواق المتقلبة وغير المنضبطة، لكن إيطاليا فرضت إعادة تقييم سريعة ومؤلمة. يعاني الذين يتعاملون مع أسواق منطقة اليورو، وإيطاليا على وجه الخصوص، خسائر فادحة في الأوراق المالية بعد عمليات بيع مكثفة ومتواصلة تقريبا للسندات والأسهم منذ يوم الجمعة. كان التحول في الأسواق عميقا، ما أدى إلى توريط سندات بلدان طرفية أخرى، مثل البرتغال، وإيذاء المصارف في الوقت الذي يتدبر فيه المستثمرون إمكانية أن يتصاعد الجيشان السياسي في إيطاليا ليصبح أزمة أخرى في منطقة اليورو. حجم التحركات في السندات الإيطالية أثار ذهول بعض المتعاملين. فقد انهار سعر السندات الحكومية لأجل عامين في إيطاليا على مدى ثلاثة أيام، ما أدى إلى ارتفاع عائداتها من 0.27 في المائة إلى مستوى مرتفع وصل إلى 2.72 في المائة يوم الثلاثاء. وارتفعت عائدات السندات لأجل عشر سنوات من 2.4 في المائة إلى 3.39 في المائة خلال الفترة نفسها. وبحسب لوك هيكمور، وهو مدير استثمار أول في شركة أبردين ستاندر: "ربما تزداد الأمور سوءا قبل أن تصبح أفضل. العائدات على السندات الإيطالية التي وصلت إلى هذا المستوى هي في الواقع علامة فقط على حالة اللبس التي تحيط بالحياة السياسية في البلاد. إذا كانت هناك أثار جانبية، مثل الخروج من منطقة اليورو، حينها ستكون العائدات أعلى بكثير". واجتاحت عمليات البيع الضخمة سوق سندات المصارف الإيطالية ومؤشر الشركات الكبيرة في البلاد، الذي انخفض أكثر من 7 في المائة خلال الأسبوع الماضي. ولأن المصارف تمثل تقريبا نصف مؤشر البورصة الإيطالية، FTSE MIB، انخفضت البورصة الآن وفقدت مكانتها باعتبارها سوق الأسهم الأوروبية الرئيسة الأفضل أداء في عام 2018. الضغط الذي تعرضت له الأسواق الإيطالية دفع إجنازيو فيسكو، محافظ بنك إيطاليا، إلى التحذير من أن إيطاليا باتت "قريبة جدا" من فقدان "عامل الثقة". وليس ثمة ما يوحي بأن المستثمرين يستطيعون توقع هدنة من التقلبات في الوقت الذي ينتظرون فيه علامات على انقطاع في المسار يعمل على اجتذاب المشترين مرة أخرى إلى أسواق الأسهم والسندات. قال ديفيد تان، الرئيس العالمي للأسعار في "جيه بي مورجان لإدارة الأصول": "من المستحيل تقريبا معرفة القيمة العادلة للسندات الإيطالية، لأنها تخضع حاليا لسيطرة السياسة وكذلك المشاعر السيئة للغاية وانعدام السيولة تقريبا. علينا المراقبة من على بعد بينما تأكل النار بعضها". وكان شراء السندات السيادية للبلدان الطرفية، خاصة إيطاليا، شائعا جدا لدى الصناديق الأوروبية الكبرى منذ بداية العام، بحسب ما قال مدير صندوق امتنع عن الكشف عن اسمه. وأضاف: "كان هناك انتعاش في التدفقات الداخلة واردة من مديري الأصول في كل أنحاء أوروبا. وكانت علاوة المخاطر متدنية جدا". بالتالي الافتقار إلى علاوة مخاطر ترك – كما هو متوقع – مالكي السندات مكشوفين، حين أخذت العائدات الإيطالية في التحول صعودا في وقت سابق من هذا الشهر. وفي الوقت الذي تسارعت فيه عمليات البيع في الأيام الأخيرة، شعر كثير من المستثمرين بالصدمة بسبب التطورات السياسية المتسارعة، ما أدى إلى ترددهم في التداول. وحدد مستثمر في شركة أوروبية كبيرة لإدارة الأصول ثلاثة عوامل يمكن أن تساعد على تخفيف المزاج المحموم في الأسواق: "التقييمات التي تبرز المشترين المحليين، أو الاستقرار في حركة الأخبار، أو إجراء يتخذه البنك المركزي الأوروبي - رغم أن ذلك غير مرجح إلى حد بعيد". المجال محدود أمام البنك المركزي الأوروبي للمناورة. منذ كانون الثاني (يناير)، كان البنك يشتري عددا أقل من السندات في إطار برنامج التسهيل الكمي، وكان متوقعا أن يضع حدا لهذه التدابير الداعمة في وقت لاحق من هذا العام. وبحسب ألبرتو جالو، من شركة ألجيبريس للاستثمارات، الذي تحول في الأسابيع الأخيرة من امتلاك السندات الإيطالية إلى اتخاذ مركز دائن صاف: "عادة في مثل هذه المرحلة، يمكن أن يتدخل البنك المركزي الأوروبي، لكن ربما نكون في طريقنا نحو مواجهة صريحة بين البنك المركزي الأوروبي والأحزاب الشعبوية الإيطالية". حتى الارتفاع المفاجئ في العائدات قد يتبين أنه غير مشجع في هذه المرحلة الحرجة. قال أحد مديري صناديق التحوط في لندن، إنه بدأ في التداول على المكشوف في السندات الإيطالية الأسبوع الماضي، لكنه كان مترددا في اتخاذ مركز كبير، بسبب حالة اللبس السياسي المستمرة. واعتبر أن الارتفاع في عائدات السندات الإيطالية ذات الأجل القصير يجعلها تبدو جذابة ظاهريا، لكن للسبب نفسه لم يكن راغبا في الشراء. وتابع: "ما نشهده الآن في السندات الإيطالية يبدو وكأنه إضراب من جانب المشترين، والمصارف الإيطالية لا يبدو أنها مستعدة للتدخل ودعم السوق". وأردف: "صناديق التحوط الكبيرة جميعها تتخذ مراكز مكشوفة، لكن في الوقت الراهن لا يبدو أن هذا يتم على نطاق واسع جدا". خلافا لما حصل أثناء أزمة ديون منطقة اليورو في عام 2011، كان تعرض المستثمرين خارج منطقة اليورو للسندات السيادية الخاصة بالبلدان الطرفية محدودا، ما يشير إلى احتمال أن تكون الخسائر أكثر تركيزا على الصعيد الإقليمي مما كانت عليه في الماضي. قال جيوفاني مونتالتي، المحلل لدى بنك يو بي إس: "يشير أنموذج اقتناء السندات إلى أن عمليات البيع الخارجية لن تكون طويلة الأمد كما كانت في 2010 و2011، الأمر الذي ينبغي أن يحقق استقرارا ظاهريا في نهاية المطاف". لكن في الوقت الذي يحتمل أن يكون فيه إجراء انتخابات جديدة بمنزلة استفتاء حول عضوية إيطاليا في اليورو، يصبح مصدر القلق هو أن العائدات الإيطالية لا يزال أمامها مزيد من المجال للارتفاع قبل أن يظهر المشترون في منطقة اليورو. وكان مزاد عقد يوم الثلاثاء على سندات قيمتها 5.5 مليار يورو لأجل ستة أشهر توضيحا ملفتا لمدى سرعة تغير المشاعر. فقد جاء المزاد بعائدات بلغت نسبتها 1.213 في المائة، بينما كانت عائدات سندات لأجل ستة أشهر باعتها إيطاليا في نهاية نيسان (أبريل) سالب 0.42 في المائة. ومع 270 مليار يورو من السندات التي يحل أجلها مع نهاية هذا العام، تحتاج إيطاليا إلى إعادة تمويل 14 في المائة من إجمالي قروضها مع بداية 2019. وعلى الرغم من أن العائدات لا تزال متدنية بحسب المقاييس التاريخية، إلا أن عملية البيع المكثف سيكون لها أثرها على تكاليف خدمة الديون في البلاد - ما ينذر بتهديد آفاقها المالية والاقتصادية. خلال عطلة نهاية الأسبوع أشار رئيس إيطاليا، سيرجيو ماتاريلا، إلى وجود "مستثمرين يشعرون بالقلق" عندما ألغى تعيين وزير مالية من المناهضين للتكامل الأوروبي. وانقضت 48 ساعة وكان ما زال من الصعب العثور على كثير من المستثمرين الواثقين من أنهم يعرفون كيفية احتساب المخاطر السياسية في البلاد.Image: category: FINANCIAL TIMESAuthor: كيت ألان ومايلز جونسون من لندنpublication date: السبت, يونيو 2, 2018 - 20:00

مشاركة :