قال وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم، أمس السبت، إنه يجب أن تنسحب القوات الأمريكية من قاعدة التنف في جنوب سوريا، مضيفاً «نحن لم ننخرط بعد بأي مفاوضات تتعلق بجبهة الجنوب». ودافع المعلم عن الوجود الإيراني في سوريا معتبراً أنه «شرعي»، لأنه جاء بطلب من النظام السوري، «على عكس القوات التركية والأميركية الموجودة في البلاد بشكل غير شرعي». وأوضح المعلم أن دمشق لم تنخرط حتى الآن في أي مفاوضات مرتبطة بالجبهة الجنوبية، مطالباً بضرورة انسحاب القوات الأميركية من قاعدة التنف في البادية السورية. وأضاف في مؤتمر صحافي أن الحكومة تواصلت مع قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من الولايات المتحدة، ولكن عملية التفاوض لم تبدأ. وتابع «الرقة ما زالت في قلوبنا ويجب إعادة إعمارها وتحريرها من أي وجود غريب عن سكانها»، في إشارة إلى مدينة الرقة الواقعة تحت سيطرة قوات «سوريا الديمقراطية». وربط المعلم أمس السبت، دخول نظامه في مفاوضات حول جنوب البلاد التي تسيطر الفصائل المعارضة على أجزاء منها بانسحاب القوات الأميركية من منطقة التنف القريبة من الحدود العراقية والأردنية. وأرسل جيش النظام السوري خلال الأسابيع الماضية تعزيزات عسكرية إلى الجنوب، وألقى منشورات دعت الفصائل المعارضة إلى الموافقة على تسوية أو مواجهة عملية عسكرية. وتزامنت التطورات مع دعوة روسيا كلا من الأردن والولايات المتحدة إلى لقاء قريب لبحث مستقبل جنوب سوريا، كما تشاورت في المسألة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وتسيطر الفصائل المعارضة على أجزاء واسعة من محافظتي درعا والقنيطرة. وأضاف المعلم «لا تصدقوا كل التصريحات التي تتحدث عن اتفاق بشأن الجنوب ما لم تروا أن الولايات المتحدة سحبت قواتها من قاعدة التنف، ويجب أن تسحب قواتها من قاعدة التنف»، موضحاً «عندما تنسحب الولايات المتحدة من التنف، نقول إن هناك اتفاقاً». وتابع «نحن نسعى في البداية لحل هذه المسألة بالطرق التي تعودنا أن نعمل بها وهي المصالحات، وإذا لم تكن مجدية، لكل حادث حديث». وتستخدم الولايات المتحدة قاعدة في منطقة التنف لتنفيذ عمليات ضد تنظيم «داعش». وكانت استخدمتها سابقاً لتدريب مقاتلين سوريين معارضين. وشهدت المنطقة العام الماضي مواجهات بين القوات السورية وتلك المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن. وحذرت الولايات المتحدة الشهر الماضي النظام السوري من القيام بأي نشاط يهدد «وقف إطلاق النار» في جنوب سوريا. وتشكل أجزاء من محافظات درعا والقنيطرة في جنوب سوريا إحدى مناطق خفض التوتر، التي نتجت عن محادثات أستانا برعاية تركية وإيرانية وروسية. واتفقت روسيا مع الولايات المتحدة والأردن في تموز/يوليو على وقف إطلاق النار فيها. وقادت روسيا في مناطق عدة شهدت عمليات عسكرية أو كانت مهددة بعمليات عسكرية من قوات النظام، مفاوضات مع الفصائل المعارضة انتهت باتفاقات لخروج المقاتلين المعارضين، غالباً مع أعداد كبيرة من المدنيين، من هذه المناطق. من جانب آخر، بدأ وفد من المعارضة السورية المقربة من دمشق، زيارة إلى مدينة القامشلي ذات الغالبية الكردية في شمال شرق البلاد تأتي عقب تصريحات لبشار الأسد هدد فيها باستخدام القوة لاستعادة مناطق سيطرة قوات «سوريا الديمقراطية». ويلتقي الوفد خلال زيارته النادرة والتي تستمر أياماً مع مسؤولين أكراد من تيارات عدة. وقال مسؤول كردي فضل عدم الكشف عن اسمه لوكالة (فرانس برس): «هذه الزيارة بالطبع بالتشاور مع النظام السوري (...) ومحاولة للتوصل إلى مكسب سياسي في المنطقة بعدم إعطاء التحالف الدولي الشرعية لوجوده في الشمال السوري»، مضيفاً «الوفد يحاول لعب دور الوسيط بين الإدارة الذاتية والأحزاب الكردية من جهة والنظام السوري من جهة ثانية». وتأتي الزيارة عقب تصريحات للأسد الخميس وضع فيها قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن أمام خيارين؛ المفاوضات، و«إذا لم يحدث ذلك، سنلجأ إلى تحرير تلك المناطق بالقوة بوجود الأميركيين أو بعدم وجودهم». وتعترف دمشق ببعض الأحزاب التي تعدها «وطنية» وتشكل غالبيتها بعد العام 2012. وتقدم تلك الأحزاب نفسها كمعارضة، إلا أن أطياف المعارضة في الخارج تعدها مجرد امتداد للنظام. واعتبرت عضو الوفد ميس كريدية من «الجبهة السورية الديمقراطية»، أحد أحزاب الداخل المقبولة من دمشق، أن «من حسن حظنا أن الزيارة نضجت بالتزامن مع هذه التصريحات لأنه لا بد من البناء على ورقة سياسية، وهذه التصريحات (...) يجب أن تُفهم بأنها دفع باتجاه عملية سياسية». وأضافت «أعتقد أن الرئيس الأسد فتح بوابة المفاوضات وإن كان في لغة تهديدية لم يكن مُستهدفًا فيها السوريين؛ بل لغة مستهدفًا فيها الأميركيين والتدخلات الخارجية».
مشاركة :