بدأ مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث أمس مشاوراته ضمن الجولة الثانية مع قيادات الميليشيات الحوثية في صنعاء وذلك قبيل تقديم إحاطته إلى مجلس الأمن هذا الشهر بخصوص الإطار العام لمفاوضات السلام التي تدفع الأطراف الدولية والإقليمية إلى استئنافها بين الجماعة الانقلابية والحكومة الشرعية. وفيما اشترط القيادي في الجماعة محمد علي الحوثي وهو رئيس ما تعرف باللجنة الثورية العليا وابن عم زعيم الجماعة، تأمين دفع مرتبات الموظفين الخاضعين في مناطق سيطرة الجماعة، قبل أي مشاورات مع المبعوث الأممي، عدّ مراقبون هذه التصريحات الحوثية نوعا من الاستهلاك الإعلامي، ومحاولة لاستعطاف قطاع الموظفين الذي حرمته الجماعة نفسها من الرواتب منذ 19 شهرا، متعللة بنقل البنك المركزي إلى عدن.وجاء الاشتراط الحوثي على المبعوث الأممي غريفيث في تغريدة على «تويتر» مشفوعا بتهديد إضافي بأن الجماعة ستفشل مساعي غريفيث الحميدة، كما أفشلتها من قبل مع سلفه الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد.وذكرت المصادر الرسمية للجماعة الحوثية بأن غريفيث التقى أمس وزير خارجية حكومة الانقلاب الحوثية غير المعترف بها هشام شرف ونائبه الحوثي حسين العزي، والذي يعد هو الحاكم الفعلي لقرارات خارجية الجماعة، وليس هشام شرف المحسوب على عناصر «المؤتمر الشعبي» التي استمرت في الخضوع للجماعة بعد مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح. في غضون ذلك، أفادت مصادر مطلعة في صنعاء بأن قادة الجماعة يكثفون المساعي لدى المبعوث الأممي من أجل هدنة يأمنون فيها على حياتهم، بعدما أصبحوا هدفا لمقاتلات تحالف دعم الشرعية، كما يحاولون أن ينتزعوا منه تعليقات تدين مقتل رئيس مجلس حكمهم السابق صالح الصماد.كما أفادت مصادر في حزب «المؤتمر الشعبي» بأن الجماعة الحوثية تمارس ضغوطا على المبعوث الأممي غريفيث من أجل تعديل جدول زيارته بحيث تقتصر على قيادات الجماعة دون اللقاء بقيادات الحزب. وذكرت المصادر الحوثية أن هشام شرف أبلغ غريفيث أثناء لقائه أن قادة الجماعة ما زالوا يدعمون المساعي الحميدة للوصول إلى تسوية سياسية سلمية، غير أنهم مستاءون لمقتل الصماد، ومن التصعيد العسكري من قبل القوات الشرعية والتحالف الداعم لها في الساحل الغربي. وزعمت المصادر الحوثية نفسها أن المبعوث الأممي مارتن غريفيث أكد أنه لا يوجد حل عسكري وأن الحل السياسي هو الخيار الوحيد، كما نسبت لغريفيث قوله أنه يعمل في سياق «وضع ملامح خطة عمل متكاملة للتسوية السياسية السلمية في اليمن ويأمل بدءها في القريب العاجل، بخاصة أن هناك تفهما إقليميا ودوليا بأن الحل للمعضلة اليمنية ممكن جداً ولن يكون إلا عبر الحل السياسي».ومن المقرر أن تشمل لقاءات غريفيث في صنعاء قيادات الجماعة، وقيادات حزب «المؤتمر» الخاضعين لها، وسط أنباء بأنه بصدد أن يعرض على الميليشيات تسليم الحديدة ومينائها طوعا للقوات الحكومة والشرعية، مقابل التزام الحكومة بدفع المرتبات، وهي الخطة ذاتها التي كانت الجماعة رفضتها من المبعوث الأممي السابق ولد الشيخ.وسيعرض غريفيث الإطار العام للحل الأممي المقترح خلال إحاطته المقررة أمام مجلس الأمن في الـ18 من الشهر الجاري، حيث سيطلب دعم المجلس من أجل بدء المفاوضات بين الأطراف اليمنية، بما فيهم الحكومة الشرعية والانقلابيون الحوثيون، غير أنه لم يتحدد بعد المكان الذي سيستضيف المفاوضات.وفي الوقت الذي يسود تفاؤل في الأوساط الدولية والإقليمية بإمكانية نجاح غريفيث في مهمته، تطغى في الأوساط اليمنية حالة من عدم الثقة في جدية الميليشيات الحوثية، في تحقيق السلام وإنهاء الانقلاب، وتسليم السلاح والانصياع للقرارات الدولية.ويرى كثير من المراقبين اليمنيين، أن عقيدة الجماعة الحوثية تقوم في الأساس على رفض الاعتراف بالآخر والتعايش معه، فضلا عن كونها امتدادا للمشروع الإيراني الطائفي في المنطقة، وبالتالي فهي - بحسب المراقبين - جماعة لا يمكن أن تجنح للسلام في ظل تمترسها خلف سلاحها وأفكارها الطائفية.
مشاركة :