يواصل القادة السياسيون العراقيون إقامة مآدب الإفطار للقاء بعضهم بعضاً والبحث في تعقيدات تشكيل الحكومة المقبلة، لكن تلك اللقاءات التي كان يعوَّل عليها في كسر البروتوكولات وتجاوز الخلافات الداخلية، لم تنجح في فك «شيفرة» الكتلة الأكبر التي تشكل الحكومة المقبلة، وإن نجحت إستراتيجيا المآدب في جمع السفير الأميركي ببغداد دوغلاس سيليمان مع زعم تيار «الفتح» هادي العامري، في خطوة نادرة. وتفيد معلومات بأن زعماء الكتل السياسية وقياديين فيها يجرون لقاءات مكوكية، على هامش مآدب إفطار تُنظم بالتتابع، للبحث في فك تعقيدات تشكيل الحكومة الجديدة. وتتحدث مصادر مقربة من أجواء تلك الحوارات، عن ثلاثة أنواع من التحديات تواجه الحوارات وتعرقلها، أبرزها عدم وجود اتفاق على شكل الكتلة الأكبر، في حال كانت شيعية كاملة أم متنوعة، والثانية شكل الحكومة المقبلة في حال كانت حكومة غالبية سياسية أم وحدة وطنية، بالإضافة إلى رئيس الحكومة. ويبدو وفق تلك المصادر، أن اللقاءات المختلفة لم تتمكن من كسر الجمود في الملفات المختلفة، لكنها تعتقد أن الكفة بدأت تميل، بدعم إقليمي ودولي، نحو حكومة الوحدة الوطنية، التي ما زال زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي فازت كتلة «سائرون» بدعم منه، يعارض تشكيلها ويصر على أن تكون الحكومة المقبلة من «التكنوقراط». ومع أن رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي ما زال الأوفر حظاً للحصول على ولاية ثانية بدعم من الصدر وباتفاق معظم القوى السياسية الأخرى، فإن الخلافات داخل حزبه «الدعوة» لم تُحسم بعد في شأن تعريض الحزب لانشقاق متوقع. ووفق المعطيات المتوافرة، فإن تشكيل العبادي حكومة بمعزل عن «الدعوة» سيعني انشقاقه عن الحزب، أو انشقاق زعيم الحزب نوري المالكي، فيما الطروحات حول سحب الاسمين وترشيح اسم ثالث من «الدعوة» لا تحظى بقبول القوى الأخرى، كما أن الحزب الذي احتفظ بمنصب رئيس الوزراء منذ عام 2005، قد يفقد هذا المنصب. في المقابل، فإن الجانب الأميركي الذي بدا للوهلة الأولى داعماً لتحالف العبادي– الصدر، يبدو أنه يوسع خياراته، خصوصاً مع تأكيد الصدر عدم تعامله مع الأميركيين. إذ نجحت مأدبة إفطار أقامها زعيم قائمة «الفتح» المقربة من إيران، في استقطاب السفير الأميركي في بغداد والسفير الياباني فوميو إيواي. كما نقلت أنباء، عن اجتماعات حضرها مسؤولون أميركيون، على هامش مأدبة إفطار أقامها زعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي، أنها ضمت عدداً من قيادات الكتلة. في هذه الأثناء، نظم قيس الخزعلي، زعيم «عصائب أهل الحق» التي وُضع جناحها العسكري أخيراً ضمن قائمة أميركية للمجموعات الإرهابية، مأدبة إفطار لمجموعة من الإعلاميين أكد خلالها، وفق بعض الحاضرين، رغبته بممارسة العمل السياسي، والانفتاح في العلاقات الداخلية والخارجية. وتشير هذه المتغيرات إلى رغبة القوى الأكثر قرباً من إيران، بإبداء مرونة حول شكل الحكومة المقبلة وآليات تشكيلها، في مقابل عدم إبعادها إلى المعارضة كما ألمح الصدر في لقاءاته وتصريحاته بعد إعلان نتائج الانتخابات. وتقر القوى السياسية المختلفة بأن الخلافات حول نتائج الانتخابات والشكاوى والطعون المقدمة وتأخر مصادقة المحكمة الاتحادية، تعرقل فتح حوارات جدية ونهائية حول الحكومة، إذ من المتوقع أن تصدر الهيئة القضائية المكلفة النظر في الطعون الانتخابية، سلسلة قرارات قد تفضي إلى إلغاء مراكز انتخابية معظمها في الخارج، وتحقيق تغييرات وصفت بأنها «طفيفة» في المقاعد. وكان رئيس الجمهورية فؤاد معصوم اجتمع أمس مع نوابه المالكي وأياد علاوي وأسامة النجيفي للبحث في نتائج الانتخابات وأزمة المياه التي تفجرت بعد تشغيل تركيا سد «السو» على نهر دجلة. وأفاد بيان رئاسي: «تم في الاجتماع تأكيد أهمية النظر، من السلطات القضائية المختصة، في كل الطعون والاعتراضات وشكاوى التلاعب بالنتائج المقدمة إليها، بما يحقق العدالة ويؤمن نتائج تحفظ حقوق الجميع وتحترم إرادة الناخبين وتساعد في الوصول إلى مجلس نواب وحكومة قويين ودستوريين». وفي ما يخص مشكلة المياه مع الجارة تركيا، أكد الاجتماع «أهمية النظر بمسؤولية إستراتيجية إلى هذه المشكلة، ومواصلة الحوار مع السلطات التركية المختصة على أساس المصالح المشتركة، وبما يضمن تحقيق العدالة في الثروة المائية».
مشاركة :