«صفقة» الجنوب السوري: القوات الأميركية مقابل قوات إيران و«حزب ال...

  • 6/5/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

اتفقتْ روسيا مع دمشق وحلفائها على خطة الجيش السوري لتحرير ما تبقى من جنوب سورية في درعا والقنيطرة، وستتمّ مناقشة الاتفاق هذا الأسبوع مع كبار مسؤولي المؤسسات الديبلوماسية والعسكرية الروسية - الأميركية - الأردنية بمباركة دمشق وطهران لجهود موسكو ومهارات التفاوض لديها. تقول مصادر قريبة من دمشق لـ«الراي»: إن «الصفقة واضحة، تقوم على أساس انسحاب الولايات المتحدة من معبر التنف وإلا لن يكون هناك أي اتفاق. وفي هذه الحال (لا اتفاق)، سيطلب الجيش السوري من حلفائه تحرير الجنوب. وقد ألقت روسيا الكرة في الملعب أميركا لتقرّر: إما أن تذهب للحرب مع إسرائيل ضدّ الجيش السوري في الجنوب وإما تسحب قواتها المحتلّة للمعبر التجاري بين سورية والعراق».ويَجْمع الجيش السوري قوات كبيرة لتحرير الجيب الأخير المحتل جنوب العاصمة دمشق حيث تتواجد قوات «داعش» (تحت اسم جيش خالد بن الوليد) ومتطرفون آخرون وحلفاؤهم. ويحتل هؤلاء جزءاً من الجنوب السوري والحدود مع إسرائيل والأردن.وتتطلع دمشق وعمان إلى رؤية الجيش السوري يستعيد السيطرة على الحدود وإعادة فتح معبر «نصيب» لاستئناف العمل بأحد أهمّ مصادر الدَخل للبلديْن.وتتجه إسرائيل إلى روسيا - وليس الولايات المتحدة - لطلب ضمانة عدم وجود قوات لإيران وحلفائها، وأهمهم «حزب الله»، ومنْعهم من استحداث قواعد عسكرية على الحدود السورية معها حيث تعتقد اسرائيل ان هؤلاء يستطيعون استخدام هذه الحدود كمنصة لمهاجمتها في المستقبل.ووفقاً للمصادر، فقد اتفقت روسيا وايران على الخطوة التالية التي يجب اتخاذها لتحرير الجنوب: لن تُستجاب مطالب إسرائيل مجاناً، والثمن «انسحاب الاحتلال الأميركي من معبر التنف».وتضيف المصادر ان «القوات الأميركية تحتل جزءاً من شمال سورية والمعبر التجاري الشرقي بين سورية والعراق في التنف. ولا توجد أي مصلحة أو فائدة مباشرة لوجود قوات أميركية في سورية باستثناء خدمة مصالح إسرائيل والسيطرة على معبر تجاري يمْنع انتعاش الاقتصاد السوري. وقد درّبت أميركا الآلاف من المقاتلين السوريين بغرض مهاجمة الأراضي السورية من دون اي جدوى استراتيجية اليوم. ولهذا السبب تتوقع روسيا وحلفاؤها ان تمارس تل أبيب الضغط على واشنطن لسحب قواتها من التنف مقابل(راحة بال) اسرائيل على الحدود».ومع ذلك هناك سيناريوهات عدة، حسب المصادر:1- إسرائيل تقبل انسحاب أميركا من التنف ويسيطر الجيش السوري على الجنوب بعد مهاجمة المتطرفين وحلفائهم.2- إسرائيل ترفض ان يهاجم الجيش السوري وحلفاؤه الجنوب. وإذا تدخلت اسرائيل بقصفها للقوات المهاجِمة فقد فرضت دمشق وحلفاؤها قاعدة اشتباك جديدة تضرب أهدافاً اسرائيلية في هضبة الجولان وما بعد الجولان. وهل الجبهة الداخلية الاسرائيلية حاضرة لحرب جديدة؟3- إسرائيل وأميركا ترفعان مستوى المطالب وتضعان على طاولة المفاوضات انسحاب كل القوات الإيرانية والحليفة من كل سورية. وهذا طلب مستحيل الموافقة عليه حتى من قِبل روسيا. فإيران تتواجد في سورية منذ أن سمح لها الرئيس الراحل حافظ الأسد بذلك سنة 1982 لتساعد اللبنانيين بالوقوف ضد الاحتلال الاسرائيلي. بالإضافة إلى ذلك، طلب الرئيس الاسد سنة 2013 مساعدة ايران وحلفائها قبل سنتين من التدخل الروسي. كما ان إيران وسورية عضوان في «محور المقاومة» (ومعهم «حزب الله») وهم متفقون على جميع القضايا السياسية والعسكرية المتعلقة بالحرب في سورية. وهذا الانسجام غير موجود مع موسكو على كل النقاط. وبالتالي فإن موسكو ليست في موضع مطالبة الحكومة السورية بفرض انسحاب ايراني من سورية مقابل ثمن يمكن أن يفرضه الجيش السوري مع أو من دون توافق مع اسرائيل.وبالتالي، فإن لدى اسرائيل مساحة محدودة للمناورة: الذهاب الى معركة ذات عواقب غير محسوبة ضد «محور المقاومة» ودفْع الأسد ليصبح أكثر عدائية ومستعداً لضرب إسرائيل والانتقال من الدفاع الى الهجوم، حسب المصادر.في مقابلته الاخيرة، قال الأسد ان خياره الوحيد هو «تحسين الدفاع الجوي، وهذا هو الشيء الوحيد الذي يمكننا القيام به ونحن نفعل ذلك». ولكن بالنسبة «لمحور المقاومة» يُعتبر موقف الأسد دفاعياً ولا يلبي الطريقة التي يجب أن تُواجَه بها اسرائيل. وترغب ايران وحلفاؤها في إظهار موقف أكثر عدائية تجاه اسرائيل. وبالتالي فإن خيار تواجد الجيش السوري مقابل مرتفعات الجولان المحتلة وعلى خط ترسيم العام 1974 هو لمصلحة تل أبيب.وتقرّ المصادر بوجود اختلافات في الطريقة التي تتعامل بها روسيا مع الملف السوري حيث تتباين في بعض الأماكن مع حلفائها المقربين من دون إفساد العلاقة في ما بينهم. وتودّ روسيا المضي قدماً في المصالحة السياسية في أسرع وقت وتطلب من دمشق معاودة صوغ الدستور ورؤية أميركا خارج التنف لتبقى قوات الاحتلال التركي والأميركي في الشمال حصراً.وتجزم المصادر بأن سورية لن تطلب من إيران وحلفائها الانسحاب إلا عندما ينتهي الخطر. وكذلك تعتزم دمشق مراجعة الدستور - وليس معاودة كتابته كما تريد موسكو - والسعي الى سحب كل قوات الاحتلال من الشمال السوري.وبغض النظر عن الوقاحة الاسرائيلية التي تحاول فرض ما تستطيع أو لا تستطيع سورية فعْله على أراضيها، فإن الأمر المؤكد ان كلاً من روسيا و«محور المقاومة» يريدان تحرير الجنوب ويوافقان على ابتعاد إيران وحلفائها عن الحدود. ويبدو ان هذا «المحور» مرتاح لهذه الفكرة لأنه واثقٌ من ان القوات السورية المحلية - بعد أكثر من 7 سنوات حرب - مجهَّزة ومدرَّبة وتملك الايديولوجية اللازمة للسير على مسار هذا «المحور» في ما يتعلق بالعداء لاسرائيل.ولكن الآن فإن رأس الولايات المتحدة في التنف وُضع على صحن، وهو «الثمن» غير القابل للتفاوض، تختم المصادر.

مشاركة :