دمشق – تطرح خارطة الطريق التي أعلنت كل من واشنطن وأنقرة الاتفاق بشأنها حول منبج السورية، الكثير من التساؤلات لعل أهمها هل قررت الولايات المتحدة التخلي عن حليفتها، وحدات حماية الشعب الكردي؟ وما موقف روسيا من هذه الخارطة؟ وهل يأتي الاتفاق في سياق تفاهم أشمل لتسوية الأزمة السورية؟ أم أنها خطوة لإعادة خلط الأوراق في شمال البلاد؟ وأعلنت الولايات المتحدة وتركيا، في بيان مشترك عقب اجتماع وزيري خارجية البلدين في واشنطن الاثنين أنهما أقرتا خارطة طريق لمدينة منبج في محافظة حلب شمال سوريا وأكدتا التزامهما المشترك بتنفيذها. وقال البيان إن وزيري الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو ونظيره الأميركي مايك بومبيو ناقشا أيضا مستقبل التعاون بين بلديهما في سوريا والخطوات التي يتعين اتخاذها لضمان الاستقرار والأمن في منبج. واتفق الوزيران أيضا على عقد المزيد من الاجتماعات لحل المشاكل الحالية بينهما وقالا إن البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي مازالا ملتزمين بمعالجة مخاوفهما المشتركة “بروح الشراكة بين الحلفاء”. وكان وزير الخارجية التركي قد أعلن في وقت سابق أن مباحثاته الثنائية مع نظيره الأميركي مايك بومبيو مثمرة جدا. ويأتي اللقاء بعد اجتماع تقني بين الطرفين عقد في أنقرة قبل أيام، أعلنت عقبه تركيا التوافق على خارطة طريق سيتم اتباعها في منبج تقوم على انسحاب وحدات حماية الشعب التي تسيطر على المدينة إلى شرق نهر الفرات، وهو ما نفاه الجانب الأميركي آنذاك. وقبيل زيارته إلى واشنطن الأحد صرح جاووش أوغلو أنّه سيناقش، في لقائه مع نظيره الأميركي، عدة مواضيع؛ على رأسها إخراج مقاتلي “وحدات حماية الشعب” من مدينة منبج، وإرساء الاستقرار في المنطقة، وتحديد من سيتولى إدارتها، إلى حين التوصل إلى حل سياسي في سوريا. التعاون بين الولايات المتحدة ووحدات حماية الشعب في شمال سوريا وشرقها ضد تنظيم داعش شكل أحد الأسباب الرئيسية في تدهور العلاقات التركية الأميركية، حيث أن أنقرة تعتبر الوحدات تنظيما إرهابيا يشكل تهديدا على أمنها ولفت الوزير التركي إلى أنّ الاجتماع سيحسم من سينضم إلى قوات الأمن التي سيتم إنشاؤها في منبج، والتحرّك بشكل مشترك مع الولايات المتحدة في هذا الموضوع، فضلا عن وضع خارطة طريق زمنية لتنفيذ الاتفاق. وأضاف جاووش أوغلو، أنّ “الأمر لن يقتصر على منبج، ففي حال نجاح نموذج منبج سيتم تطبيقه على المناطق الأخرى التي تسيطر عليها عناصر الوحدات الكردية”. وكشفت وكالة “الأناضول” التركية الرسمية، الأربعاء الماضي، عن تفاصيل الخارطة التركية الأميركية، التي تتضمن ثلاث مراحل بحسب الوكالة، تبدأ أولاها بعد التوقيع على الاتفاق بانسحاب الوحدات الكردية إلى شرق الفرات؛ والمرحلة الثانية بعدها بـ45 يوما، وتشمل انتشارا عسكريا وأمنيا تركيا- أميركيا في المنطقة؛ والمرحلة الأخيرة بعد الاتفاق بـ60 يوما، وتتضمن تشكيل مجلس محلي ومجلس عسكري يراعي “التوزيع العرقي” للمدينة. وشكل التعاون بين الولايات المتحدة ووحدات حماية الشعب في شمال سوريا وشرقها ضد تنظيم داعش أحد الأسباب الرئيسية في تدهور العلاقات التركية الأميركية، حيث أن أنقرة تعتبر الوحدات تنظيما إرهابيا يشكل تهديدا على أمنها. وأقدمت أنقرة في 20 يناير الماضي على شن عملية عسكرية أطلقت عليها “غصن الزيتون” استهدفت طرد الوحدات من عفرين في شمال سوريا، وتمكنت بعد أكثر من شهر من السيطرة على المنطقة بدعم من ميليشيات سورية، لتوجه أنظارها إلى منبج حيث توعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن تكون المحطة التالية في حال لم يتم التوصل إلى تسوية مع الولايات المتحدة. ويرجح البعض من الملاحظين أن تكون خارطة الطريق التي تم التوصل إليها تأتي في سياق ترتيبات متسارعة تحصل في منطقة الشمال السوري، مشيرين إلى أن روسيا غير بعيدة عنها، حيث هناك اليوم اتفاقات بدأ تنفيذها على الأرض بين الروس والأتراك في المناطق المجاورة لمنبج، وتحديدا في تل رفعت، حيث سجل مؤخرا انسحاب للقوات النظامية التي سبق وأن تسلمت المدينة من وحدات حماية الشعب الكردي، في خضم العملية العسكرية التي استهدفت عفرين. ويقول هؤلاء إنه من الصعب التكهن بطبيعة هذه الاتفاقات ومن ستؤول إليه مهمة السيطرة على الأرض، ولكن الأيام والأسابيع المقبلة قد تجيب عن التساؤلات حيال ما يحدث في هذا الشطر السوري.
مشاركة :