«الأندية الأدبية».. الكم أم الكيف في طباعة الكتب؟

  • 6/5/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

الأندية الأدبية مؤسسات ثقافية ترعى الأدب والأدباء، يتجه إليها كل محب للحرف ويقصدها كل عاشق للكلمة، هذه الأندية على امتداد الوطن هي راعي الثقافة ومنتجها أيضاً بتبني فكرة طباعة الكتب منذ أمد وما زالت كذلك. فتتنوع إصداراتها بتنوع زوارها ومرتاديها وأطياف محبيها وعشاقها. تلك الإصدارات الفكرية منها والأدبية والعلمية وفقاً لهذا التنوع المجتمعي الذي يحيطها والذي يقصدها منه أطياف بين الحين والحين، تجد التنوع في العناوين والكم في الطباعة بشكل واضح. إن لم يكن في كل الأندية ففي بعضها أو جلها، وهذا مما عزاه بعض النقاد والأكاديميين إلى المحسوبية والعلاقة، ومما يؤدي إلى تغلب الكم وعندئذ تدني مستوى الكيف في إصدارات الأندية الأدبية مما عجل برحيل المبدع والمفكر الحقيقي، آراء مختلفة حول ذلك تقرأونها في هذا التحقيق.. حكم جائر حيث قال الشاعر أحمد الحربي رئيس نادي جازان الأدبي سابقاً أن الأندية الأدبية مؤسسات ثقافية ترعى الأدب والأدباء بكافة أطيافهم، وترعى إبداع الأجيال الصاعدة من الموهوبين والموهوبات، تقدمهم للمنابر وتطبع نتاجهم البكر. وأضاف: بعض المتابعين للحركة الثقافية يرون أن الأندية تتسابق في طباعة الكتب بغزارة مقدمة الكم على حساب الكيف، قد تكون هذه النظرة صحيحة عند بعض الأندية وغير صحيحة في أندية أخرى، فالمتلقي هو من يحكم على النتاج المقدم من هذا النادي أو ذاك، ولا أعتقد أن هناك في المشهد الثقافي من توفرت له كل النتاجات المطبوعة من الأندية الأدبية، وبالتالي يكون هذا الحكم جائراً، على أنني لا أنفي وحود بعض المطبوعات الضعيفة التي لا تتفق مع مسيرة الأندية وخبرتها الطويلة في رعاية الأدباء وطباعة الكتب، وتنوعها وإثراء المكتبة السعودية على الأقل فضلاً عن المكتبة العربية، وأعرف حرص الأندية على تشجيع المواهب وإصدار الكتاب الأول للشباب المبدع. سباق محموم وقالت الكاتبة والقاصة مريم خضر الزهراني أن للأندية الأدبية أهدافاً ومن ضمن أهدافها هو نشر وإصدار الكتاب وطباعته، ولذلك فالإصدارات هي جزء من مهام وأهداف الأندية الأدبية، قطعاً الأندية الأدبية تبارت في سباق محموم للظفر بطباعة الإصدارات المتنوعة والمتعددة، وقد يكون بعضها أقل من المطلوب. وأشارت إلى أنه في كل الأندية الأدبية قاعدة عامة للإصدارات ألا وهي وضعها تحت مجهر الفحص والمراجعة والتدقيق والتحكيم، وذلك بالاستعانة بعدد من الأكاديميين والنقاد والمحكمين وأصحاب الخبرات وأصحاب الشأن لإجازة الطبع. وأضافت: الأهم من ذلك أن الأندية الأدبية نجحت إلى حدٍ ما في جعل الكتاب مادة جيدة متوفرة للمتلقي، والكيف ليس مفقوداً إلى درجة واضحة والكم يعد كماً جيداً نوعياً ومختصاً ويشمل الفنون الأدبية بكل ما يحتاجه المتلقي والباحث، ويدل على ذلك إصرار البعض من الكُتّاب بطباعة إصداراتهم بالأندية الأدبية ويتسابقون على ذلك. معيار محمود ونوهت د.أمل القثامي عضو مجلس إدارة نادي مكة الثقافي أن التسابق أمر محمود وجيد وفي رأيها أن كثرة إصدارات الأندية الأدبية لا تخضع لمعيار الكم والكيف فهي في أغلبها كتب مفيدة وإن كان البعض منها لا يلبي رغبات الشباب فهي غالباً متخصصة إلا أن هذا لا يجعلنا نصدر حكماً على أغلب مضامينها بأنه غير جيد وأن الكثرة تعني أقل جودة. وأشارت إلى أن المتلقي بالفعل هو الفيصل في هذا الأمر، مضيفة: والذي أعرفه من خلال اتصالي المباشر والدائم بأجنحة الأندية الأدبية بأنها كتبها تباع، وهناك متخصصون يسألون عن إصدارات الأندية، كما أني لاحظت بأن أغلب كتب الأندية هي لشباب وشابات سعوديات وطالبات دراسات عليا ومبدعين وإن كان نتاجهم متوسطاً في رأي البعض إلا أن هذا الجانب مهم في إصدارات الأندية ويجب أن نشجعه ونطالب بالمزيد منه. مشيرةً إلى أن الأندية الأدبية تنهض بدور كبير في مجال الإصدارات وتتحمل تكلفة الطباعة والنشر عن المبدع والمبدعة السعوديين وعلينا جميعاً الوقوف معها وعدم التقليل من هذا الدور العظيم. الأنا والمحسوبية من جانبها قالت د. إنصاف علي بخاري عضو هيئة تدريس بجامعة أم القرى: إنها لا تعتقد أن التسابق بين الأندية في كم الإصدارات هو الذي رجح كفة الكم على الكيف، ولكن الأنا والمحسوبية وخدمة المعارف في تصوري هو سبب تدني مستوى الكيف أو التكرار الممل في نوعية الإصدارات أو الأسماء التي يصدر لها مما يزهق الميزانية المخصصة بغير وجه حق وتصرف أحياناً على من بإمكانه أن يطبع كتبه على نفقته. وأبانت إلى أنه من المفترض أن تكون هناك لجنة لمتابعة مفكري المنطقة ومثقفيها ممن عرفوا بجودة إصداراتهم سواء أكانوا علماء أم شعراء أم كتاباً وليتنا نعود إلى زمن استكتاب الأجود منهم في الدراسات النقدية مثلاً أو في فروع المعرفة المختلفة مما تحتاجه الحياة المعاصرة حقا وتقل فيه الإصدارات أو تندر أو لا تلحق بحجم ما ينبغي متابعته ونقده وتجليته. وليت إصدارات النوادي تتجه هذا التوجه ضمن غائياتها لرعاية واحتضان المفكرين.  وأشارت إلى أنه لو جعل لكل نادٍ لجنة متابعة جيدة لأبرز مبدعي ومفكري منطقته  لكان ذلك تكريماً للشاعر والأديب والعالم والمفكر فمنهم من لم تطبع له الأندية إصداراً واحداً..  ومن المحزن حقاً أن يرحل الشاعر ويموت العالم ويودعنا الكاتب وملفاته وأوراقه في أدراجه؛ لأنه في عزلة يفرضها الإبداع ويتطلبها الإنتاج أو لأنه ليس عضواً في أحد الأندية أو ليست له علاقة نفعية بهذا أو ذاك والأندية مشغولة عنه وعن أمثاله بطباعة الرسائل الجامعية وكتب الأصحاب والأصدقاء ومنسوبي النادي. ويصير أن يرحل المبدع أو المفكر ذو القلم العفيف وما في يده ثمن قلم يتابع به الكتابة فضلا عن قيمة ما يطبع به نتاجه وأمثال هؤلاء أتصور هم الأحق.. ولكن للأسف! دراسة جادة من جانب آخر قال د. أحمد الهلالي: إنه لا يتذكر أن الأندية تتسابق نحو هذا الأمر، فالتسابق يعني أن هناك فائدة سيجنيها النادي كجائزة مثلاً أو ما شابهها، لكن ما أعلمه بحكم عملي في النادي الأدبي الثقافي بالطائف، وكباحث أنجزت دراسة (الأندية الأدبية، النشأة والتطور والأثر في تشكيل الوعي الثقافي)، أني لم ألمس هذا الأمر، فالأندية مؤسسات تتيح النشر لبعض المتقدمين بنتاجاتهم الأدبية والفكرية والثقافية، وفق آليات منظمة، والنتاجات الإبداعية والفكرية تختلف في مستوياتها من مؤلف إلى آخر، ومن ذائقة إلى أخرى، لكن المهم ألا نطلق التهم التعميمية على المؤسسات دون سند علمي وبحثي، ودراسات تُخضع المنتج المطبوع للتقييم، ومعرفة الخلل ومعالجته إن وجد. وأشار إلى أنه يتذكر فوز بعض إصدارات الأندية بكتاب العام في العامين الماضيين، فقد فاز كتاب الدكتور عالي القرشي (تحولات الرواية في المملكة العربية السعودية) من إصدارات نادي الباحة الأدبي بكتاب العام، وفاز كتاب المسرحي فهد ردة الحارثي (الجثة صفر) من إصدارات نادي الطائف الأدبي بكتاب العام، ما يدل على أن كتب الأندية تنافس كتباً أخرى كثيرة حتى حققت هذه الجائزة المهمة للمؤلفين، وهذا أيضاً لا ينفي نشر بعض الكتب متدنية المستوى، لكن الأمر يحتاج إلى دراسة جادة ومنصفة. أحمد الحربي د. أحمد الهلالي

مشاركة :