منصات عربية للكتب المسموعة بين الرفض والقبول

  • 6/6/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة- انطلقت على مستوى عالمي العديد من المنصات المخصصة للكتب المسموعة أشهرها: “utellstory”/”storytelling”/”audio book” بهدف فتح المجال أمام مختلف الشرائح العمرية والانتماءات العرقية حتى يتمكنوا من نشر إبداعاتهم وصورهم وأفلامهم وموسيقاهم بسهولة عبر الإنترنت. وأتاحت في الوقت ذاته الفرصة أمام الكثير من مسخدمي الشبكة العنكبوتية للتعرف على إبداعات وكتابات متنوعة بسلاسة ويسر. منصات عربية تم إطلاق بعض المنصات المثيلة على المستوى العربي منها “مسموع”، “اقرأ لي”، “مكتبتي”، “كتاب صوتي” و”رواة” وغيرها لتنفتح أمام المجتمع الثقافي نوافذ جديدة لتقديم ونشر الإبداع وتوسيع الجمهور، والوصول إلى الكثير من الفئات غير القادرة على قراءة الكتب أو شرائها لارتفاع تكلفة الكتب المطبوعة. وحازت منصة “رواة” للكُتب المسموعة على شهرة واسعة بين الشباب العربي، وقامت بتحويل قصص وروايات إلى أعمال درامية مسموعة، فضلا عن تقديم برامج إذاعية معلوماتية بشكل دوري. وأكد معتز صقر، المدير التنفيذي للمنصة، أن هناك حاجة ماسة لاستغلال أكبر للتكنولوجيا في توصيل الثقافة للفئات التي تواجه صعوبات في عملية القراءة. وأشار صقر في حديثة لـ”العرب” إلى أن ازدحام أوقات الكثيرين بسبب طول فترات العمل وصعوبة المواصلات وما ينتج عن ذلك من إهدار وقت كبير، يدفع البعض إلى التوقف عن المطالعة، وهو ما يصرف جمهورا من القراء المعتادين كل يوم على القراءة عن الإمساك بكتبهم المفضلة. التكنولوجيا تحرم البشر متعة تذوق الحروفالتكنولوجيا تحرم البشر متعة تذوق الحروف وأوضح أن نجاح المحتوى المسموع جاء نتيجة تيسيره على القراء للاطلاع على كتبهم دون عناء، فمن خلاله يمكن للقارئ المشغول، في زحمة المواصلات أو الكفيف غير القادر على قراءة المواد المطبوعة، الاستمتاع بما يريد والتعرف على المعلومة التي يبحث عنها في أي وقت. وتقدم “رواة” أنواعا متباينة من الفنون والإبداعات لمتابعيها، وتستعين بمذيعين ومؤديين على درجة عالية من إتقان اللغة العربية لقراءة المحتوى. ويتم إلقاء أصناف مختلفة من الشعر، وسرد قصص وروايات أدبية قديمة وحديثة، وتحويل مختارات منها إلى أعمال درامية. وتقوم المنصة أيضا بقراءة بعض المقالات والدراسات الأدبية والتاريخية الهامة واقتباسات لكبار الكتاب. ويقوم فريق العمل بتسجيل نصوص منتقاة من التراث وتقديمها للمستمع العربي، ومساعدة النشء على تلقي لغتهم العربية بشكل أيسر. وأوضح صقر أن عملية اختيار المذيعين والمؤديين دقيقة “نحن نختبر الراغبين في العمل للتعرف على المتميّزين بينهم في نطق اللغة العربية، ونقوم بتدريب أصحاب المواهب على الإتقان الأمثل للنطق وأسلوب الحديث الإذاعي، بواسطة مدربين محترفين”. وانطلقت المنصة الصوتية التي يديرها صقر، وتعمل بها مجموعة من الشباب العربي المهتم بالأدب والثقافة، من القاهرة في مايو 2016 مستهدفة الارتقاء بالذوق العربي من خلال نصوص مكتوبة بلغة راقية. وأضاف صقر “رأينا كمجموعة من الشباب المهتم بالثقافة العربية أن هناك تراجعا في مستوى الثقافة والتذوق اللغوي لدى الكثير من الشباب، ما دفعنا إلى تسجيل مجموعة من نصوص الشعر الجميلة، وبعض الكتابات النثرية، متفقين على مبدأ عدم التطرق لأي كتابات تخص الشؤون السياسية، وقمنا بعد ذلك بإذاعتها على شبكة الإنترنت من خلال ساوند كلاود (موقع ويب للموسيقى والأصوات يمكن لأي شخص من خلاله إنشاء الأصوات ومشاركتها)”. ولاقت الفكرة قبولا واسعا لدى الجمهور، ووصل عدد مستخدمي المنصة إلى أربعة ملايين مستخدم في فترة لم تتجاوز 22 شهرا. وتعود أسباب النجاح إلى أن استخدام موقع ساوند كلاود كان توجها صحيحا، لأنه مفضل لدى الشباب باعتباره أقل في استهلاك الإنترنت من موقع يوتيوب، كما كان لحسن الأداء واختيار مقاطع الشعر والنثر أثر واضح من جذب المستخدمين. وأد لفكرة حرية الاختيار يرفض بعض الشباب فكرة منصات الكتب المسموعة ويرون أنها تساهم في ترسيخ مفهوم الكسل لدى الناس والاعتماد الدائم على الغير في التثقيف والتعلم، ما يماثل ما تفعله شبكات التواصل الاجتماعي من إبعاد لفئات المجتمع عن التواصل الحقيقي. ويعتبر هؤلاء أن الفكرة تساهم في هجرة القراءة والحرمان من متعة تذوق الحروف في النصوص الأدبية، فضلا عن إخضاعها المتلقي لاختيارات المنصة الصوتية، ما يعني وأدها لفكرة حرية الاختيار في الثقافة. كما أنها تؤثر سلبا على مبيعات الكتب وتهدد صناعة النشر وتقلل نسب تشغيل المطابع. ويرى المناهضون أنها تكرس مبدأ تهميش المبدعين الفقراء الذين لن يتم عرض أعمالهم ونقل اقتباسات منها لأنهم غير قادرين على تمويل ذلك. وهناك فئة في المجتمع الثقافي، منهم الشيوخ والشباب أيضا، تشعر بمتعة امتلاك الكتاب الورقي وتحتفي بالورق المطبوع وبملمس الغلاف، وهي بالطبع تنظر لفكرة الكتاب الصوتي باعتباره إحدى التقاليع الحديثة التي تأخذ فترة من الاهتمام ثُم تخفت. وقال صقر “المنصات الصوتية بشكل عام لا يمكن أن تكون بديلا للقراءة، غير أنها تعمل على القيام بدور مساعد للقراءة التقليدية في نطاقات بعينها”، مؤكدا أن الفكرة لا تدعو إلى الكسل، وإنما إلى النشاط لأن بعض المتلقين يتعرف على نصوص أو كتابات لم يكن قد صادفها، ويدفعه ذلك إلى طلب المزيد، مضيفا ونحن “لا نقدم كتبا كاملة في الكثير من الحياة، غير أننا نقدم مقاطع بعينها تساهم في الترويج أكثر لبعض الكتب وتؤدي إلى زيادة في مبيعاتها”. وتبدو “رواة” أقرب لنشر فصول معينة من الكتب، وإذا تم نشر كتب كاملة فإنها تخضع لاستيفاء شروط بعينها، من حيث المستوى الفني والقيمة الأدبية، بالإضافة إلى أن إذاعة تلك الكتب تتم بشكل متوالي، ويظل المستخدم على اتصال دائم بالمنصة. وأكد صقر أنهم لا يتلقون أموالا من أديب أو كاتب بعينه لنشر أعماله صوتيا، ولديهم عدة معايير فنية، ولا يتم نشر أعمال كاملة إلا بالرجوع إلى أصحاب حقوق نشرها احتراما لحقوق الملكية الفكرية. الإنترنت تيسر لمستخدميها المطالعةالإنترنت تيسر لمستخدميها المطالعة وشهد العام الحالي نقلة نوعية لـ”رواة” تمثلت في تقديم عشرة برامج إذاعية خلال شهر رمضان بالتعاون مع منصة أخرى هي “كتاب صوتي”، أشهرها برنامج “نقص عليك”، ويتناول حكايات لأدباء وظرفاء ومشاهير من التراث العربي. كما أطلقت المنصة مسلسلا إذاعيا بعنوان “مسير العزم” يتناول محنة الإمام أحمد بن حنبل التي تعرض لها خلال العصر العباسي نتيجة ما عرف بـ”إشكالية خلق القرآن”، فضلا عن مسلسل “من نوادر العرب” ويضم نُخبة مميزة من الممثلين الجدد. توحيد صفوف المستهلكين كان العام الماضي شهد بدء العمل الدرامي للمنصة من خلال مسلسل عرض خلال شهر رمضان بعنوان “غموض الصحراء”. وأصبحت الشراكة والتنسيق بين المنصات الصوتية ضرورة في تصور صقر، لأن هناك منصّات متميزة في مجالات بعينها، ويضمن خلق مشروعات مشتركة توسيع الجمهور المستهدف وتوحيد صفوف المستهلكين على فكرة واحد، وهي الارتقاء بالذوق الأدبي لهم وتشجيعهم على التعرف على الأصوات المميزة. وقال المدير التنفيذي لـ”رواة”، نحن نُعيد للثقافة العربية أهمية الصوت كوسيلة تعبير عن الفكر والأدب مثلما كانت الخطابة ومجالس الشعراء وأسواق الأدباء في الماضي وسيلة إذاعة للأدب والثقافة. وأكد لـ”العرب” أن جيلا جديدا من الممثلين الإذاعيين ومقدمي البرامج يعرفه الجمهور الآن من خلال المنصات الصوتية، وهو ضرورة ملحة في ظل احتكار إعلاميين وإذاعيين محددين للإذاعات والبرامج الثقافية، ونحن نُتيح الفرصة لهؤلاء لتقديم مواهبهم للجمهور دون حواجز. وفي كل يوم تولد منصات صوتية جديدة، وتتبدل ووسائل ومسارات الحركة الثقافية، وتختبر المجتمعات أدوات مستحدثة وأنظمة أكثر تطورا وتخلص التجارب إلى أن الجديد ليس دائما شرا، والأفكار الشابة أكثر قدرة على التأثير في الناس. مصطفى عبيد

مشاركة :